جدل محتدم في بلد تشهد معدلات الإيدز فيه إرتفاعًا مقلقًا
29 ألف جزائري مصابون بداء فقدان المناعة المكتسبة

كامل الشيرازي من الجزائر: نقلت مراجع إعلامية جزائرية، عن رئيس جمعية مرضى الإيدز هناك، قوله إنّ عدد مواطنيه الذين أصيبوا بداء فقدان المناعة هناك، يزيد عن 29 ألف شخص، وهو رقم كبير مقارنة بما أوردته بيانات رسمية نشرت حديثًا، وجاء فيها أنّ عدد المصابين بفقدان المناعة المكتسبة، بلغ 878 شخصًا بينهم 282 شخصًا توفوا، في حين بلغ عدد الحاملين للفيروس 3416 شخصًا خلال الفترة الممتدة بين 1985 و30 أكتوبر/تشرين الأول 2008.

ولاحظ رئيس جمعية quot;ايدز الجزائرquot; عادل زدام، quot;تقدم محسوسquot; للإصابة بالإيدز، بالنظر إلى تنوع حالات الإصابة بهذا الداء الخطر، وأرجع المسؤول ذاته ضآلة الوعاء العام لمرضى الإيدز رسميًا، بسيطرة عامل quot;التكتم والسريةquot; على الموضوع، واستمراره كأحد الطابوهات، وتفضيل وزارة الصحة الجزائرية إعطاء أرقام بناءً على المرضى الذين كانت لهم الشجاعة للتصريح بإصابتهم، بينما يلوذ كثيرون بالصمت، وهم يشكلون فئة ليست بالقليلة في المجتمع المحلي.

وخلافًا للاعتقاد السائد في الجزائر، يؤكد أطباء أنّ حاملي الإيدز لم يمارسوا بالضرورة علاقات جنسية غير شرعية، بل إنّ كثيرًا منهم مارسوا الجنس ضمن مؤسسة الزواج، لكن حمل أحد الشريكين للفيروس أسهم في انتقاله، تمامًا مثل كثيرين من انتقل إليهم هذا الورم الخبيث عن طريق الحقن بدماء ملوثة، ويقدّر جمهور الأطباء في الجزائر، أنّ الأرقام المعطاة حول داء السيدا في الجزائر، بعيدة عن الحقيقة، في غياب ما يسمونه quot;إستراتيجية الكشف الطوعيquot;، ويشيرون إلى أنّ هناك عملاً كبيرًا منتظرًا لمكافحة الداء الفتّاك، على الرغم من امتلاك الجزائر لتجربة رائدة في مجال معالجة المصابين بداء الإيدز.

ولا يزال التباين بشأن مرضى السيدا في الجزائر، قائمًا، فعلى الرغم من تأكيد أكثر من طرف رسمي وغير رسمي على وجوب إزالة الهالة التي يصطنعها الكثير لدى خوضهم في انتشار الإيدز، إلا أنّ الطابع نفسه بقي مسيطرًا وألقى بظلاله على حقيقة إجمالي حاملي الفيروس في بلد، تشهد معدلات الايدز فيه ارتفاعًا مقلقًا على مدار السنوات الأخيرة، لا سيما في المناطق التي تستوعب أعدادًا هائلة من الأفارقة على غرار ولاية تمنراست (3200 كلم جنوب الجزائر).

وتذهب quot;سامية لوناسquot; منسقة البرنامج المشترك للأمم المتحدة لمكافحة السيدا في الجزائر، إلى حتمية تعزيز التوعية والوقاية وحتى العلاج، مشيرة إلى أن العلاج النفسي الذي يشارك فيه المرضى أنفسهم، حيث يتخذون كوسائط مهمة، لكن المفارقة كامنة بحسبها في توفر الأدوية المضادة للإيدز بمناطق الشمال أكثر من الجنوب، على الرغم من أنّ الداء منتشر بشكل رهيب بالجهات الجنوبية أكثر من نظيرتها الشمالية.

ويقول الاختصاصي بدر الدين مريود لـ quot;إيلافquot;، بضرورة ضمان العلاج المتساوي لكافة المرضى، وتمكينهم من الحصول على الدواء بحسب وضعياتهم الاجتماعية الخاصة، تبعًا لارتفاع تكلفته في الأسواق المحلية، في حين يلاحظ مختصون أنّ دولاً عربية وأخرى مغاربية على غرار الجزائر، مصر، ليبيا، المغرب وتونس، لا تتوفر على قوانين وتشريعات تحمي ''الأشخاص المصابين بداء السيدا'' من الناحية الأخلاقية، بما يكفل ضمان كرامتهم، وحمايتهم ضدّ أي تمييز، احتكامًا لما يترتب عن رفض مجتمعاتهم لإصابات هؤلاء، واكتفائها بدور الحاضن الاقتصادي بدل الراعي النفساني.

في سياق متصل، قال وزير التربية الجزائرية أبو بكر بن بوزيد، إنّ بلاده تجاوزت العديد من الطابوهات في مجال تحسيس المواطنين حول مخاطر مرض الايدز، وأوضح بن بوزيد أنّ قطاع التربية الذي يشمل عددًا كبيرًا من السكان (8 ملايين تلميذ) يؤدي دورًا رئيسًا في عملية التحسيس حول مخاطر السيدا، كما اعتبر الوزير أنّه من quot;الخطأquot; القول بأنّ الجزائر ليست معنية بهذا الوباء، مضيفًا أنّ الفيروس منتشر ويتطلب المزيد من الجهود في إطار التحسيس قصد الشروع في مكافحته فور بروز أعراض المرض، بينما ثمنت quot;لطيفة رمكيquot; منسقة برنامج الصندوق العالمي لمكافحة فقدان المناعة المكتسبة، طريقة عمل السلطات في مواجهتها للداء بطريقة quot;فعالةquot; من أجل الحد منه، في صورة إنشاء 60 مركزًا طبيًا للتشخيص الإرادي، و7 مراكز جاهزة للمعالجة.