أدلة جديدة تشير إلى تورط حزب الله في قضية إغتيال الحريري

إيلاف من بيروت، وكالات: في تطور مفاجئ ومثير للغاية بشأن نتائج التحقيقات الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، كشفت مجلة دير شبيغيل الألمانية يوم أمس النقاب عن أن المحكمة الخاصة التابعة للأمم المتحدة والمكلفة بتولي مهمة التحقيق في القضية التي شغلت الرأي العام العالمي على مدار أكثر من أربعة أعوام، قد توصلت بالفعل إلى استنتاجات مفاجئة جديدة، لكنها تحيطها بقدر كبير من السرية. وأشارت المجلة إلى أنه ووفقا ً للمعلومات التي تحصلت عليها، فإن المحققين الذين يتولون ملف القضية يعتقدون أن حزب الله هو من كان وراء عملية اغتيال الحريري التي وقعت في الرابع عشر من شهر فبراير عام 2005 أمام ساحة فندق سان جورج في بيروت !

ذكرت صحيفة quot;النهارquot; أنها سعت الى تعليق من quot;حزب اللهquot; على التقرير الذي نشرته صحيفة quot;ديرشبيغلquot; الألمانية حول quot;تورطهquot; بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري فأفادت مصادر إعلامية فيه ان الموضوع هو قيد المتابعة لاتخاذ الموقف المناسب منه.

من جانبها قالت quot;الشرق الأوسطquot; أنها أجرت عددا من الاتصالات، أمس، بجهات في المحكمة الخاصة بلبنان في لايدشندام في هولندا، وبجهات قضائية لبنانية، نفت جميعها تسريب أي معلومات لـquot;دير شبيغلquot;. ورفض مكتب المدعي العام دانيال بلمار التعليق على مضمون التحقيق الجاري.

من جانبه رفض المستشار الإعلامي لرئيس quot;تيار المستقبلquot; هاني حمود التعليق على الانباء الصحافية التي اشارت الى تورط quot;حزب اللهquot; في اغتيال ارئيس رفيق الحريري، مؤكدًا ان التعليق ينحصر بالمعلومات التي تصدر عن المحكمة الخاصة بلبنان. وردًا على سؤال قال حمود quot;لا نعلّق على اي معلومات صحافية او اخرى ما لم تكن المعلومات صادرة عن المحكمة الدولية الخاصةquot;.

وقبل أن تتطرق المجلة للتفاصيل الخاصة بكشفها المثير هذا، أكدت على أن موجات الصدمة التي صاحبت الواقعة قد بدأت في الانتشار بصورة سريعة للغاية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط. وقالت إن العديد من التساؤلات سرعان ما انتشرت وقتها، وكان من بينها: لماذا كان يجب أن يلقى الحريري حتفه ؟ ومن نفذ الهجوم ومن وقف وراءه ؟ وماذا كانوا يأمل منفذوه في تحقيقه سياسياً ؟ - كما أشارت المجلة إلى أن الواقعة ظلت منذ حدوثها مصدراً للتكهنات، فالبعض قال: هل كان تنظيم القاعدة الإرهابي هو من وقف وراء العملية، لغضبه من علاقات الحريري الوطيدة بالأسرة المالكة في السعودية ؟ أم أن الإسرائيليين هم من وقفوا وراءها، كجزء من مجهوداتهم المستمرة لإضعاف الجارة لبنان ؟ أم إنهم الإيرانيون، الذين يكرهون الحريري صاحب التوجهات العلمانية ؟

