«إيلاف» من الرباط: بشرى خالد، ممثلة ومطربة مغربية، تتميز بخامة صوتية مذهلة و كاريزما خاصة وحضور ملفت، فضلا عن موهبتها في التمثيل، تحرص دائما على تقديم الأعمال الجيدة والمميزة لجمهورها المغربي المتذوق للفن الجميل والهادف.

استطاعت خالد إثبات ذاتها بشكل واضح في المجال الفني من خلال إطلاق العديد من الأغاني الخاصة بها، والمشاركة في أدوار تمثيلية بصمت مسيرتها كفنانة طموحة و مثابرة، تحدت العراقيل وصنعت اسمها بخطى ثابتة. شاركت في مجموعة من الحفلات الفنية والسهرات الغنائية على صعيد المملكة، وخارجها، لتترك صدى طيبا في نفوس محبيها من مختلف الفئات العمرية.

تتميز بتلقائية في الحديث بعيدا عن التصنع والغرور، فهي تؤمن أن البساطة والابتسامة والكلمة الطيبة جواز سفر لقلوب الجمهور المغربي خاصة و العربي عموما.

"إيلاف المغرب" التقتها و عادت بحوار تناولت من خلاله مسارها وأسباب انتقالها لمصر ، والعراقيل التي تواجه الفنانين المغاربة، إضافة إلى رؤيتها لواقع الأغنية المغربية في الوقت الراهن.

وفي ما يلي نص الحوار.

هاجرت الى مصر، وقدمت أعمالا غنائية باللهجة المصرية، ثم عدت مجددا للاستقرار بالمغرب، لماذا هذا الاختيار في الوقت الذي أصبح فيه بمقدور العديد من الفنانين المغاربة فرض موهبتهم بأداء أغاني مغربية دون الحاجة للهجرة لدول الشرق الأوسط أو الخليج بحثا عن الشهرة والانتشار الواسع، فضلا عن احتلال الأغنية المغربية لمكانة جيدة حاليا؟

لا أعتبرها هجرة، لا سيما أنني حصلت على فرص في بداية مشواري الفني من أجل الهجرة والاستقرار بالمشرق من أجل صناعة اسم لي هناك ، و إثبات موهبتي كفنانة مغربية شابة، لكنني كنت أقابلها بالرفض، فطموحي تمثل في إثبات نفسي فنيا في بلدي المغرب، على الرغم من وجود صعوبات وإكراهات حينها، إلا أنني نجحت في كسب الرهان، حينما بدأت مع النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة من خلال مشاركتي في مهرجان خاص بالأغنية الدينية بالدار البيضاء، و توجت بالمرتبة الأولى، و شاركت لاحقا في الملحمة الوطنية"الله على المغرب"، لكن أهم محطة فنية بالنسبة لي كانت غنائي إلى جانب المطربة الكبيرة ميادة الحناوي، أثناء تكريمها بالمغرب، و شاركت سنة 2013 في فعاليات مهرجان موازين، واشتغلت في أعمال تمثيلية، منها على سبيل المثال المسلسل التلفزيوني"دموع الرجال". هي إذن محطة ومرحلة جديدة في مساري الفني بهدف تحقيق انتشار أوسع على المستوى العربي.

الانتقال لمصر من أجل القيام بأعمال فنية كان بمحض الصدفة، توصلت بدعوة من أجل تكريمي عن مجمل الأعمال التي قمت بها في المغرب، و هو الحفل الذي شهد مشاركة أسماء أدبية و فنية وازنة من مصر و لبنان والإمارات وإيران، قمت بأداء وصلة غنائية في حفل التكريم، وهناك تواصل معي منتجون مصريون بعدما سمعوا صوتي وأعجبوا بموهبتي الفنية، على أساس إنجاز أغاني مصرية، وهو ما تم فعليا من خلال إنتاج شركة Egy one لـ8 أغاني، تم التعامل من خلالها مع مبدعين سواء في مجال الكلمات و اللحن والتوزيع وتصوير الفيديو كليبات.

