إنجاز علميّ في زراعة الأعضاء يهزّ العالم
زرع قصبة هوائية مع خلق عضو جزئيًا من الخلايا الجذعية


محمد حامد ndash; إيلاف : في إنجاز علمي غير مسبوق إستطاع الأطباء أن يجروا بنجاح أول عملية زرع قصبة هوائية في العالم لشابة باستخدام عضو تم خلقه جزئيًا من خلاياها الجذعية في عملية تطوير يعتقد العلماء أنها سوف تكون تحولاً في مستقبل الجراحة. ووفق ما ذكرته الصحف البريطانية فقد قام الجراحون باستبدال جزء من القصبة الهوائية للمريضة كلوديا كاستيلو التي أصيبت وتلفت نتيجة الإصابة بمرض السل، دون الحصول على عضو من متبرع حيث تم خلق هذا الجزء من خلاياها الجذعية.

لمتابعة فيديو الجراحة يمكنك الضغط هنا

ولأن جسم كلوديا يستطيع التعرف إلى خلاياه الموجودة في العضو الذي تم تركيبه فإنها لم تكن في حاجة إلى تعاطي أدوية شديدة من أجل مقاومة جهازها المناعي، على العكس مرضى عمليات زرع الأعضاء والأنسجة الآخرين. وقد زادت تلك التقنية من أمل زراعة الأعضاء للمرضى الذين تضررت وأصيبت أعضاؤهم من مرض السرطان والذين لا يمكنهم تناول الأدوية التي قد تزيد من خطورة عودة أصابتهم بالسرطان مرة أخرى.

وقد قال البروفيسور مارتن بيرشال، من جامعة بريستول، الذي أجرى عملية هندسة الخلية الجذعية، في تصريحات نقلتها quot;الغارديانquot; بأنه سيكون ممكنًا في القريب العاجل خلق عدد من الأعضاء يمكن زرعها في أجسام المرضى والتي لن ترفضها تلك الأجسام لكونها تتكون من خلايا الأجسام نفسها التي ستزرع فيها. وخلال عشرين عامًا، سوف تكون تلك هي الجراحة الأكثر شيوعًا.
وقد نشر بحث اليوم يصف عملية تعاون هامة تضم مجموعة من أطباء ثلاث دول: أسبانيا، والمملكة المتحدة وإيطاليا. وفي البحث يقول المؤلفون: نعتقد أن هذا يمثل حجر الزاوية ونأمل أن يفتح الباب أمام عملية زراعة آمنة مستقبلية للقصبة الهوائية لدى الكباروالصغار على السواء. ونأمل ألا يعاني المرضى في المستقبل من فقدان قدرتهم على التحدث أو نقص في التنفس أو ممارسة الأنشطة الاجتماعية.



وقد تم تحويل كاستيلو، 30 عامًا، إلى المستشفى الطبي، بجامعة برشلونة، لأن مرض السل قد ألحق ضررًا بالقصبة الهوائية لديها. وتم إصلاح القصبة الهوائية بوساطة عملية جراحية، ولكنه لم يكن ممكنًا إزالة الضرر من الشعبة الهوائية التي تصل بين القصبة الهوائية الرئيسة والرئة اليسرى. وقد أوصى الأطباء بعملية جراحة للقصبة الهوائية لأن تعاطي المريض طوال حياته للأدوية التي قد تجعله عرضة للإصابة بأمراضأخرى. وكان الاختيار الأمثل لشخص في حالة مثل حالة كاستيلو هو استئصال الرئة اليسرى والتي قد تساعدها على استعادة صحتها ولكن تعجل بانتهاء حياتها.

الخلايا الجذعية

ومن خلال التجارب التي أجريت على الحيوانات قام البروفيسور باولو ماتشيارينيبهذه العملية عليها والتي لم تطبق على البشر من قبل. حيث قال لقد رأينا أن هندسة النسيج هي الحل الأمثل لهذه السيدة. وقد أخذت قطعة من قصبة هوائية مأخوذة من متبرع وتمت معالجتها من أجل إزالة كل المادة الخلوية التي قد يرفضها جسم كاستيلو. وتم أخذ الخلايا الجذعية من فخذها وأعيدت زراعتها بوساطة باحثين من جامعة بريستول حتى أصبحت تلك الخلايا جاهزة للتحول إلى الغضروف الذي سينمو حول القصبة الهوائية من الخارج.
كما تمأخذ خلايا أخرى من الغشاء المخاطي الموجود حول الشعبة الهوائية التي تربط قصبتها الهوائية الرئيسة برئتها اليسرى. وتمت معالجة هذه الخلايا بوساطة فريق آخر من جامعة بريستول من أجل زراعتها داخل الجزء الجديد من الشعبة الهوائية. ثم قام علماء جامعة ميلان ببناء متفاعل حيوي من أجل تعزيز نمو خلايا الغشاء المخاطي والغضروف. وأجريت هذه الجراحة بتاريخ 12 يونيو كما قال ماتشياريني بأنه أثناء إجرائه لتلك الجراحة كان يسأل نفسه هل ما يفعله هو الصواب، فقد كان خائفًا جدًا من النتيجة. فإذا كانت النتائج سيئة، فإنه سيتم استئصال رئتها. ولكن بعد مرور خمسة أشهر، بدت كاستيلو بخير ولم تكن هناك أي علامة على رفض جسمها لعملية الزرع.

إن الجهد الذي يشارك فيه علماء من ثلاث دول يعد جهدًا مكلفًا، ولكن العلماء كانوا واثقين بأن التكاليف سوف تنخفض وأن تلك التقنية سوف تساعد آلاف الأشخاص خلال السنوات القادمة. وقد قال البروفيسور أنطوني هولاندر من جامعة بريستول إن الفكرة هي إيجاد طرق لإجراء عملية كشط النسيج اللازم. ولكن مستشفى برشلونة وفرت الكثير على كاستيلو حيث كانت تخضع للعناية المركزة مرتين في الأسبوع بتكلفة قدرها 3 آلاف جنيه إسترليني في اليوم خلال الثلاث سنوات الماضية.
كما ذكر البروفيسور بيرشال بأن هناك حوالى 270 مريض في المملكة المتحدة يمكنهم أن يستفيدوا من عملية زراعة الشعبة الهوائية التي يتم تخليقها باستخدام عملية هندسة النسيج. ولكنه يعتقد أنه سوف يكون في الإمكان استخدام تلك التقنية في جميع عمليات زراعة الأعضاء.