"إيلاف" من بيروت: أذهل العرض المبهر لفرقة رقص الفلامينكو على مسرح مهرجانات بيت الدين الحضور مترجماً رؤية الراقص الإسباني الراحل أنطونيو غاديس الذي أجاب حين سُئِل لماذا ترقص؟ بأن "الرقص ليس الخطوة التي تسمعون وقعها بل هو ما نعيشه بين الخطوات".&
وما بين خطوات راقصي هذه الفرقة وعازفيها والمغنينين فيها يقف الإبداع شاهداً على اختمار خبرتهم في ميدان التعبير المسرحي المتكامل بلغة الجسد من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين. فالجمهور الذي&كان مشدوداً على إيقاع خطواتهم التي تداعب الأرض بسيمفونية تدمج التعبير الجسدي بلغةٍ أدبية صامتة، قد قرأ بأدائهم على وقع الغيتار رواية "عرس الدم" للشاعر الإسباني الكبير فيديريكو غارسيا لوركا، وشهد على إبداع&أنطونيو غاديس بتصممه لهذه الرقصات المنسجمة بفن&الإضاءة المتقن، وبنصٍ أعده ألفريدو مانياس خصيصاً ليلائم الباليه.
فمأساة "عرس الدم" تُرجِمَت&بحركة أجسادٍ موسقت الكلمات المتناغمة مع تعابير وجوه تحاكي قلب فتاة مكسورٍ بحبها لرجلٍ متزوج وزوجة ملتاعة من ألم خيانته، ووالدة تعجز عن ردع ابنها الذي ينتفض لكرامته بعد هرب عروسه مع عشيقها بليلة الزفاف، فيقرر أن يلحق بالعاشقين المتمردين على ضوابط المجتمع ليواجه غريمه في معركة سكاكين دموية بمشهدية متقنة انتهت&بدموع سيدة تراقب موت الزوج والحبيب.

مقامات شرقية
والملفت حقاً أن الجمهور&على غفلة انسجامه قد انجذب&لمواويلٍ تكاد تنطق بـ"هيهات يا بو الزلف" و"ميجانا"وموشحات عربية. فالموسيقى الرائعة التي وضعها كل من إميليو دي دييغو، آي مي سومبريرو، بيريللو إي مونريال، رومبا وفيلبي كومبوزانو، تحاكي المقامات الشرقية لتعيد إلى الذاكرة الترابط بين الفن الإسباني والعربي في الزمن الأندلسي.

"Suite Flamenca"
&بين الجبهات المقطبة تأثراً وانبساط الأسارير، أُسدل الستار على وقع التصفيق الطويل، ليبدأ الراقصون بعدها باستعراضاتهم الغنائية الراقصة بين بسمة ولهفة ودمعة وحزن وتحدٍ وصبر في&مشهدياتٍ متعددة وأزياء راقية بتعددية ألوانها، وحراك متسق بين ثلاثين راقصاً وراقصة يتمايلون كسجدٍ واحد مصفقين في انسجامٍ لا يحدّه الا إتقان يتجسّد بعروض &"Suite Flamenca".

ايريز
"أنطونيو غاديس كان يعتبر خطوات الراقص كمداعبة مزارع القمح لأرضه. وكان يوصي الراقصين بالمداعبة لا بالدوس على الأرض حتى يقطفوا القمح بدلاً من إتلافه". هكذاعرّفت&عنه أرملته&يوجينيا ايريز التي أنشأت بعد رحيله هذه المؤسسة للرقص لتبقيه حياً عبر تقديم أعماله في جميع أنحاء العالم. وأضافت أن&"رقص الفلامينكو يختصر الحضارات المتراكمة للفن الإسباني الذي يواكب تراث الشعب&ومدارس الرقص عبر العصور". مشيرة إلى أن أعمال ورقصات "غاديس كانت حين انطلقت توصف بالأعمال الثائرة ولم تُفهم على عمقها في الزمن البعيد، لكنها الآن أصبحت بتكاملها كالتحف التراثية حول العالم".وقالت أن&ثقافة الشعب الإسباني ملهمة، ولقد أراد غاديس أن يشارك العالم بهذه الثقافة بلغة الرقص العالمية العابرة للحدود لتحاكي هموم وهواجس الإنسان المشتركة في كل بقاع الأرض. ونحن عبر مدرسته نريد أن نختصر المسافات بين الشعوب بلغة تعزز الترابط البشري وتقرب المفاهيم عبر الفن، الرقص، الموسيقى والحب.

غاديس
يُذكر أن الفنان الراحل أنطونيو غاديس ولد&في نوفمبر من العام &1936&بقرية إلدا في محافظة اليكانتي. وهو ابن عائلة من العمال الجمهوريين عاشت&في مدريد. ولقد&بدأ بمهنته في الرقص الإفرادي في العام 1963، وتم تشكيل الرقصات تدريجياً إلى أن أصبحت متتالية الفلامنكو بعد خمسة أعوام. وهي تتألف من ثماني قطع من رقصات الفلامينكو التقليدية التي يقدمها غاديس من وجهة نظره الخاصة.
التصوير الفوتوغرافي&لمهرجانات بيت الدين & & & &
فرقة أنطونيو غاديس لرقص الفلامينكو في بيت الدين& &
&