ثم قالت المجلة انه ومنذ أن بدأت التحقيقات الخاصة بالقضية نهاية العام 2005، على يد ديلتيف ميليس، رئيس فريق الأمم المتحدة الذي كُلف وقتها بالتحقيق في الواقعة، شهدت الآراء تبايناً وكذلك النتائج التي تم التوصل إليها والتي كان من بينها الاشتباه في ضلوع قوات الأمن السورية وضباط لبنانيين بارزين في عملية الاغتيال، ما أدى لاعتقال أربعة ضباط وقتها. وبعدها تعثر سير التحقيقات نوعا ً ما في عهد ممثل الادعاء البلجيكي سيرج براميرتز. إلى أن جاء قرار تأسيس محكمة دولية خاصة تتبع الأمم المتحدة بغرض تغليف ما يتم التوصل إليه من نتائج بقدر كبير من اليقين. وقد بدأت تلك المحكمة أعمالها في الأول من مارس الماضي في هولندا، بميزانية تزيد عن 40 مليون يورو للسنة الأولى فقط، تتحمل الأمم المتحدة 51 % من تلك القيمة، فيما تتحمل بيروت النسبة المتبقية وهي 49 %. وقد ترأس تلك المحكمة ممثل الادعاء الكندي دانييل بيليمار الذي جاء توليه لتحقيق الأمم المتحدة في القضية خلفا ً للبلجيكي سيرج براميرتز.

وبرغم القرار الرسمي الأول الذي اتخذته تلك المحكمة مطلع شهر أبريل الماضي بالإفراج عن الضباط الأربعة الذي سبق للمحقق ميليس باعتقالهم، إلا أن المجلة نجحت أن تؤكد في تقريرها الذي نشرته بعددها الصادر السبت على أن هناك مؤشرات الآن على أن التحقيقات التي تجريها المحاكمة قد أسفرت عن نتائج جديدة ومثيرة للغاية. وأوضحت أنها تحصلت على معلومات من مصادر مقربة من المحكمة وتم التحقق منها من خلال دراسة الوثائق الداخلية، تفيد بأن قضية اغتيال الحريري باتت على وشك أن تأخذ منحى غاية في الإثارة، وأكدت على أن جميع التحقيقات المكثفة التي يتم إجرائها الآن في لبنان تشير إلى استنتاج جديد وهو أن السوريين ليسوا من ضلعوا في تنفيذ الهجوم، وأن القوات الخاصة في تنظيم حزب الله الشيعي هي من خططت وقامت بتنفيذ هذا الهجوم الذي وصفته المجلة بـ quot;الشيطانيquot;.

وأكدت المجلة في الوقت ذاته على أن رئيس المحكمة بيليمار وزملاءه القضاة يرغبون على ما يبدو في الاحتفاظ بتلك المعلومات، التي نجحوا في التوصل إليها منذ شهر تقريبا ً - لكن السؤال الذي يطرح نفسه وتمكنت المجلة من الإجابة عليه هو: مم يخافون كي يتكتموا على تلك النتائج؟ والإجابة التي أبرزتها المجلة، وفقاً للمعلومات التي تحصلت عليها، هي أن حقيقة تعرض القضية للـ quot;اختراقquot;، قد يكون نتيجة لمزيج بين الصدفة الخاصة بشيرلوك هولمز وبين التكنولوجيا الحديثة التي يستعين بها مخبرو الإنترنت الفضائي. وعبر شهور من العمل المضني، قامت وحدة خاصة تدار سرا ً بداخل قوات الأمن اللبنانية، ويترأسها الخبير الاستخباراتي وسام عيد، بترشيح أرقام الهواتف الجوالة التي يمكنها أن تشير إلى المنطقة التي تحيط بالحريري خلال الأيام التي سبقت الهجوم وفي نفس يوم الاغتيال نفسه. وقالت المجلة إن المحققين اعتبروا أن تلك الهواتف الجوالة هي quot; حلقة الجحيم الأولىquot;.

