يرى أطباء عراقيون ان عدد المصابات بسرطان الثدي في العراق يتزايد ليس بسبب العوامل البيئية الكيماوية والاشعاعية فقط ، بل بسبب الأساليب المتبعة في الغذاء والجوانب الحياتية الأخرى، ناهايك عن النظرة الدونيةللمجتمع تجاه المريضة ممايصعب عليها تخطي الأزمة النفسية المرافقة للعلاج.


يقول الطبيب علي صاحب ان هناك عوامل مكتسبة وذاتية تزيد من نسب الاصابة بسرطان الثدي بين النساء العراقيات. وبحسب مجلس السرطان العراقي فان عدد النساء المصابات بسرطان الثدي يبلغ نحو ثلاثة آلاف إصابة. ويرى علي ان أهم العوائق أمام معالجة السرطان عدم اكتشافه في مراحل مبكرة في الكثير من الحالات التي عايشها وأشرف على علاجها. وتقول لمياء الدليمي (35 سنة ) التي تُعالج من إصابتها بسرطان الثدي ، ان الأطباء أرجعوا مرضها الى تناولها لعقاقير منع الحمل ، مما اثر هرمونيا على خلايا الثدي. وتتناول الدليمي العقاقير هذه منذ نحو عشر سنوات .

وتتابع : يبدو ان العلاج الكيماوي يحسن من حالتي في الوقت الحاضر ، وينصحني الأطباء بأنظمة غذائية صحية وممارسة الرياضة. حالة مرضية أخرى تعاني منها بتول حسين ، فقد تحول ورم في ثديها الأيسر الى مرض خبيث لكنه تحت السيطرة الى الآن بسبب اكتشافه مبكرا . وعلى رغم ان بتول تتماثل للشفاء ، الا انها مازالت قلقة حتى تتأكد من انها مثلت للشفاء تماما. تقول بتول : منذ إصابتي بالسرطان لم أستطع العيش حياة طبيعية ، مما أدى الى إصابتي بقلق نفسي يصحبه أرق مستمر.

ويرى الخبير الصحي كامل حسن ان معالجة سرطان الثدي في العراق ، على مستوى تقني جيد مقارنة مع البلدان العراقي اذ ان هناك نحو ثلاثين مركزا تقدم الوقاية والتشخيص والعلاج للمرضى ، مؤكد ان ثمن معالجة المرض باهظ جدا حيث وصل سعر الابرة الواحدة الى ستة آلاف دولار أميركي. ويتابع : أسعار الادوية الباهضة تغري البعض على سرقتها لاسيما الإبر الخاصة بسرطان الثدي ، مذكرا بالكثير من الحالات التي تباع فيها الإبر في مذاخر وصيدليات خاصة بعدما تكون قد سرقت من مستودعات إحدى المستشفيات الخاصة بمعالجة سرطان الثدي.

وأحد الأمثلة التي يسوقها كامل في هذه الصدد محاولة تهريب 110 إبرة خاصة بمعالجة سرطان الثدي الى خارج العراق عبر منفذ الوليد الحدودي مع الأردن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012. الناشطة النسوية والطبيبة هيفاء رحيم ، اعدت دراسة اجتماعية حول نشر الوعي بين النساء المصابات بسرطان الثدي ، تشير الى ان نسبة الإصابة تبلغ نحو 32% من مجمل الإصابات السرطانية في العراق ، كما بلغت نسبة الاصابة بسرطان الثدي نحو ثلاثة آلاف حالة في عام 2009.

وتشير هيفاء الى ان هذه النسبة منخفضة مقارنة بنسب الاصابة في المجتمعات الغربية حيث يكثر استخدام الهرمونات وموانع الحمل ، لكن المشكلة التي تعاني منها المراكز الصحية والارشادية هو نقص الوعي بضرورة إجراء الفحص الذاتي بغية الكشف المبكر عن المرض. وبحسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية فانه تم تشخيص نحو 1.4 مليون حالة إصابة جديدة كل عام في العالم ، كما ان المرض يودي بحياة أكثر من 450 ألف أنثى سنويا.

تقول الناشطة الاجتماعية رسالة باقر ان المصابات بسرطانات الثدي في العراق لا يعانين من أعرض وآلام المرض فحسب بل من المضايقات الاجتماعية والنظرة الدونية لهن من قبل المجتمع بل ومن الأهل في بعض الأحيان . إحدى المريضات كوثر جاسم وهي فتاة جامعية أصيبت بسرطان الثدي منذ نحو عام لكنها تعاني من ازدراء المجتمع لها حتى الوسط الجامعي ، وعلى رغم إنها حاولت إخفاء حقيقة مرضها عن الوسط الذي تعيش فيه ، الا ان الخبر انتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم.

وتقول جاسم انه على رغم سيادة القيم الدينية والعادات والتقاليد في المجتمع الا ان ذلك لا يحول دون النظرة الدونية لمرضى السرطان في المجتمع. لكن الباحثة كوثر ترى ان المريض يبالغ أيضا في التعبير عن قساوة المجتمع وازدرائه له ، حيث ان المريض نفسه يشعر بالنقص أمام الآخرين ، مما يخلق حالة من عدم الرضا المتبادل بين المريض ومجتمعه ، وهذا يتطلب منه تعزيز الثقة بنفسه لكي يستعيد دوره في المجتمع.