يستخدم أطباء ألمان حشرة العلقة لأغراض طبية حيث تقوم بمهمة امتصاص الدم المتجمد لدى الانسان وتوفر إجراء عملية جراحية في كثير من الأحيان.

عاد أطباء ألمان إلى الاستعانة بحشرة العلقة لاستخدامها في العمليات، فالطبيب الألماني أوستر ماير نجح بشكل كبير في استخدام العلقة في العمليات التي يجريها خاصة في التجمعات الدموية الشديدة ، التي يريد الأطباء التخلص منها دون إجراء جراحات ،في هذا الإطار نجح quot;أوستر مايرquot; في استخدام العلقة في علاج الطالب الألماني quot;توبياسquot; الذي أصيب في حادث تسلق أحد الجبال وكاد أن يتسبب الحادث في بتر اصبعين من أصابع يده اليمني ،لكن عملية جراحية عاجلة أجريت له ، تمخض عنها زراعة أو تثبيت الأصبعين مرة أخرى ، غير أن تجمعات الدم وانسداد الشرايين نتج عنها تورم شديد في اليد نتيجة تجمع دموي كبير ، وعلى الفور قرر أوستر ماير وزملائه استخدم العلاج بالعلقة لحل المشكلة ، ونجحت الفكرة بامتياز وامتصت العلقة الدماء ، ومن ثم انتهت الفترة الحرجة التي قررها الأطباء لنجاح العملية وهي عشرة ايام أكدوا بعدها نجاح العملية ، حيث التحمت الأنسجة من جديد وشفي الطالب شفاء كاملا.

كيف يتم العلاج بالعلقة؟
يقول الطبيب أوستر ماير quot; رئيس قسم العلاج الطبيعي في مستشفي quot;هارليخنج quot;في ميونيخ ، إن إفراز لعاب العلقة يحتوي على مواد كيميائية معقدة يصل عددها من 40 إلى 100 مادة ، وقد ثبت أن لها تأثير فعال في إزاله الأورام والاحتقانات ، وتخفيف الالتهابات وتسكين الآلام ، إضافة إلى علاج العظام كالتهابات المفاصل وهشاشة العظام،كما ثبت أيضا أن لها تأثير مؤكد وفعال في منع تخثر الدم والإصابة بالجلطات، ويضيف الدكتورquot; أوستر مايرquot; بهذا الشأن قائلاquot; إن التداوي بالعلقة معروف منذ أمد طويل عند بعض الأطباء ، وقد ساهم في حل شكاوى بعض المرضىquot;.لكن تبدو المشكلة الوحيدة في كيفية تقبل هذه الحشرة التي يصفها البعض بالمقززة .
عندما يضع الأطباء quot; العلقةquot; على جلد المريض فإنها تتشبث بالجلد وتظل تمتص الدماء بشكل مستمر ،فهي من الحشرات النهمة للدماء ، ومن الصعب انتزاعها بعد تشبثها بالجسم عن طريق أسنان صغيرة مدببة ، يقول عنها الأطباء إنها مصاصة دماء بامتياز ، الفترة الزمنية التي تحتاجها للتغذية تتراوح من 3 إلى 4 ساعات حتى يبدأ إحساسها بالشبع ، ويرى الأطباء إن المريض يشعر بتحسن كبير رغم هذه الطريقة المقززة في العلاج .
عرف العلاج بالعلقة في العصور القديمة ، وكان يطلق على هذا العلاج باللاتينية quot;هيردوquot; وللعلقة اسم باللاتينية مشتق من اليونانية القديمة يعني الثعبان الصغير في إشارة إلى الثعبان الذي يأخذه الأطباء كرمز للشفاء .
مزارع عديدة للعلقة في ألمانيا
تركيب العلقة البيولوجي يبدو غريبا ، فهي لها خمسة أزواج من العيون المركبة ، ولها اثنين من الأفواه أحدهما في المقدمة والآخر في المؤخرة وهي تستطيع امتصاص الدماء عن طريقهما ، طولها يتراوح من 2سم إلى 10 سم ولها القدرة على الانكماش والتمدد.
تعيش العلقة بشكل عام في المستنقعات. والمناطق الرطبة والغابات وفي الأجزاء الضحلة من البحيرات والأنهار والمحيطات ، والغريب أن وجبة واحدة من الدماء قد تكفيها لمدة سنتين في حالة عدم توفر هذا النوع من الغذاء لها ، لكن الشيء الوحيد الذي يضمن بقائها حية هو وجودها في وسط من المياه النقية ،فهي تلتصق بنباتات حساسة تنمو في المياه الضحلة يقول عنها علماء البيئة أنها آخذة في الانقراض مما يهدد بانقراض العلقة ، غير أن العلقة بشكل عام تتغذى في بيئتها الطبيعية على بعض المواد النباتية والحيوانية المتحللة والمتعفنة ، من غرائب هذه الحشرة أنها تحمل أعضاء مذكرة ومؤنثة في نفس الجسم . تتميز العلقة أيضا بطول العمر الذي قد يمتد إلى ثلاثين سنة.

بالنظر إلى أهمية هذه الحشرة في المجال الطبي يقوم بعض الأفراد والكثير من شركات الأدوية في ألمانيا بتربيتها ورعايتها في مزارع خاصة ، فشركات الأدوية في ألمانيا تحتاج من خمسة إلى عشرة أطنان من العلقة سنويا في صناعة الأدوية التي تستخدم بشكل أسأسي في منع تخثر الدماء وهو دواء فعال يستخدم على نطاق واسع مثل البنسلين الذي يستخدم كمضاد حيوي فهو قادر على منع تجلط الدم والتورمات والبقع الزرقاء الناتجة عن الكدمات .
المفارقة الضاحكة في العلاج بالعلقة أن الكثيرين يشعرون بالتقزز من مجرد ذكرها أو رؤيتها ، لكن العلقة تشعر في بعض الأحيان بالتقزز أيضا من رائحة جلد بعض المرضى مثل المدخنين أو الذين يستخدمون العطور، كذلك فإنها تشعر أيضا بالتقزز من دماء بعض المرضى الذين يتناولون عقاقير طبية تترك أثرا في دمائهم.