"إيلاف" من بيروت: خطف الموت فجأة الفنان اللبناني الكبير نهاد طربيه الذي رحل إثر هبوطٍ حاد في الضغط بُعيد وصوله إلى العاصمة الفرنسية باريس قادماً من مسقط رأسه بلدة صوفر في جبل لبنان. حيث أمضى عطلته القصيرة مع العائلة، فكانت رحلته الوداعية للأهل في ربوع الوطن.


ويُعد "طربيه"- الذي فارق الحياة عن عمر 69 سنة- أحد الحبيبات الأخيرة بعنقود الفن من الزمن الجميل الذي خسر معظم مبدعيه تباعاً عبر السنين. حيث أنه اشتهر بخامته الصوتية الجبلية الجهورة وبأغنياته الطربية الراسخة، كما عُرِفَ بأغنيات الراحل الكبير الموسيقار فريد الأطرش الذي كان صديق عائلته. ولقد مُنح العديد من الأوسمة والألقاب لنجاحه اللامع بأداء أعماله. الأمر الذي دفعه لتسجيل العديد من أغنياته بصوته. لكنه قرر لاحقاً البحث عن هويته الفنية الخاصة، فأطلق أعمالاً مميزة منها "أنا فلاح وأبويا فلاح" و"بدنا نتجوز عالعيد"، وكوكتيل "زفة العروس"، "يا أميرة يا بنت الأمراء"، "عليها جوز عيون"، "مشوار الحياة"، "تريد تروح وتنسانا"، "القمر مسافر" و"حبيبي" لبليغ حمدي و"طيب جداً" لشاكر الموجي و"بحبك" لرياض النبك. 


عُرِفَ ببراعته بالعزف على آلة العود، وتعددت الألوان الغنائية التي قدمها رغم تركيزه على الطرب الشعبي. فوالده كان شاعراً وله مؤلفات عدة منها "معلقة الحياة" من أربعمائة بيت شعر وكتاب بعنوان "أيائل الصحراء". ولقد غنّى له من أعماله المعروفة "والله يجمعنا والصبر جميل" و"مال الهوى ومالي". وقدّم أيضاً اللون المصري والبدوي مثل "وينا زينة"، "بعز الليل"، "تريد تروح وتنسانا"، و"وين الخيل" و"عابوابكم دقيت"، "وردة ليكم"، و"النبي تضحكي".


جمعته صداقة وطيدة بكبار الفنانين والشعراء والملحنين. وأثنى على موهبته الموسيقار فريد الأطرش ومطرب الأجيال محمد عبد الوهاب الذي وصفه بـ"الزميل"، ووديع الصافي، وجورج يزبك الذي لحن العديد من أغنياته. كما قدّم أغنية للموسيقار الجزائري نوبلي فاضل بعنوان "رد لي يا قلبي".


نال عدة تكريمات وأوسمة وشارك بعدة برامج هواة، ولقد كرمته لجنة رواد الشرق على مسيرته الفنية في العام 2011. ولمع نجمه في السبعينيات والثمانيات من القرن الماضي. لكنه ابتعد عن الفن لفترة بسبب ظروف الحرب الأهلية القاهرة، ثم لاحقاً بسبب الأزمات الصحية المتتالية التي ألمت به. حيث أنه عانى من أزمة قلبية وداء السكري في سنواته الأخيرة.

يُذكر أنه متزوج وله ابنة اسمها ياسمين، وكان يعيش في العاصمة الفرنسية منذ الثمانينات، ولقد فارق الحياة في باريس التي أحبها وعاش فيها سنوات عمره الجميلة. علماً أن عائلته صُدمت بموته المفاجئ وبدأت بإجراءات نقل جثمانه إلى الوطن، حيث سيتم تشييعه في بلدته صوفر ليوارى الثرى في مدافن العائلة.