يعد جامع الإمام الأعظم أو جامع أبو حنيفة النعمان في العاصمة العراقية بغداد ، أحد رموز السياحة الدينية في العراق ، لاسيما بعد ان تم إعماره وتجديد الكثير من مرافقه التي تعرضت الى التخريب والإهمال لفترة طويلة .


ان توافد الافواج السياحية على جامع الإمام الأعظم في بغداد هو أحد أوجه هذا النشاط ،فقد وصل الحاج عبد المؤمن محمد من إندونيسيا الأسبوع الماضي ضمن مجموعة تزور الاماكن الدينية والتاريخية .
ويقول عبد المؤمن انه كان تواقا منذ فترة طويلة لزيارة هذا الصريح التاريخي الكبير لكن الظروف الامنية المتردية كانت تحول دون قدوم المئات من الزوار .

ويقول سعد الأعظمي وهو من أبناء مدينة الأعظمية حيث يقع الجامع ان هذا الصرح يعتبر أحد المساجد والمدارس التاريخية في مدينة بغداد. ويقع الجامع في شمال بغداد من جهة الرصافة ، تقابله منطقة الكاظمية المقدسة أيضا نسبة إلى الإمام موسى الكاظم ، مما يجعل المكان الذي يقع فيه الجامع مقصدا للزوار من جميع الطوائف الدينية . ويشير الباحث التاريخي عصام قدوري الى ان المسجد بني عام 375 هـ بجوار قبر الامام أبو حنيفة النعمان ، وكان لعقود طويلة وجهة سياحية دينية عالمية قبل ان تتدهور الاوضاع الامنية في العراق مما افقد الصرح الكثير من زائريه .

ويتابع: سجّل الجامع حضورا فكريا ووطنيا منذ تأسيسه ، وكان الرمز الاول للتسامح نظرا لموقعه مقابلا لمرقد الامام موسى الكاظم في الكاظمية ، مما يجعل منها قيمة رمزية كبيرة . الجدير بالذكر ان المسجد بني عام 375 هـ بجوار قبر أبو حنيفة النعمان المتوفي في بغداد في زمن ابي جعفر المنصور عام 150 هـ، حيث دفن في الاعظمية في مكان سمي بعد حين بمقبرة الخيزران نسبة إلى الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة المهدي ووالدة الهادي وهارون الرشيد، والتي توفيت ودفنت هناك عام 173 هـ.

المقرئ كامل سعيد يشير الى ان الجامع كان مقصدا للكثير من المفكرين والعلماء اضافة الى عامة الناس وفي الكثير من الاوقات شهد فعاليات الحوار بين الاديان والمذاهب. يتابع سعيد ايضا : اليوم يستعيد الجامع دوره من جديد ، كبيئة فكرية ودينية أيضا ومن ثم وجهة رئيسية للسياحة الدينية . سعد محي الدين من أصحاب المخازن التجارية في الأعظمية يشير الى توافد الكثير من الوفود السياحية الى المكان مما يساعد في انعاش الحركة التجارية للمنطقة ايضا . ويتابع : موقع الجامع في وسط بغداد قريبا من نهر دجلة ، اضافة الى كون الاعظمية من المناطق العريقة في بغداد يشجع السائح العادي مثلما الديني على القدوم الى المكان .

وليس دافع السياحة الدينية الربح المادي فحسب ، كما يقول الأعظمي ، صاحب مكتب سفر ، الذي ينظم رحلات الى الأماكن الدينية من والى العراق ، بل هي وسيلة لتعزيز التواصل الحضاري بين الشعوب .
ويتوقع الأعظمي ان تكون المعالم الدينية والتاريخية العراقية ، وجهة سياحية عالمية خاصة وأنها تحظى بإقبال ملايين الزوار سنويا من مختلف الجنسيات. ويتابع: الجامع اليوم مقصدا للكثير من المسلمين لاسيما من ايران وتركيا والهند وباكستان ، حيث ازدادت الرحلات السياحية الى المعالم الدينية والتاريخية في العراق وعلى رأسها هذا الجامع. من جهة أخرى ، يقول الباحث الاسلامي قادر الكاتب ان الجامع يشهد اليوم فعاليات مجتمعية مختلفة محلية وخارجية ، وعلى رأسها الفعاليات الثقافية ، كما يقدم الجامع برامج تعليمية وتثقيفية وتعريفية لزوار الجامع لاسيما الاجانب منهم ، مما يحوله الى مركز علمي وبحثي إضافة إلى وظيفته الأساسية كمكان للعبادة. ويرى الكاتب ان من الضروري إحداث تنسيق بين الأنشطة الثقافية والسياحية بغية تطوير قطاع السياحة في العراق .

بناء الجامع شاهد على جمالية العمارة الإسلامية وفنونها ، ويتميز ببرجه أسطواني بارتفاع 25 مترا والمكسي بالفسيفساء الأزرق والأبيض وتعلوه ساعة الأعظمية المشهورة . وفي فترة لاحقة تم اكساء البرج بصفائح من الألمنيوم الذهبية الطلاء . ويتمتع الزائر ويستفيد أيضا من المكتبة الملحقة والتي تضم مجموعة من نفائس الكتب النادرة بينها كتب ذات قيمة دينية وتاريخية كبيرة و هدايا من كبار العلماء والشخصيات .
الجدير بالذكر ان العراق يشهد اليوم طفرة كبيرة في مجال السياحة الدينية بسبب كثرة المزارات الدينية فيه والتي تضم مختلف الديانات والمذاهب ، سواء كانت اسلامية ، شيعية وسنية أو مزارات للمسيحية والصابئة واليزيدية وغيرها من الطوائف والديانات ، اذ تتوزع هذه المقامات والجوامع والمزارات على كافة أنحاء العراق، من الشمال إلى الجنوب.