هل تعتقدين أنها تجربة موفقة؟ خاصة أن الأغاني لم تلقى انتشارا واسعا، بحيث كانت تعرض على قناتين معينتين ولم تكن لك لقاءات أو مشاركات مكثفة في القنوات المصرية والعربية عموما؟

لم يتم تسويقهم في المغرب بعد، الألبوم سجل حديثا ولم يتم تجميع الأغاني كلها، عملنا على إطلاقها بشكل تدريجي، بحيث صورتهم على طريقة الفيديو كليب في مصر وعدت بعدها للمغرب لظروف عائلية، تمت استضافتي في بعض القنوات المصرية، ولم أتمكن من المرور في أخرى، حيث كان لزاما علي الرجوع من أجل قضاء العيد رفقة عائلتي وقضاء أكبر وقت ممكن معهم، والجدير بالذكر أنني اعتذرت عن مشاريع فنية مغربية من مسلسلات ومهرجانات من اجل إتمام الألبوم بشكل كلي، لكني حامل حاليا، وليس بمقدروي السفر الى مصر في الوقت الحالي. الأمور كلها جاهزة بقي فقط مسألة تسويق الألبوم كما ذكرت.

أنت ممثلة و مطربة، تغنين العديد من الأشكال الفنية من طرب وراي و شكوري فضلا عن الأداء بلهجات مختلفة، أين تجدين نفسك اكثر ؟

أميل إلى الأغنية الطربية، و هو ما اتضح منذ الطفولة و بالتحديد في سن السابعة، حينما كنت أحرص على أداء الأغاني الملتزمة، خاصة أغاني مارسيل خليفة وتلك التي تعنى بالقضية الفلسطينية، لكن ذلك لا يمنع إتقاني لمختلف الأنماط الغنائية، بما فيها فن الراي، بشهادة العديد من الفنانين والعاملين بالمجال.

توجدين حاليا بالمغرب، لكنك غائبة عن الساحة الفنية في الفترة الأخيرة، ما السبب وراء ذلك؟

الحمل هو سبب ابتعادي جزئيا عن الساحة الفنية لفترة مؤقتة، من أجل الحصول على قدر من الراحة، لكنني لست غائبة، فأنا حاضرة من خلال العمل الجمعوي، لفائدة جمعيات مغربية ودولية، وسأحضر قريبا لأغنيتين "سينجل"، إحداهما بمدينة وجدة، والثانية باللهجة المصرية، تحت عنوان"جامد كيك"، وأعد جمهوري أنني سأعود بقوة، بانطلاقة مختلفة وحضور أقوى، لأغاني جديدة باللهجة المغربية و المصرية وغيرها.

 يعتبرك البعض جريئة من خلال الإطلالات التي تختارينها وطريقة ظهورك في الفيديو كليبات خاصة تلك التي تم تصويرها خارج المغرب؟ كيف تنظرين الى هذه المسألة؟

بالعكس، لا أعتقد أنني جريئة في الإطلالات التي أختارها، أحرص على أن تكون خطواتي مدروسة، من خلال تجنب القيام بأشياء قد تبدو جريئة، وأتدخل في الفيديو كليبات التي أظهر بها، حيث أناقش المخرج في رؤيته للعمل وطريقة ظهوري به، الجرأة تكون في حدود احترام الذوق العام للجمهور، و في نطاق حبكة وفكرة الكليب، وكذا الأزياء وطريقة الماكياج.

تتمتعين بشخصية قوية وحضور ملفت، و هو ما يظهر بشكل واضح من خلال الأدوار التي تجسدينها خاصة مشاركتك في الفيلم المغربي"غرام وانتقام" لعبد الكريم الدرقاوي، الذي يعالج موضوع العنف ضد النساء وزواج القاصرات، أين تكمن نقطة الضعف لديك؟

تواضعي يراه البعض نقطة ضعف، و أعتبره قوة، يجعلني قريبة من الجمهور الذي أكن له كل محبة وتقدير ويبادلني نفس الشعور، ربما تكمن نقطة الضعف لدي في العصبية، لكنني لا أبالغ في عصبيتي، فأنا أجد نفسي في حالة قلق و تفكير حينما يتعلق الأمر بعائلتي ومسيرتي الفنية.

عالم الفن مليء بالإشاعات . ما هي أكثر إشاعة تعرضت لها وضايقتك كثيرا؟

لا أعير انتباها للإشاعات، هناك أخبار كاذبة يتناقلها البعض، من قبيل أنني تعرضت لحادثة سير أو أقدمت على الانتحار.أبرز إشاعة تعرضت لها وجرى تداولها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانت حول ارتدائي لفستان فاضح في إحدى الحلقات الخاصة ببرنامج "تغريدة" الذي يبث على القناة الأولى المغربية، و هو الخبر الذي لم يكن له أي أساس من الصحة، خاصة بعد نزول مقطع الفيديو المحذوف الذي يبين أن الهندام كان عاديا وغير ملفت ولا يخدش الحياء كما تردد.

