احتفلت أخيرًا مدينة القدس وللمرة الأولى منذ احتلالها عام 1967 بإضاءة شجرة الميلاد في منطقة باب الجديد في البلدة القديمة. وتعدّ مدينة القدس ملتقى الأديان وتضم عشرات المساجد والكنائس المسيحية والكنيس اليهودية، وتتحدى القدس كل مساعي التهويد باستقبال الحجاج من المسيحيين والمسلمين، خاصة في فترة الأعياد المجيدة.


عاشت مدينة القدس، أخيرًا، أجواء احتفالية مميزة، تمثلت في إضاءة شجرة الميلاد للمرة الأولى منذ احتلالها عام 1967، وذلك بمشاركة وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة عدنان الحسيني، وبحضور بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن ثيوفيلوس ثيوفيلوس الثالث، وحشد من ممثلي ورؤساء الكنائس والقوى والفعاليات الرسمية والشعبية.

وأكد الحسيني، أن نجاح أهالي القدس في إضاءة شجرة الميلاد رغم المعوقات الإسرائيلية يعدّ نجاحًا ملموسًا بعكس الرواية الحقيقية لهذه الأرض وأصحابها.

وبيّن الحسيني، أن القدس بما تمتاز به من خاصية فريدة لكونها حاضنة الديانات السماوية تعدّ نموذجًا للتعايش المسيحي والإسلامي، حيث اعتادوا المشاركة التبادلية في الاحتفالات والأعياد. بدوره، لفت حنا عميرة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى تميز هذه الاحتفالات، ولا سيما أنها تأتي بعد إجماع أممي على الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال عميرة: quot;نحتفل هذا العام بشهادة ميلاد دولة فلسطين، كما نحتفل أيضًا بميلاد السيد المسيح عليه السلامquot;.

في حين قال خوري رعية اللاتين في مدينة القدس الأب فراس حجازين في تصريح لوكالة الأنباء الفلسطينية quot;وفاquot;: quot;إن أهالي القدس تحدوا المعوقات الإسرئيلية، ونجحوا في ممارسة حقهم بالاحتفال بعيد الميلاد ومن دون الخضوع لسياساتهاquot;.

وكان منظمو حفل إضاءة شجرة الميلاد قد صرّحوا أنها تمت برعاية بطريركيتي الروم الأرثوذكس واللاتين في القدس، وبجهود أبناء الطوائف المسيحية. واشتملت المظاهر الاحتفالية على تزيين البلدة القديمة وحارة النصارى وإضاءة شجرة الميلاد، كما يتم الترتيب لخروج شخصيات بابا نويل وفرق الكشافة لمعايدة الأطفال والعائلات.

القدس.... والمكانة المقدسة
تمتاز مدينة القدس بخاصية قد لا تتوافر في مدينة أخرى على مستوى العالم، فهي مهد الديانات وملتقى الرسل، وتجمع بين ثناياها مئات المناطق المقدسة، التي تضم المساجد الإسلامية والكنائس المسيحية والكنيس اليهودية. وأكد الدكتور حنا عيسى، رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية، في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; أن مدينة القدس تمتاز بطابعها التاريخي والديني، كما تمتاز بمئات المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية.

وقال عيسى: quot;إن القدس بالنسبة إلى المسيحيين تعد ذات أهمية خاصة، حيث عاش فيها يسوع عليه السلام، وفيها صلب وعذب، وقام من بين الأموات في الجلجلة، حيث أقيمت كنيسة القيامة ما بين 325- 336 ميلاديquot;.

وأشار رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية، إلى أن القدس تعتبر محط أنظار العالم، حيث تحتوي عشرات الكنائس التابعة لمختلف الطوائف المسيحية، وتحديدًا لـ 13 طائفة.

وأضاف عيسى: quot;إن في القدس وضواحيها نحو 158 كنيسة و73 مسجدًا و2104 كنيس يهوديةquot;. وأضاف: quot;أن المدينة المقدسة التي تمتاز بسبعة وثلاثين اسمًا يؤمّها الحجاج المسيحيون والمسلمون من العديد من دول العالم، فهي ذات مكانة مقدسة وذات موقع جغرافي مميزquot;.

وبحسب عيسى، فإن القدس تمتاز برونق وجمال خاصين، وفيها العديد من المواقع الأثرية والتراثية والحضارية، حيث تعاقب على المدينة العديد من الحضارات، ففيها البلدة القديمة والأسوار التاريخية، وتلالها ووديانها وشوارعها ذات الطابع الخاص.

