تمثل محطات الوقود في العراق تهديداً مباشراً على صحة العاملين فيها ومصدر خطر جدي على المواطنين والبيئة المجاورة.

وسيم باسم من بغداد: يحذر خبراء بيئة من إخلال محطات تعبئة الوقود في العراق بشروط البيئة النظيفة ، حيث تعد تلك المحطات المنتشرة في عموم المدن أكثر المحطات تلوثا في العالم ، واقلها التزاما بمتطلبات السلامة .
وتشير تخمينات الى أن العراق يستهلك نحو ما يزيد عن ثمانية ملايين لتر يوميا في موسم الشتاء، وستة عشر مليونا في موسم الصيف.

متطلبات البيئة

محطة وقود عراقية

ويقول المهندس في بلدية بابل محمد موسى أن اغلب محطات الوقود في العراق شُيّدت من دون الأخذ بنظر الاعتبار المتطلبات البيئية .
ويضيف: منذ التسعينيات سمحت الدولة بالاستثمار في قطاع بيع الوقود ، حيث بنيت على أيدي غير متخصصة ، محطات أهلية ، لا تحتوي على فلاتر التخلص من الوقود الفاسد والدهون، كما انها لا تخضع في الغالب لتقييم بيئي سنوي ، وإذا ما فحصت شروط السلامة فأنها في الكثير ن الحالات إجراءات روتينية لا تخلو من المجاملة والرشوة وصور الفساد المختلفة.

وتجاوزت اكثر المحطات في العراق عمرها الافتراضي لاسيما خزانات الوقود بحكم التقادم ، مما يزيد من أخطار نشوب الحرائق والتسرب النفطي الى البيئة المجاورة .
وفي مدينة مثل كربلاء فان اغلب محطات البنزين لم يتم استبدال خزاناتها منذ أمد طويل . وينطبق الاستنتاج على المحطات في المدن الاخرى .
ويدير ابو حسن على طريق الحلة ndash; ديوانية محطة وقود أهلية صغيرة تخلو من شروط السلامة.

فعلى الارض يمكن للمرء ان ينزلق من جراء بقع الدهون المسكوبة المختلطة برائحة البنزين . وفي ركن من المحطة تلمح أوعية رمال وضعت لغرض إطفاء الحرائق لكنها تكلست بسبب عدم استبدالها منذ فترة طويلة ، كما ان اغلب قناني الإطفاء الصغيرة لا تعمل حيث علاها الصدأ وتراكمت فوقها الأتربة .

الأبخرة الضارة
وفي موسم الصوت حيث ترتفع درجات الحرارة لن يكون بإمكان المرء أن يصمد بوجه تصاعد الأبخرة الضارة المتطايرة من الوقود المنسكب .
والملاحظ ان اغلب المحطات على الطرق الخارجية تفتقد تماما الى إلية التخلص من المخلفات .
ويتحدث المهندس موسى عن مخاطر التلوث البيئي لهذه المحطات على النباتات والحيوانات لاسيما وان استهلاك الوقود في العراق يتضاعف بشكل مضطرد مع ازدياد وسائل النقل على الطرقات .
ومع استهلاك العراقيين لملايين البراميل من الوقود ، تصبح الحاجة ملحة للوقوف على النتائج التي يسببها الاختلال بشروط البيئة على الانسان والحيوان على حد سواء.

مادة الرصاص
ويمثل التهديد الاكبر للبيئة في العراق اليوم ، البنزين الرديء ، لما له من انعكاسات سلبية على المحيط لإفرازه الغازات السامة بسبب عدم احتراقه الكامل وعدم مطابقته للمواصفات العالمية.
يقول المهندس الكيمياوي سالم عبيد ان وجود كميات كبيرة من مادة الرصاص السامة يترك آثارا سلبية على الآلة و الإنسان معا .
وبحسب عبيد فان البنزين بالمواصفات المطلوبة يطيل من عمر المحركات ، ويفرز تأثيرات سلبية اقل في المحيط .

وتمثل البراميل والأوعية في الشوارع لدى باعة البنزين المتجولين عبئا كبيرا على البيئة .
ففي عام 2009 أحترق صبيان يبيعان البنزين على الطريق الرئيس الرابط بين الحلة والديوانية بعدما فجرت شرارة البراميل .
و لا يتردد اكثر من مواطن من التأكيد على انهم يشترون بنزينا مخلوطا بالماء من بعض المحطات ، مما تسبب في اتلاف الكثير من المحركات.
وليس في محطات التعبئة تقنية يمكنك من خلالها التحقق من جودة البنزين .

ويعتقد بعض سائقي السيارات ان المصافي المحلية تنتج بنزينا غير نقي ، ولا يمكن التأكد من صحة هذا الاعتقاد في كل الأحوال .
ويقول كامل صافي وهو سائق صهريج وقود ان البنزين المستورد من ايطاليا وهولندا وفرنسا وإيران هو الأكثر جودة .
وغالبا ما تضع الدول شروطا وتتبع تقنيات للحد من تأثيرات الرصاص المتولد من المحركات.
ولعل اهم مشكلة واجهت محطات التعبئة في السنين الأخيرة ، طوابير السيارات مع اشتداد وطأة الصيف، وارتفاع أسعار البنزين في السوق السوداء.
وبحسب مرتضى الجشعمي مدير إعلام وزارة النفط فان فحوصات مستمرة تجرى على البنزين، لقياس كميات الرصاص في الوقود حيث اثبتت النتائج ان مستوياتها مقبولة.

حاجة يومية
وفي دول كثيرة لم تعد هناك حاجة لخلط البنزين بمادة الرصاص بعد توفر مواد أخرى تحسن البنزين ولا ينتج عنها تأثيرات سلبية على البيئة .
وبينما لا تلعب محطات التعبئة دورا مباشرا في حياة المواطن في دول اخرى عدا تعبئة سيارته بالوقود ، فان محطة البنزين اصبحت بالنسبة للمواطن العراقي حاجة يومية، بل صار لها مكانة اجتماعية واقتصادية كبيرة ، بعدما ازدادت الحاجة الى النفط الأبيض لأغراض التدفئة والطبخ ، كما يقصد المواطن المحطة للحصول على وقود المولدات الكهربائية.