ما السبب برأيك حول حذف مشاركتك في حلقة"تغريدة" وربط ذلك بكون الفستان لم يكن مناسبا للظهور أمام شاشة التلفزيون؟

تبقى يوم واحد فقط على بث الحلقة لأفاجأ بالقائمين على البرنامج يتصلون بي ليخبروني بأنهم قاموا بحذف مروري و غنائي خلالها، بسبب الفستان الذي ارتديته حينها، هو عذر أقبح من ذنب، المسألة تهم ما أصبحنا نعانيه من محسوبية وزبونية في الوسط الفني بالمغرب، حاولوا تجاهل حضوري لأنني ظهرت بصورة مشعة، تقدموا باعتذار لي عقب هذه الحادثة، و أرادوا تحضير حلقة خاصة بي، لكن مدير أعمالي نصحني بعدم القبول.

و هنا لا يفوتني أن أشير إلى أن الإكراهات التي توجد فنيا وتتمثل في المحسوبية والزبونية كما ذكرت سابقا كانت من ضمن الأسباب التي جعلتني أقبل الانتقال الى مصر من أجل القيام بأعمال فنية هناك، بسبب ما شعرت به من إحباط بسبب القنوات والإعلام.

تتميزين بصوت طربي متميز وكاريزما فنية خاصة، لكنك غير حاضرة بالشكل الكافي على الساحة المغربية والعربية عموما، أين يكمن الخلل وما الذي ينقصك لتصبحي نجمة؟

المشكل عموما لا يوجد في الفنان المغربي، فنحن لدينا أصوات رهيبة وطاقات كبيرة، إذا ما تناولنا مسألة الاستمرارية، فهي رهينة بوجود Manager مدير أعمال للفنان، وشركة إنتاج تدعمه، وهي الأمور التي بإمكانها إيصال الفنان المغربي للعالمية وليس فقط النجومية عربيا.

شخصيا، أشتغل بمفردي، بدعم من زوجي الذي يعمل طبيبا جراحا للأسنان ورغم بعده عن المجال الفني، إلا أنه يقف بجانبي في جميع خطواتي الفنية، إضافة إلى أصدقائي المقربين من مبدعين وشعراء وملحنين آمنوا بموهبتي وساندوني خلال مشواري.

ما هي المشاكل التي تعترض الفنان المغربي حاليا؟

الفنان المغربي يعاني من عدة إكراهات، منها غياب شركات الإنتاج،والمحسوبية والزبونية. وهنا أتساءل عن السبب الحقيقي وراء تغييب المبدعين المغاربة و الأصوات المهمة من طرف القنوات العمومية، هل المسألة تتعلق بتجاهل مقصود ومدروس؟ هل هي خطة متبعة في هذا الإطار؟ خاصة اننا نعاين نفس الوجوه التي يتكرر حضورها في اللقاءات والمهرجانات، وبالتالي أضحى من الضروري منح فرص للفنانين الذين يتم تغييبهم قسرا. هناك لوبي يعمل على تغييبي إلى جانب العديد من الفنانين. بالنسبة لي، أبذل مجهودا خاصا من أجل الحفاظ على مكانتي و التواصل مع الجمهور، كنت أملك مركزا للتجميل، وتخليت عنه من أجل الاستثمار في المجال الفني، لكن الاستثمار ماديا في الفن يثقل كاهل الفنان، علما أنه مسؤول عن بيت وأطفال وعائلة.وزارة الثقافة والجهات المعنية بالقطاع عليها إدراج استراتيجية خاصة من أجل النهوض بالفن والفنانين في البلاد.

كيف ترين واقع ومستقبل الأغنية المغربية خاصة أن العديد من العاملين بالميدان يثنون عليها باعتبارها تمكنت من فرض نفسها كلهجة مستقلة إلى جانب لهجات عربية أخرى؟

الأغنية المغربية لم تجد بعد الفرصة المواتية للانتشار، صحيح أنها انتشرت عربيا لكن ليس بالشكل المطلوب، كما هو الحال بالنسبة للأغنية المصرية والخليجية، الفنان سعد المجرد قام بمجهود كبير من أجل التعريف بها عربيا، إلى جانب الموزعين الموسيقيين الذين قاموا بمجهود مضاعف، لكنها لم تحصل على المكانة التي تستحقها بسبب هذا اللوبي الذي يروج للمحسوبية، و ظهور أصوات تافهة لا ترقى للمستوى المطلوب، في مقابل تهميش الإبداع الحقيقي.