تحتل القدس مكانة عالمية، كما إن الهيئة الإسلامية والمسيحية تسعى إلى الترويج للمدينة المقدسة من خلال نشراتها والمؤتمرات الدولية التي تشارك فيها والندوات التي تعقدها والدراسات التي تنفذها. وتقوم الهيئة الإسلامية والمسيحية بتوثيق الانتهاكات التي تتعرّض لها القدس على يد السلطات الإسرائيلية، والتي تعمل على تهويدها وعزلها عن محيطها وتغيير معالمها الدينية والحضارية.

بخصوص إجراءات إسرائيل في القدس، قال عيسى: quot;إن إسرائيل تعمل على نزع طابعها الحضاري والأثري، وتعمد إلى إنشاء الكنيس، وإعاقة وصول المواطنين والحجاج المسلمين والمسيحيين، فيما تسهل عملية وصول السياح اليهودquot;.

وأضاف: quot;أن الهيئة تعمل الآن على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية التي جرت في المدينة خلال عام 2012، كما تعمل على تجهيز كتيبات خاصة باللغات العربية والانكليزية والفرنسية لنشرها وتوزيعها على سياح العالم، تشمل كل المواقع الأثرية والدينية وفي صدد الترويج للمدينة المقدسة، لا سيما بعد الاعتراف بدولة فلسطينية بصفة مراقبquot;.

تعزيز الواقع السياحي
إلى ذلك، قالت رلى معايعة، وزيرة السياحة الفلسطينية في تصريح لـquot;إيلافquot; إن القدس تعد مركزًا للسياحة الدينية، فهي تمثل مكانة دينية بارزة عند المسلمين والمسيحيين.

وأوضحت معايعة، أن وزارة السياحة الفلسطينية تعمل الآن ضمن جهود كبيرة على إدراج دولة فلسطين بمختلف مواقعها الأثرية ضمن الأجندة الدولية، خاصة بعد الاعتراف الأممي بها كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة.

وبينت وزيرة السياحة أن العمل جار الآن على تسويق فلسطين وتعزيز وجودها على الخريطة السياحية من خلال مكاتب السياحة العالمية، والتي كانت في السابق تضع دولة إسرائيل على أجندتها فحسب، ولكن من الآن وصاعدًا سيكون لفلسطين ومدنها التاريخية والدينية حضور بارز.

وشددت معايعة، على أهمية المكانة الدينية للقدس، والتي تعد ملتقى الأديان، كما إنها مدينة التسامح بكل مقدساتها. ولفتت إلى أن الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس كتهويدها وحصارها تقوّض من تعزيز التواجد السياحي الدولي فيها، كما إنها تعوق حركة وصول الفلسطينيين إليها، وتحدّ من تطوير المشاريع فيها. وأكدت وجود العديد من الخطط والتوجهات المقبلة لوزارة السياحة لتفعيل السياحة الدينية وسياحة المسلمين والمسيحيين إلى القدس وبيت لحم والعديد من المناطق الأخرى.

وأكد الدكتور علاء مقبول، المحاضر في كلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية، في لقاء مع quot;إيلافquot; أن القدس تعدّ بمقدساتها من أهم المواقع الإسلامية لكونها تضم في ثناياها العديد من المواقع المقدسة.

وقال مقبول: quot;إن في القدس قبلة المسلمين الأولى، حيث المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ومنها عرج الرسول عليه الصلاة والسلام إلى السماء، وهي مهد الأنبياء وملتقى الديانات السماويةquot;. وأكد أن القدس تزخر بالعديد من المواقع الدينية الإسلامية والمسيحية، وهي مدينة السلام، ففيها كانت العهدة العمرية. وتعد كنيسة القيامة من أبرز المعالم المسيحية، حيث يؤمّها سنويا آلاف الحجيج من المسيحيين من مختلف دول العالم.

وبحسب مقبول، فإن مدينة القدس هي مدينة التسامح الديني، وتعد مركزا للسياحة الدينية لالتقاء الديانات فيها، ولكونها تضم العديد من المواقع الإسلامية والمسيحية، ويعيش فيها حاليًا المسلمون واليهود والمسيحيون. وأشار إلى العديد من الظروف التي تقف عائقًا أمام تطور السياحة الدينية بسبب إجراءات إسرائيل التي عزلت القدس عن محيطها.