لاحت في أفق أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية مؤشرات إيجابية إثر تصريحات النائب ميشال عون أن الحكومة سوف تتألف في غضون أيام قليلة بعد أن تعقدت الأمور بشكل كلي بسبب بروز مطالب غير متوقعة بعد تحقيق اختراق في الوضع الجامد. الا أن توقعات تشير الى صعود الدخان الأبيض قريبًا جدًا بعد موافقة الرئيس المكلف سعد الحريري على اعطاء عون حقيبة الاتصالات شرط ابعاد الوزير جبران باسيل عنها. واعتبر مصدر نيابي اكثري لإيلاف ان الحريري لن ينجر من الآن وصاعدًا، على الرغم من حرصه على مصلحة الوطن.

بيروت: لا يزال لبنان يتقلب بين تفاؤل وتشاؤم حيال احتمالات تأليف الحكومة المنتظرة منذ نحو خمسة أشهر. وفي الساعات الأخيرة مالت المؤشرات إلى توقعات إيجابية في ضوء تصريحات للنائب الجنرال ميشال عون قال فيها إن الحكومة ستتألف قبل انتهاء هذا الأسبوع، الذي ينتهي في لبنان الأحد أي خلال ثلاثة أيام من اليوم. وعززت هذا المنحى، الذي يظل غير نهائي في ضوء التجارب السابقة، معلومات عن قبول عون بوزارتي الزراعة والمهجرين ، إلى جانب وزارتي الإتصالات والطاقة.

وكانت المراوحة قد بدت شبه نهائية في اليوم السابق، وبدا أن القابلة الداخلية عجزت عن توليد حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري بعد تكليفه بعملية تأليفها للمرة الثانية بسبب بروز مطالب غير متوقعة بعد تحقيق كل اختراق في الوضع الجامد، الأمر الذي دفع كثيرين إلى الإعتقاد أن الحكومة لن تتألف بسبب موقف خارجي.

ومع تفعيل وتيرة الاتصالات بين بيت الوسط والرابية توقع كثيرون تصاعد الدخان الابيض إثر موافقة الحريري على اعطاء وزارتي الطاقة والاتصالات للنائب عون، بشرط ألا يبقى صهره الوزير جبران باسيل في حقيبة الاتصالات. وأدخل هذا العرض الذي يحقق الى حد كبير طموح الجنرال عون الحكومة الى غرفة الولادة السريعة، غير ان امرًا مستجدًا اطل برأسه ليحبط الجو التفاؤلي القائم تمثل بنوعية الحقيبتين الأخريين اللتين ستكونان من حصة quot;التيار الوطني الحرquot;. فبعدما وافق عون على ان تكون السياحة حقيبته الثالثة، انتقلت العقدة الى الوزارة الرابعة، ففي ضوء انتزعت الشؤون الاجتماعية منه، لم يرض سيد الرابية بحقيبة الثقافة او الصناعة بديلًا منها مطالبًا بحقيبة الاقتصاد على أساس أنها من وزن لحقيبة الشؤون الاجتماعية.

اين المشكلة بالتحديد؟ سؤال دار في أذهان غالبية اللبنانيين بعد خمسة اشهر من المراوحة وعدم التقدم في عملية التأليف. ربما لم يدر الرئيس المكلّف سعد الحريري انه بمجرد تسميته لتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات ستنهمر عليه مجموعة الشروط والمطالب التي تصب جميعها في بحر quot; حكومة الوحدة الوطنيةquot;. فبعدما عبأت كل من الاكثرية والاقلية جمهورهما قبل الانتخابات النيابية وخلالها وحتى بعدها، لم يعد تنازل اي منهما امرًا مقبولًا من هذا الجمهور وميسرًا. فقوى الرابع عشر من آذار/ مارس ، رفعت منذ البداية شعار quot; حكومة الوحدة الوطنيةquot; انطلاقًا من نتائج الانتخابات النيابية التي حددت اكثرية واقلية في البلاد، حتى شعرت بعد ذلك ان تنازلها عن الـ 16 وزيرًا من أصل ثلاثين، اي عن حقها في الغالبية داخل مجلس الوزراء شكل الصدمة الاولى لجمهورها بعد الانتخابات.

وافق سعد الحريري على مضض على الصيغة التوافقية 15-10-5، مع ثلت معطل للمعارضة اودع في حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. لكنه في المقابل أصر على رفض توزير الخاسرين في الإنتخابات النيابية قاصدًا بذلك صهر الجنرال عون باسيل . وكانت المفاجأة إن عون ذهب إلى الحد الأقصى من المواقف في سبيل توزير باسيل مجددا، متسلحًا بموقف معارض داعم له قوامه quot;حزب اللهquot; وحركة quot;املquot; التي كانت عدلت موقفها من الحريري ولم تسمه خلال الإستشارات الملزمة الثانية بعد اعتذاره.

وصمد سعد الحريري اسبوعين اضافيين في رفض توزير باسيل، لكن موقف رئيس الجمهورية سليمان الذي اعتبر أنquot; رفض توزير الخاسرين ليس دستوريًاquot; دفعه إلى تغيير موقفه والتراجع . وعند ذلك دخل باسيل قلب الاتصالات الحكومية، لكن الرئيس المكلف ظل عند موقفه وهو الرفض القاطع لاعادة توزير باسيل في حقيبة الاتصالات. وامام هذا التشبث لم يحظ العرض الاخير الذي قدمه الحريري الى النائب ميشال عون بموافقة الاخير، وهو قضى بإعطاء كتلة quot;التغيير والاصلاحquot; وزارات الاتصالات والسياحة والمهجرين والثقافة، من غير ان يتولى الوزير باسيل وزارة الاتصالات. واضافة الى الاتصالات . وحيال رفض عون للعرض دخلت حقيبة الطاقة، كعقدة اضافية الى مسلسل العقد، مع انها احتلت المركز الثاني من ناحية الاولوية لجنرال الرابية.

وامام سلسلة العروضات اعتبر مصدر نيابي اكثري لـ quot;إيلافquot; ان الرئيس المكلف لن ينجر من الان وصاعدًا، على الرغم من حرصه على مصلحة الوطن في حكومة وحدة وطنية تسيّر شؤون مواطنيه الى اي تنازل بعد سلسلة التنازلات الاخيرة، والتي كانت كلها تحت دافع الاستعجال في التشكيلquot;. وشدد المصدر الاكثري على أن quot;قوى المعارضة وتحديدًا التيار الوطني الحر تراهن على الوقت لتحقيق مكاسب في الحكومة بعدما خسرت الإنتخابات النيابية، وهي تعول دائمًا على التضحيات التي يقدمها الرئيس المكلّفquot;، موضحًا quot; ان العرض الاخير الذي قدمه الحريري الى الجنرال عون سيكون تطبيقًا للمثل العامي quot; إلحق الكذاب حتى باب دارهquot;، وسيتضح للبنانيين والعالم quot; من يقف وراء العرقلة والتعطيل في انتظار اتضاح صورة المفاوضات حول الملفات الشائكة في المنطقة ومنها الملف النووي الايرانيquot;، مضيفًا quot; ان صمت حزب الله لم يعد مقبولاً بعدما دخل كل من الرئيس نبيه بري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية على خط تسهيل التشكيلquot;. واصفًا الامر بأنه quot; محاولة ابتزاز واضحة من قوى المعارضة توصل الى نتيجة واحدة هي منع تشكيل حكومة الوحدة الوطنيةquot;.