كتبت وجد عبد النور: من بين صخب الفضائيات والضوضاء الاعلامي الذي يُغّني فيه كلّ على ليلاه، يمضي معظم اصداقائي أوقاتهم في كافيتريا الجامعة خلف شاشات الكومبيوتر المحمول الذي يَحوي على كلّ ماهبّ ودبّ وعرج ... والذي يشكل هوية كل شاب وشابة وميولهما.شاشات يمضي أصحابها الساعات الطوال بين quot;الشاتquot; و quot;الغيمquot; وتحميل الصور واحدث الأفلام من المواقع الالكترونية .
وبما اني أصاب بصداع من جراء الجلوس وقت طويل أمام شاشة تسبب لي تشنجات مذهلة في رقبتي وأناملي فإني أكتفي بزيارة الفيس بوك وبعض المواقع بسرعة وانزوي حاملة قصة لمخائيل نعيمة مما يثير موجة من الضحك بين أقراني من جراء فعل يوصف بالرجعي فيما أوصف بأني فتاة خارجة لتوي من كتاب الآثار !
رجعية انا ومتخلفة اذن ، كيف لا وانا أقرأ كتابًا ورقيًّا !اما صديقاتي فلا يتوانين عن العبث مع بعض الشبان المفترضين ، الذين اذا ما شاءت الظروف وقابلت احدهم فإنه اما يكون انثى شمطاء او كهل متصابي أوعاطل عن العمل ينتظر فرصة الحصول على فتاة كادحة ومادحة تنفق على نفسها عليه وتكفيه شر مصروفها .
بطبيعة الحال لا تجد حامل قصة او متصفح جريدة، ومكتبة الجامعة تحولت بعصا ساحر الى ملاذ آمن صامت لكلّ من أراد التركيز في حديث مع حبيبة وعشيقة ، واذا ما وجدت كتابًا في يد احدهم فإما ان يكون مقررا دراسيا يذاكره الطالب النجيب هربا من صخب بيته الذي لا يعرف الهدوء، او مجلة ترفيهية خفيفة لطيفة لا تسمن ولا تغني عن جوع المعرفة!
هذا هو المشهد ، حقيقة لا ينكرها احد وهي ان عصر قراءة الكتب المطبوعة ولّى فعلا وللشباب اليوم عالمهم ومصادرهم الخاصة للمعلومات فهم ينفرون من كل الخطابات الرنانة والمقالات الكبيرة فهم يريدون معلومة سريعة ومنعشة .
فهل سيتمكن كُتَّاب المستقبل من الايجاز في التعبير وتسريع الايقاع ، وهل الأزمة أزمة قارئ أم أزمة وسيلة القراءة وان كان الشباب لا يرغبون في قراءة الكتب واقتنائها فلماذا تصّر بعض الجهات على حجب الكتب المهمة عن صفحات الانترنت بذرائع شتى ، وماهو مصير آلاف الكتب الورقية التي لا تجد لها قارئًا في عصر رقمي ، ولأن الوقت لا ينتظر أحدا نقول ربما في الغد يكون الأوان قد فات !