إيلاف من بيروت: إختار قراء إيلاف مسلسل "غرابيب سود" كأفضل عمل خليجي عرض على الشاشة في رمضان 2017 حيث حظي بنسبة تصويت وصلت الى 25.61%، يليه مسلسل "سيلفي 3" بنسبة 18.9%، وحل في المرتبة الثالثة مسلسل "إقبال يوم أقبلت" بنسبة 12.2%، وجاء مسلسل "رمانة" رابعاً بنسبة 10.37%، أما المرتبة الخامسة فكانت من نصيب مسلسل "كان في كل زمان" بنسبة 9.15%.

أما بقية المسلسلات فتوزعت نسب التصويت بينها كما هو مبين في الرسم البياني أدناه.

غرابيب سود الأهم أم الأفضل؟

 

يعتبر مسلسل "غرابيب سود" من أضخم الإنتاجات العربية لهذا العام، فهو يتسلل إلى داخل تنظيم "داعش" ويرصد حياة أعضائه اليومية. ليكون العمل الأول من نوعه الذي يتناول التنظيم الإرهابي بكل تفاصيله الداخلية، وما يجري به من تجنيد للنساء والأطفال.

العمل من تأليف لين فارس، وبطولة من مصر سيد رجب، دينا، سمر علام، ورامز أمير، ومن سوريا محمد الأحمد، ومن السعودية راشد الشمرانى، يعقوب الفرحان، مروة محمد، وأسيل عمران، ويستعين المسلسل من العراق بالممثل عزيز خيون، ومن الكويت مرام البلوشى، سارة محمد، ومنى شداد، ومن تونس فاطمة ناصر، وأيمن مبروك، ومن لبنان جو طراد، وليزا دبس، ويحمل توقيع 3 مخرجين، حسام الرنتيسى حسين شوكت وعادل أديب.

ويتابع المسلسل على مدار 20 حلقة مجموعة من المنظمين الجدد لتنظيم داعش، كل له أسبابه، وأغلبها لا علاقة لها بالعقيدة أو الهدف الذي يروج له التنظيم، فإحداهن قتلت زوجها لأنه ينام مع الخادمة وهربت بولديها خوفاً من العقاب، أوعوانس يبحثن عن أزواج، ابن يهرب من عار أمه الراقصة، الام الراقصة تلحق بإبنها الهارب لتعيده الى مصر، عالم شريعة لحق بإبنته المنظمة للتنظيم ليعيدها لرشدها، جاسوس وجاسوسة يعملان لصالح جهة إستخباراتية غير معلومة بغطاء صحفي، شابين خليجيين يدمنان البلاي ستيشن جاءا بحثاً عن الإثارة، واحدة قتلت زوجها وطفليها لإفتتانها بقائد التنظيم، وربما يكون الطبيب هو الوحيد الذي جاء ليلتحق بحلم دولة الخلافة الإسلامية. ويركز النص كذلك على مجموعة من قيادات التنظيم والحرب الخفية التي تدور بينهم ودافعها السلطة والنفوذ والمال.

 كما يعرج العمل على الحياة في المدن التي ترزح تحت حكم التنظيم، وأحوال الأسرى الأزيديين، وإستخدامهم في تجارة الأعضاء لتمويل عمليات داعش عندما تشح الموارد الأخرى.

مع بدء عرضه حظي بإشادة الجمهور، لكنه واجه العديد من الانتقادات لاحقاً كان أبرزها كان التناول السطحي لقضية بمثل هذه الأهمية.

إلا أن عدداً من المشاركين في المسلسل ردوا على هذه الإنتقادات بحجة أن هذا النوع من الأعمال هو واجب على كل فنان أن يتحمل مسؤولية توعية الناس لخطر الارهاب!!!. وكأن أهمية الموضوع الذي يطرحه العمل سب كاف لغفران نقاط ضعفه الفنية. 

السيناريو:

أبرز نقاط الضعف هو سيناريو لين فارس الذي بدا مشتتاً، يتنقل بتخبط من شخصية لأخرى، أحيانا بلا سياق واضح. فالبناء الدرامي مفقود في النص لأنه مجرد تجميع لمشاهد معلوكة إخبارياً نقرأ عنها ونشاهدها منذ سنوات بدون منطق واضح، لا توجد حكاية واحدة لها بداية ونهاية، قصص الأبطال مبعثرة ومبتورة، والمونتاج زاد السرد سوءاً. فهو عمل أراد أن يقول كل شيء لكنه ضاع في التفاصيل. 

لغة ركيكة

كما أن لغة النص عدا عن كونها ركيكة، كانت متخبطة هي الأخرى فتارة نجد الحوار بالعربية الفصحى وفجأة يتحول الى كوكتيل من لهجات شخوصه، في البداية اعتقدنا بأن الفصحى يتحدث بها الأجانب والعامية يتحدث بها العرب لكن سرعان ما تبدد هذا الإعتقاد.

