كيف سيكون مصير واينستين؟

يواجه المنتج السينمائي المشهور، هارفي واينستين، اتهاما بالاغتصاب وعدة اتهامات أخرى بالاعتداء الجنسي بعد أن سلم نفسه للسلطات الأمريكية.

وجاءت الاتهامات الرسمية في أعقاب ظهور سلسلة من الاتهامات التي وجهتها العشرات من النساء للمنتج الهوليودي بالإساءة إليهن جنسيا، وذلك رغم اقتصار الإدعاء الرسمي بهذه الممارسات على اثنتين من المدعيات فقط، هما الممثلة المعتزلة لوشيا إيفانز التي صرح محاميها باسمها في القضية بينما لا تزال المدعية الأخرى غير معروفة لوسائل الإعلام.

ونفى واينستين الاتهامات الموجة إليه بممارسة الجنس قسريا وسط توقعات بتبرئته مما نُسب إليه في الفترة الأخيرة.

ورحبت المدعيات بالتطورات الجديدة على صعيد التحقيقات مع هارفي واينستين، أبرزهن الممثلة روز ماكغوان التي أشادت بتوجيه الاتهامات للمنتج السينمائي، واصفة ما حدث بأنه "لحظة هامة" في حياتها.

ورغم سيل الاتهامات بالاعتداءات الجنسية التي حاصرت واينستين في الفترة الأخيرة والتغطية الإعلامية الهائلة للفضيحة، تعد هذه هي المرة الأولى التي يوجه إليه فيها اتهام رسمي.

لذلك يُعد التطور الجديد بداية لفصل جديد من القصة، وقد تشهد الأحداث تحولا من مجرد إدانته من قبل الرأي العام إلى اتهامه بموجب قانون قضائي.

وقال بيان صادر عن إدارة الشرطة في نيويورك: "جاء الاعتقال وتوجيه الاتهامات رسميا نتيجة للتحقيقات المشتركة بين إدارة الشرطة في نيويورك والمحامي العام في مانهاتن."

ويواجه واينستين عقوبة السجن مدة قد تصل إلى 25 سنة حال ثبوت إدانته في الاتهامات الموجهة إليه بالاغتصاب أو ارتكاب جناية جنسية.

وقال المحامي، بنجامين برافمان، الذي يمثل المتهم أمام جهات التحقيق، إن موكله سيحصل على البراءة من جميع الاتهامات الموجهة إليه.

هل من الممكن أن يواجه واينستين المزيد من الاتهامات؟

قد يواجه وانستين مزيدا من الاتهامات، إذ يستمر التحقيق في مزاعم الاعتداءات الجنسية بمعرفة المحامي العام في مانهاتن الذي أشار إليه بيان إدارة شرطة نيويورك، ما يشير إلى إمكانية الكشف عن أدلة جديدة.

في غضون ذلك، تحقق الشرطة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية وبريطانيا في مزاعم إساءة جنسية، وهو ما قد ينتج عنه المزيد من الاتهامات الرسمية.

وقالت شرطة لندن إن "واينستين متهم بالاعتداء على ثلاث نساء في أحداث منفصلة في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، وعام 1992، و2010، و2011، 2015."

متى سيمثل واينستين أمام المحكمة؟

لم يتضح بعد متى يمكن أن يحدث ذلك، فهناك هيئة محلفين كبرى تنظر في الوقت الراهن ما إذا كانت الأدلة المتوافرة تكفي لتوجيه الاتهام رسميا لواينستين أمام المحكمة.

وحتى تتوصل هيئة المحلفين لهذا القرار، هناك صلاحيات تخولها إصدار مذكرات استدعاء البعض للشهادة وتقديم المستندات ذات الصلة بالقضية.

ما هي هيئة المحلفين الكبرى الأمريكية؟

هيئة المحلفين من بين صلاحياتها استجواب الشهود الذين لا يسمح لهم بتوكيل محامين للحضور نيابة عنهم.

ويجب أن تتخذ الهيئة قرارا بتوجيه الاتهام رسميا لواينستين خلال ستة أشهر، لكن ذلك يعني أن المحاكمة في هذه الحالة قد تبدأ بعد عام كامل.