وفي نهاية الأمر، حدد الفريق الخاص بالقائد وسام عيد ثمانية هواتف جوالة، تم شرائها جميعاً في نفس اليوم من مدينة طرابلس اللبنانية الشمالية. وقد دخلت تلك الهواتف الخدمة قبل ستة أسابيع من عملية الاغتيال، ولم يتم استخدامها إلا للاتصال فقط بين مستخدميهم، مع استثناء حالة واحدة، هو ألا يتم استخدامهم بعد تنفيذ الهجوم. لكن وبحسب الصحيفة، كانت هناك quot;حلقة جحيم ثانيةquot; ، تتمثل في تلك الشبكة المؤلفة مما يقرب من 20 هاتف جوال التي تم تحديدهم على مقربة من الهواتف الثمانية الأولى التي لوحظت في أحيان كثيرة. ووفقا ً لقوات الأمن اللبنانية، فإن جميع تلك الأرقام التي دخلت دائرة الاشتباه تنتمي على ما يبدو إلى quot;الذراع العملياتيquot; لحزب الله، الذي يمتلك ميليشيات مسلحة في لبنان تفوق في القوة الجيش اللبناني النظامي.

لكن ما كان ملفتاً هو تواجد مستخدمي تلك الهواتف الجوالة في كلتا المجموعتين بنفس الأماكن مراراً وتكراراً، كما أنهم كانوا يتواجدون في بعض الأحيان على مقربة من موقع الهجوم. وبحسب النتائج التي خلص إليها المحققون، فإن المخبرين قد نجحوا في تحديد هوية أحد المشتبه فيهم بعد أن تحدث لمرة واحدة مع صديقته عبر أحد الهواتف quot;الساخنةquot; ndash; ويُعتقد ndash; وفقا ً للمجلة ndash; أن هذا المشتبه فيه هو شخص يدعى عبد المجيد غملوش، وهو من بلدة رومين الواقعة في جنوب لبنان، وهو أحد أعضاء حزب الله الذي أتم برنامج تدريبه في إيران. كما اتضح أيضا ً أن غملوش هو من قام بشراء تلك الهواتف الجوالة، لكنه اختفى تمام عن الأنظار منذ ذلك الحين، وربما لم يعد على قيد الحياة.

كما أشارت المجلة إلى أن السلوك الطائش الذي انتهجه غملوش اقتاد المحققين للرجل الذين يشتبهون الآن في أنه العقل المدبر للهجوم الإرهابي: حيث كشفت المجلة عن أن هذا الشخص يدعى حاج سالم، 45 عاما، وهو من مدينة النبطية الجنوبية، ويعتبر سالم قائد الجناح العسكري لحزب الله وهو يعيش الآن في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعد أحد المعاقل الشيعية. كما أن quot;الوحدة العملياتية السرية الخاصة بسالمquot; تقدم تقاريرها مباشرةً إلى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. وأشارت المجلة إلى أن عماد مغنية هو من كان يقوم بإدارة تلك الوحدة إلى أن تم اغتياله في حادث سيارة مفخخة بدمشق يوم الثاني عشر من شهر فبراير عام 2008.

وبحسب المصدر الذي كشف للمجلة عن تلك المفاجآت المثيرة، فإن الصورة ستتضح أكثر للمحققين في بيروت، كلما تعمقوا بشكل أكبر في القضية. وأضاف أنهم نجحوا على ما يبدو في الكشف عن هوية عضو حزب الله الذي تحصل على السيارة الميتسوبيشي الصغيرة التي تم استخدامها في الهجوم. كما تمكنوا من تقفي أثر مصدر المتفجرات التي نفذت بواسطتها العملية وهي أكثر من ألف كيلوغرام من مواد الـ TNT و C4 والهيكسوجين. وفي النهاية أكدت المجلة على أن تلك الكشوفات الجديدة سوف تُضر على الأرجح بتنظيم حزب الله، وسوف تبدأ تداعيات هذا الأمر في الظهور خلال الفترة المقبلة. ومن المرجح ألا يتم الترحيب بتلك النتائج أيضا ً في طهران، التي ستجد نفسها مجددا ً في مواجهة ضد اتهامات بعملها على تصدير الإرهاب.