نجح فريق من الباحثين الأميركيين في التوصل إلى علاج جيني جديد يحارب ضمور العضلات وتكمن فاعليته في زيادة حجم وقوة الانسجة العضلية، وتبين أن الأسلوب العلاجي الجديد الذي توصل إليه الباحثون من خلال الدراسة التي أجروها أخيرًا على مجموعة من القردة في جامعة ولاية أوهايو، ويُعدِّل تنظيم الجسم الطبيعي لنمو العضلات، أنه يحظى كذلك بتأثيرات طويلة الأمد على كتلة العضلة ودرجة تناغمها.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في واحدة من أحدث الكشوفات العلاجية، نجح فريق من الباحثين الأميركيين في التوصل الى علاج جيني جديد يمكنه من معالجة الاضطرابات العصبية والعضلية، والتي من أشهرها ضمور العضلات، بعمله على زيادة حجم وقوة الأنسجة العضلية. وقد تبين أن الأسلوب العلاجي الجديد الذي توصل إليه الباحثون من خلال الدراسة التي أجروها أخيرًا على مجموعة من القردة في جامعة ولاية أوهايو، ويُعدِّل تنظيم الجسم الطبيعي لنمو العضلات، أنه يحظى كذلك بتأثيرات طويلة الأمد على كتلة العضلة ودرجة تناغمها.

في غضون ذلك، يلفت الباحثون إلى أن الأسلوب الجديد لم يُظهِر أي آثار جانبية سلبية واضحة، مشيرين إلى أنه من المتوقع أن التجارب السريرية تبدأ خلال العام المقبل. وقالوا إنه إذا ما أظهرت التجارب البشرية نتائج مماثلة، فسيمكن تحويل التقنية إلى علاجات لمجموعة من أمراض الهزال العضلي. وتنقل صحيفة التايمز اللندنية في هذا الشأن عن البروفيسور جيري مينديل، اختصاصي في أمراض العضلات في جامعة ولاية أوهايو والمؤلف المشارك في الدراسة، قوله :quot; إن كان بوسعنا تحسين قوة العضلات، فبمقدورنا أن نُحدِث فارقًا في حياة هؤلاء المرضىquot;. وتشير الصحيفة في الوقت ذاته إلى أن التقنية الجديدة تعمل من خلال التلاعب في طريقة عمل بروتين طبيعي يُطلق عليه quot;ميوستاتينquot;، يقوم بتنظيم عملية نمو العضلات.

وهنا، يوضح الباحثون بإشارتهم إلى أن بروتين quot;ميوستاتينquot; لا يكون موجودًا تقريبًا خلال مرحلتي الرضاعة والطفولة، حيث تكون العضلات في حالة نمو مستمر، لكن بمجرد وصول كتلة العضلات لمستوى مستقر في مرحلة البلوغ، يبدأ البروتين في وقف نمو العضلات. وهنا، تلفت الصحيفة إلى أن الباحثين اكتشفوا بروتينًا ثانيًا يعرف باسم quot;فوليستاتينquot;، يمكنه أن يرتبط ببروتين quot;ميوستاتينquot; ويمنعه من القيام بدوره كمانع لنمو العضلات. وقد تبيّن أنه يمكن إنماء العضلات بوساطة طريقة اصطناعية يتم من خلالها إدخال جين مُفرِز لبروتين quot;فوليستاتينquot; بداخل جسم الإنسان.

وفي الدراسة الجديدة، تلقى ستة قردة ينتمون لفصيلة المكاك العلاج الجيني الجديد في عضلات الفخذ. وقد استعان الباحثون بفيروس خاص بالزكام لحمل جين الفوليستاتين إلى داخل الخلايا العضلية، حيث اندمج في الحمض النووي للخلايا العضلية. وبمجرد أن استقر الجين في مكانه، قام بإفراز بروتين فوليستاتين، الذي مهَّد الطريق لزيادة نمو العضلات. وبعد العلاج، نمت عضلات سيقان القردة نموًا مطردًا، وكَبُرَ محيطها بنسبة 15 % في المتوسط بعد مرور ثمانية أسابيع. وباستخدام التحفيز الكهربائي للعضلات، أظهر الباحثون أن السيقان التي تمت معالجتها كانت أقوى بشكل أوضح أيضًا عن السيقان التي لم تُعَالج. وقد تبين أن الساق المُعالَجة لدى إحدى القردة كانت أقوى بنسبة 78 %. وتم الإبقاء على الحجم والقوة العضلية المُحسَّنة بعد العلاج بخمسة عشر شهرًا ولم يتسببوا في وقوع مشاكل صحية واضحة.

وفي محورذي صلة، تقول الصحيفة إنه في الوقت الذي لم يقدم فيه الأسلوب الجديد علاجًا للحالات الوراثية كضمور العضلات الدوتشين (دي إم دي)، إلا أنه قد يحد من تأثير المرض ويسمح للمرضى باسترداد القدرة على المشي واستخدام أذرعتهم لفترة أطول. من جانبه، وصف البروفيسور دومينيك ويلز، اختصاصي مرض ضمور العضلات الدوتشين في إمبريال كوليدج لندن، تلك النتائج التي أظهرتها الدراسة الحديثة بأنها واعدة للغاية، لكنه شدَّد على حقيقة احتياج المرضى لتناول عقاقير كابتة للمناعة جنبًا إلى جنب مع العلاج الجيني الجديد. وهو ما يمكن أن يمثل مشكلة خاصة لأمراض من نوعية الـ ( دي إم دي )، التي تؤثر على الرئتين وتترك المرضى عرضة للأمراض التنفسية، حيث أوضح دكتور ويلز هنا بقوله :quot; إن لم تقم بمعالجة الخلل الجيني الكامن، فلن تحصل وقتها إلا على قدر أكبر من العضلات الضعيفةquot;.

وتقول ماريتا بوهلسكميدت، مديرة الأبحاث في حملة الضمور العضلي: quot;إن ثبتت فاعلية وأمان العلاج الجديد، فسيمكن الاستعانة بخفض نشاط بروتين ميوستاتين في زيادة القوة العضلية لدى الأشخاص الذين يعانون من طائفة واسعة من الحالات العصبية والعضلية. وأرى أن تلك النتائج، التي ظهرت لدى القردة الأصحاء، هي نتائج مُشجعة وتمثل خطوة إلى الأمام على طريق أخذ هذا النهج العلاجي إلى التجربة السريريةquot;. وعلى الرغم من عدم ظهور أي آثار جانبية خطيرة لهذا الأسلوب العلاجي الجديد، إلا أن البروفيسور ويلز يرى أنه لن يكون جذابًا على الأرجح بالنسبة إلى الرياضيين الذين يرغبون في تحسين أدائهم، لسهولة الكشف عن المستويات المتزايدة لبروتين quot;فوليستاتينquot;.