قام مجهولون في شرقي الجزائر، بإتلاف بساتين من شجر العرعار البخاري التي يزيد عمرها عن القرن، وهو نبات نادر له العديد من الفوائد والإستعمالات.


الجزائر: أفادت مراجع محلية لــquot;إيلافquot; إنّ شجر العرعار المترامي على مستوى منطقة الأوراس (430 كلم شرق العاصمة) تعرّض إلى التخريب، حيث قامت مجموعة مجهولة بإشعال النيران في شجر عريق، ما تسبب بأضرار بليغة، في حين نفت الجهات الرسمية علمها أصلا بالحادث.

ويصف حيدر، أحد أهالي المنطقة، الحادث بأنه: quot;التشظي بعينه، في حياتي لم أرى هكذا إجرام ضدّ الطبيعةquot;.

ويوضح إنّه مع أترابه شوقي، عادل ووليد وجمع من المواطنين سعوا جاهدين لإنقاذ شجر العرعار الذي بات مهددا بالزوال إذا ما تكررت مثل هذه السلوكيات الغير مبررة.

ومن جهته، يصف الناشط البيئي محمد صالحي quot;الجريمة المُرتكبة بـالمجانية التي تمت أثناء غياب السكان المحليين عن بساتينهم في أقصى جنوب سلسلة جبال الأوراس، وهو معطى استغله الجناة في التنكيل بموروث طبيعي له قيمته الكبيرة ورمزيته التاريخيةquot;.

ويشير متخصصون إلى أنّ quot;التكالبquot; على شجر العرعار ازداد حدة خلال الخمسة أشهر الأخيرة، أسفين للإهمال الذي يتعرض له الشجر المذكور، quot;ما عبّد الطريق أمام النهب والإتلاف وتهديم تراث طبيعي نباتي وحتى حيوانيquot;.

وينحدر شجر العرعار البخاري (يُطلق عليه أيضا العرعر)، من أصول إفريقية شمالية (الجزائر- المغرب- تونس)، كما يتوزع أيضا على دول جنوب غرب أوروبا (فرنسا- اسبانيا- البرتغال وسردينيا)، مثلما يسجّل حضور هذه الشجرة أيضا في الهند وبالأخص في منطقة لاداخ.

وينتشر نبات العرعار وشجيراته الدائمة الخضرة في أغلب المناطق الباردة بشمال الجزائر.

ويشير الأستاذ فريد مسيخ إلى كون العرعار فيه الذكر والأنثى، ويتكاثر من خلال تناول ذئاب أو ثعالب لحباته الناضجة ذات اللون الأحمر وذات الطعم الحلو، حيث تخرج النواة في مخلفات هذه الحيوانات مهيّأة للنمو.
ويعتبر مسيخ هذه الطريقة مثلى لتكاثر هذا النوع من الأشجار، خصوصا وأنّ العُصارات التي تتوفر عليها الحيوانات كفيلة بتليين قوقعة النواة الصلبة أكثر، وجعلها طرّية قابلة للانتعاش.

فوائد العرعار

وتتباهى الأوساط الشعبية في الجزائر بفضائل العرعار المحلي، ويشير كل من الحبيب، بشير وسليمان، إلى الاعتماد المكثف على هذا النبات في مجال تسقيف المنازل ودباغة الجلود.

في حين يشير كل من محفوظ، مهدي وحسان بمزايا العرعار كمشروب لذيذ يُقبل السكن المحليون على استهلاكه بكميات كبيرة تبعا لنكهته الخاصة، فضلا عن توظيف مستخلصات العرعار في التداوي، بحكم فوائده استنادا إلى شهادات ممارسي الطب التقليدي، على صعيد إزالة آلام البطن الناتجة عن التسمم الغذائي، وكذا أوجاع الصدر والغازات المعوية والسعال والسل الرئوي وضيق الرحم، ناهيك عن التطهير من البكتيريا.

ويلفت يحيى وجلول ورشيد إلى استعمال العرعار في صناعة القطران الجيد الذي يخصص للعلاج تداوي من بعض الأمراض الجلدية كالجرب الذي يصيب الحيوانات، وكذلك بعض الجروح البكتيرية التي تصيب الإنسان كما يستعمل كمهدىء لآلام اللثة والأسنان والتهاب القولون.

ويشرح كل من عثمان وبلقاسم إلى أنّ العامة من الناس تعودوا على استعمال القطران في الماء بغض النظر أكان من الصنوبر أو من العرعار لأنه في اعتقادهم لا فرق بينهما من حيث الذوق.

وتبيّن أم الحسين أنّه كلما حل فصل الصيف، يجري استعمال مسحوق أوراق العرعار لتلطيف حرارة الجسم، ولا يزال بعض الناس يستخدمون أوراق العرعار بعد سحقها ومزجها بالماء لتبريد أجسام الرضع في المناطق الحارة، كما تطلي به النساء فروات رؤوسهن حال تعرضهنّ لضربات شمس.

كما تستخدم ربات البيوت العرعار كمعقم للأواني التي يتم فيها تخمير الحليب، وخصوصا أواني الفخار والقرب الجلدية المستعملة في القرى والأرياف لخض اللبن وتطييبه برائحة العرعار الزكية.

وينبه كل من عبد الغني، جمال وعباس وهم من أبناء محافظة المسيلة (330 كلم شرق العاصمة) المعروفة بكونها عاصمة العرعار، إلى إفراط مواطنيهم في استهلاك العرعار أسهم في تدهور الغطاء النباتي بشكل ملحوظ.

وبدوره يرى الأستاذ فضيل براهيمي بأنّ الفرصة مواتية لتثمين أشجار العرعار وإعادة الاعتبار لها، مع استغلالها بعقلانية أكبر في سائر مجالات الحياة.