إيلاف من بيروت: إذا كانت الموسيقى هي واحدة من النعم التي جعلها الله في خلقه، تصدح في خرير المياه وحفيف الأوراق وزقزقة العصافير...، فهي حبّ في المطلق.
ولأن المحبّة ترتوي من ينبوعها ما فوق، مدّ يده إليها ميشال فاضل، صافحها، ودعاها إلى النزول معه إلى مسرح، شهد للمرة الأولى في لبنان وعلى امتداد الشرق الأوسط تزاوجاً مدهشاً خلاباً آسراً، لا بل ملائكيّاً، ما بين عزف مبدع على أوتار تناجي خالقها وبين احتفالية أضواء نادرة وغير مسبوقة، رفعت حبّها للبنان بالقلب والكلمة عنواناً خلاباً ملوّناً وصارخاً.
هو باختصار، الحفل الختاميّ ل "مهرجانات جونيه الدوليّة" الذي رعاه المهندس نعمة افرام، في فعالياتها لهذا الصيف ضمن النسخة السابعة التي فاقت في نجاحها كل التوقّعات، والذي قدّمته الإعلاميّة جويس عقيقي.
فعلى مدى أكثر من ساعة كاملة مملوءة بالشغف والسحر، أجاد الفنّان اللاّمع ميشال فاضل مع مجموعة من العازفين من على مدارج المهرجان في إحداث رفقة صافية ما بين الجوّ والبرّ والبحر في تفاعلات لنوتّات خياليّة، ما خلق دون أدنى شك جوّاً من الدهشة في التقاط سحر اللحظة بالعيون والآذان.
وعند تمام العاشرة والنصف مساء، انتقل فاضل إلى أعلى المدرّجات وعلى تماس مع الحضور، ليعلن بالموسيقى وفي عزفٍ ممنهجٍ انطلاقة حفل الأنوار المذهل، حيث أضفى بألحانه المميّزة رونقاً واثارةً على الحدث من خلال أنغامه المتنوعة، في أمسية حاكت الأمواج وخطفت القلوب.
ففي أناقة لامتناهية، وفي لمسة سلبت الأنظار في إبهارها، رفعت لجنة "مهرجانات جونيه الدوليّة" حبّها للمدينة وللبنانيين والزائرين وحبّها للوطن، في أبهى وأعمق ما يمكن للحبّ أن يحمل من صور. Lebanon… love lebanon انرسمت في الجو ناحية الكازينو لتنطلق بعدها القلوب مرتفعة والانوار من 38 نقطة ما بين البحر والبرّ. 
وزاد من وقع اللحظة تأثيراً، نقل وقائع الحدث بالبثّ الحيّ إلى منازل اللبنانيين المقيمين منهم والمنتشرين، وتمركز مئات الألاف من المواطنين والسياح متجمّعين حول خليج جونيه والتلال المحيطة لمشاهدة " الشعلة".
وكان أظهر فاضل بعد انتهاء حفل إطلاق المفرقعات وحتى قرابة منتصف الليل، براعة استثنائية من خلال عزفه المحّبب وموهبته الموسيقيّة النادرة التي نادت الجيل الشاب، كما الكبار والصغار، عبر مزج إستثنائي للموسيقى التقليديّة والالكترونية.
مفاجأة الختام
هذا ولم ترغب اللجنة المنظّمة للمهرجان أن تختتم عرضها الخلاقّ المتناغم مع الموسيقى والمؤثرات الصوتيّة دون جعل مفهوم الفرح جامعاً، فكان أن أعلن الاعلامي ماجد بو هدير باسمها عن اقتطاع ما يوازي قيمة ثلاثة دقائق ونصف من الألعاب النارية لصالح الأطفال الذين يعانون من الأمراض المستعصية لدى Children Cancer Center، الأمر الذي لاقى استحسان الحاضرين وتصفيقهم الطويل لهذه اللفتة النبيلة.
وشكر بوهدير الحضور وفاضل والمهندس نعمة افرام ولجنة المهرجانات وشركة ICE والداعمين من رسميين ومؤسسات خاصة والقوى العسكريّة والأمنيّة على سهرهم، مثنياً على الجهد والالتزام وتحدّي المخاطر وعلى التنظيم الرائع وروحيّة المغامرة ومواجهة كل العراقيل. وشدّد على رساليّة الاحتراف والابداع المحمولة من خلال المهرجان، إذ ان الاحتراف والابداع وحدهما يليقان بجونيه وبلبنان. 
عمليّاً، هي هذه الرسالة بالتحديد التي نجحت لجنة" مهرجانات جونيه الدوليّة" في تظهيرها، صورة لبنان المتجدّد، وهي تستحق الثناء والشكر والتقدير.