الرباط: ترأست الأميرة للا حسناء، الجمعة، بفاس، حفل افتتاح الدورة الـ 24 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، المنظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، تحت شعار "معارف الأسلاف وتجديد مدينة فاس".

وتابعت الأميرة للا حسناء، بالمنصة الرسمية، عرضاً افتتاحياً، بمثابة مقاربة شعرية وموسيقية كبرى للعلاقة المميزة القائمة في فاس المغربية بين المعمار والصناعة التقليدية والفرق الصوفية والحرف اليدوية.

وتتواصل فقرات المهرجان إلى غاية 30 يونيو الجاري، ببرمجة غنية تربط بين موروث حرفي فريد تعد ركيزته الأساسية المعطى الروحي والإبداع المعاصر الذي يفتح الباب أمام آفاق جد واعدة.

وتروم دورة هذه السنة العمل على استدامة روح المدينة، بفضل التقاطعات الموجودة بين مختلف العادات الثقافية التي تشكل بوتقة تاريخ المغرب، ولكن أيضا الحرفية التي تعد أصل النسيج الاجتماعي الذي يؤلفها.

كما يتطلع المهرجان، الذي يشكل رمزا للحوار بين الأديان والثقافات، إلى تحفيز التفكير، والدعوة إلى التبادل وطرح التساؤلات الضرورية في عالم يعيش تحولات اقتصادية، سياسية واجتماعية.

ويندرج مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة ومنتداه، الذين تم إحداثهما على التوالي سنتي 1994 و2001، في إطار التقليد المعرفي، الفني والروحي للمدينة. فمنذ خروجه إلى حيز الوجود، عرف هذا الموعد نجاحاً متنامياً، حيث صنف المهرجان سنة 2001 من طرف الأمم المتحدة كواحد من التظاهرات الهامة التي تساهم في حوار الحضارات.

ويقول عبد الرفيع زويتن، رئيس مؤسسة المهرجان، إن التظاهرة تساهم منذ أربعة وعشرين سنة في "الحوار بين المقدس عبر منتداه الأسطوري وبين إبراز الفنون والموسيقى"، مشددا على أن المهرجان "بتجسيده لرمز حوار الأديان والثقافات يرفع من درجات التأمل محفزاً على التبادل وطرح الأسئلة الضرورية في عالم متغير اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً".

ويرى زويتن أن مهرجان فاس يعكس صورتها. وزاد قائلا" الدخول عبر أبوابها هو وسيلة لتغمر نفسك في تقاليد الألفية، وقيم التسامح والروحانية. الأجيال تعبر أمامك على مر القرون، لكن المدينة حافظت على استمرارية روحها، وذلك بفضل تشعبات التقاليد الثقافية المختلفة التي تشكل بوتقة تاريخ المغرب، ولكن أيضاً بكل ما له صلة بالصناعة الحرفية التي توجد وراء النسيج الاجتماعي وتتعاقب الأجيال عبر الزمن لكن روح المدينة تبقى أزلية بفضل التفرعات المصونة بين التقاليد والثقافات المختلفة العميقة في تاريخ المغرب لكن أيضاً بفضل صناعاتها التقليدية التي تعبر عن أصل النسيج الاجتماعي الذي يشكلها. وهذه القدرة على إبراز تراثها الصناعي الوطني والذي هو غني خاصة بفاس سمح للمغرب كسب إشعاع عالمي من دون منازع".

وأوضح زويتن أن دورة هذه السنة من المهرجان ستربط "بين التراث الصناعي الاستثنائي الذي سيبقى حجره الأساسي الروحانية وبين الإبداع المعاصر مانحاً آفاقاً جد واعدة، من خلال برمجة موسيقية لأكثر من عشرين دولة"، فيما سيعرف المنتدى، الذي سيقام بالتوازي، مشاركة باحثين وكتاب وفلاسفة، سيبرزون روح التسامح والتعايش من خلال الفنون والموسيقى.

ويشكل المهرجان، الذي يعرف مشاركة موسيقيين ومنشدين من أفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا، بحسب منظميه، فرصة فريدة للاستماع إلى هؤلاء الفنانين في "أماكن أسطورية": ساحة باب الماكينة وساحة بوجلود، الحديقة الجناحية جنان السبيل أو القصور الفخمة، التي تبدو خارج سياق الزمن مثل دار عديل ودار التازي.