 

ما العبرة من الحكاية؟

والسؤال الذي يطرح نفسه بشكل متكرر مع كل حلقة: من يخاطب هذا العمل؟

إذا كان يخاطب الدواعش أو المتأثرين بفكرهم ليردهم الى الصواب، فبالتأكيد أخفق تماماً لأنه اكتفى بنقل الصورة المطبوعة أساسا في ذهن المشاهد عنهم بانهم وحوش، عبيد للجنس والمال وشهوة السلطة، فاسدون بلا عقيدة، اغبياء يسهل اختراقهم وخداعهم. وما تجاهل المسلسل ذكره ان نسبة كبيرة من مقاتلي داعش يؤمنون تماماً بأنهم يمثلون الإسلام الحق وبأنهم ينشؤون دولة الخلافة وأن دوافعم للإنضمام للتنظيم دينية بحتة، وأن المؤسسات الدينية سواء في مصر والخليج لا تتصدى لهذا الفكر كما يجب، ولم يجروء العمل على نقدها صراحة.

فأغفل مناقشة كيف نشأ هذا التنظيم؟ ما هو الفكر الديني الذي استند له في تجنيد عناصره وما هو مصدره؟ من هم اللاعبين الحقيقيين على الارض؟ اي اجهزة مخابراتية تديره وايها تقاتله؟ ولماذا؟

الإخراج

جودة المشاهد متذبذبة في العمل الذي يعتبر الاضخم إنتاجياً وتصدى لإخراجه 3 مخرجين، والنتيجة جاءت أقل بكثير من مستوى التوقعات، خصوصاً في مشاهد التفجير والمؤثرات الخاصة، وكانت الاسقف المنهارة على رؤوس التنظيم بعد غارة جوية عبارة عن قطع فلين مدهونة وتقشر الدهان عن اطرافها، وصوت الاحتكاك بها في ميكروفونات الابطال واضحاً بأنه ليس صوت احتكاك بقطعة كونكريت مسلح.

 

الأداء

 

تمكن بعض أبطال العمل من إستغلال خبرتهم في إنجاح الشخصيات التي يقدمونها رغم ركاكة النص، وكان أبرزهم قائد التنظيم الممثل السوري محمد الأحمد وعشيقته الممثلة التونسية فاطمة ناصر، ومفتي داعش الذي قام بدوره الفنان المصري القدير سيد رجب، وجو طراد بدور عميل المخابرات الذي نجح في إختراق التنظيم.
بينما لم يخدم النص بعض الشخصيات كيعقوب الفرحان مثلاً فلو حذف دوره بالكامل لما تأثر العمل مطلقاً ومثله كثر.

 

أوقف عرضه أم إنتهى؟

على غير العادة والمتوقع والمعلن انتهى العمل بلا نهاية في الحلقة 20 مما أثار لغطاً كبيراً في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الإجتماعي وتعددت الأسباب التي قيل انها كانت سبباً في هذا التوقف المفاجيء، فالبعض ارجع ذلك لظهور مقاتلين يحملون جوازات خليجية، منها جوازا الكويت وقطر، وهو ما أثار استياء عدد من السياسيين والمتابعين الذين رأوا في الأمر إساءة وترددت انباء عن نية لمقاضاة المحطة حيث دعا النائب الكويتي جمعان الحربش وعدد من النواب وزارة الخارجية إلى التحرك واتخاذ إجراءات بحق القناة ومكتبها بالكويت بسبب عرضها المسلسل.

وقال اخرون ان تهديدات داعش بتصفية ممثلين ومدراء في المحطة كانت سبب ايقاف عرضه.

وأرجع عدد من المغردين الاردنيين سبب ايقاف المسلسل الى الاستياء من ظهور الطيار الاردني معاذ الكساسبة في المسلسل دون ذكر اسمه، بل ظهر تلميحاً في الحلقة 18، كطيار يستعد لقصف داعش وظهر العلم الاردني على كتفه.

بالإضافة للمنتقدين الذين صنفوا المسلسل على أنه تشويه للمرأة المسلمة بوصفها تبحث عن الجنس حتى وإن كان في أوكار "داعش".

 

نفي مقابل

من جهتها نفت محطة MBC في بيان ما تردد عن وقف المسلسل وأكد البيان بأن عدد الحلقات من البداية 20 وسيليه وثائقي من خمس حلقات ليرد على اتهامات بأن بعض شخصيات المسلسل غير واقعية. وما تبقى من الشهر سيعرض فيه مسلسل عمر الذي سبق للمحطة إنتاجه.

كما نفى النجم السوري محمد الأحمد ما تردّد، في بعض وسائل الإعلام، عن أن مسلسل " غرابيب سود " قد تم ايقافه مؤكداً بأن العمل بالفعل انتهى، وكل ما صور ُرض على الشاشة، ولا صحة لما يقال عن وجود أكثر من عشرين حلقة."