كيف يمكن للدفاع أن يتعامل مع القضية؟

في 2011، ترافع بين برافمان، محامي واينستين الحالي، عن الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان في المحاكمة التي خضع لها في اتهامات باعتداء جنسي، وهي القضية التي تمكن فيها برافمان من تبرئة موكله.

واستند دفاع برافمان عن ستراوس كان في 2011 إلى ضرب مصداقية المدعية، وهي استراتيجية لا يشيع استخدامها إذ تعتمد على تفنيد أقوال المدعي والمدعى عليه سعيا وراء إثبات التناقض.

وتسائل برافمان أمام وسائل إعلام عن سر عدم رفع المدعيات قضايا على واينستين في وقت سابق، ما يرجح أنه سوف يستخدم نفس المنهجية التي اتبعها في الدفاع عن الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي في هذه القضية.

وأضاف: "مضى وقت طويل على الكثير من هذه الإدعاءات، وهي مزاعم يتضح جليا أنها تتعلق بأحداث وقعت منذ سنوات طويلة. ولم تكن هناك بلاغات قدمت للشرطة وقت حدوث هذه الوقائع المزعومة. وأعتقد أنه لن يصدق أحد هؤلاء النسوة، حال تطور الإجراءات إلى استجوابهن."

وحال نجاح منهجية الدفاع التي قد يتبناها برافمان في تبرئة واينستين، وهو أمر غير مؤكد حتى الآن، من الممكن أن يؤثر ذلك سلبا على حركة "أنا أيضا" (Me Too#)، وقد يؤدي أيضا إلى أن ينطوي توجيه أي اتهامات جديدة لواينستين على قدر أكبر من المخاطرة.

وأوضح محامي واينستين أمام المحكمة، الجمعة الماضية، أن الحركة من بين العوامل التي فكر فيها. وقال إن النساء اللاتي تتهمن موكله لن يصدقهن أحد، وذلك "على فرض أننا عثرنا على 12 شخصا يتمتعون بالنزاهة ولم يتأثروا بالحركة التي يبدو أنها تهيمن على هذه القضية."

ماذا عن الإدعاء؟

قد يلجأ الإدعاء في هذه القضية إلى النظر في إحدى القضايا المشابهة التي صدر فيها حكم محكمة في الفترة الأخيرة مثل قضية بل كوسبي.

وكما هو الحال بالنسبة لواينستين، زعم عدد كبير من النساء أن كوسبي وجه إليهن إساءة جنسية، لكن واحدة منهن فقط كانت موضوع القضية التي قدمته للمحاكمة.

وفي القضية الأولى التي حوكم فيها كوسبي، والتي حصل فيها على البراءة، سمح القاضي لمدعية أخرى تزعم أن لديها حكاية مشابهة مع كوسبي للشهادة في قضية المدعية كونستاند المعروفة باسم "أحداث مشينة سابقة"، وهو قرار القاضي الذي جاء دون أن يكون للأحداث التي روتها الشاهدة علاقة بالقضية.

لكن في إعادة محاكمة نجم الكوميديا، وهو القرار الذي أثار جدلا واسع النطاق، كانت شهادة المرأة الأخرى مسوغا للإدعاء لترجيح أن الإساءة الجنسية التي أقدم عليها كوسبي في حق كونستاند كانت جزءا من إطار سلوكي ينتهجه كوسبي.

وإذا حاول الإدعاء في قضية واينستين أن يثبت للمحكمة أن المدعيتين ما هما إلا اثنتين من نساء كثيرات لهن القصة نفسها مع المتهم، فذلك سيعزز فرص إدانة واينستين.

ماذا يواجه واينستين الآن؟

أُطلق سراح واينستين بكفالة مالية بقيمة مليون دولار، كما وافق على ارتداء جهاز تتبع مع مصادرة جواز السفر الخاص به.

ومن المقرر أن يمثل منتج هوليود المشهور أمام المحكمة في 30 يوليو/ تموز المقبل للوقوف على قرار هيئة المحلفين الموسعة بتوجيه الاتهام إليه أو إنهاء إجراءات التقاضي.