تشكّل منطقة حمام دباغ السياحية بمحافظة قالمة (400 كلم شرقي الجزائر) محجّا جميلا لقوافل من سياح الداخل والخارجّ، حيث يلبي هذا المكان بلسان من تحدثوا لــإيلاف، حاجة عشاق الراحة والمتعة، وكذا الباحثين عن التداوي من علل مزمنة، ما يجعل حمام دباغ القوة الضاربة للسياحة الحموية في الجزائر.

يشير quot;نورالدين مرابطيquot; رئيس بلدة حمام دباغ إلى إقبال قياسي من جزائريي الداخل للتمتع بالمياه الحارة والمناظر الطبيعية الخلابة، بالمقابل يقرّ مرابطي بتناقص أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى المكان، وهو ما يربطه الخبير quot;فوزي مليانيquot; بقلة الدعاية لحمام دباغ المعروفة بمركباتها السياحية وشلالها الذهبي، ولا تقلّ إمكاناتها قيمة عن كبرى المنتجعات عربيا وعالميا.
يقول ابن منطقة حمام دباغ quot;عز الدين عتيقquot; إنّ مسقط رأسه تعدّ كنزا سياحيا بكل المقاييس بحكم ما توفره لقاصديها من أسباب الهدوء والاسترخاء الذهني والعضلي، وامتلاكها مزيجا من المتعة الروحية والجسدية تغري من يأتي مرة بالعودة مرات عديدة، خصوصا بالنسبة لأولئك المهووسين باسترجاع لياقتهم ورشاقتهم.
الحال بالنسبة لمواطنه فريد اسماعيلي إنّ حمام دباغ تتصدر بحسبه واجهات السياحة الحموية في الجزائر، تبعا لما تتصف به مياها المعدنية من مزايا فيزيائية وكيمائية وعلاجية فهي غنية بالبكاربونات، المغنيزيوم، كلور الصوديوم، وتتسم بنوعية بكتريولوجية حسنة، وحرارة مياهها تصل إلى 45 درجة وبتدفق قدره 40 لترا في الثانية.
تُسهم المزايا المذكورة ndash; يسجل اسماعيلي - في مداواة الكثير من الأمراض المستعصية وكذا العلل المزمنة والمعديةاحتكاما للطابع الصحي للمياه المعدنية وكذا الأعشاب الطبيعية التي تفيد في معالجة أكثر الأمراض حساسية، انطلاقا من الروماتيزم وضغط الدم وأمراض الجلد والحساسية، وصولا إلى أمراض الأعصاب، الأذن والحنجرة، تصلب الشرايين، أمراض النساء والغشاوة والجهاز البولي، كما تعين المياه ذاتها على علاج الأمراض التنفسية وتفتيت حصيات الكلى، وذلك بشهادة الأخصائيان quot;أحمد ملوكquot; وquot;فريد مجوجquot;.
لا يتوقف رونق حمام دباغ عند السياحة الحموية فحسب، بل يتجاوزها إلى مستوى جنة طفولية، فالمنطقة تحفل بألوان من الأرجوحات والقطارات المتجولة وكذا لعب السيارات، ووجد مئات الشباب العاطل في حمام دباغ المجال مواتيا لممارسة مهن موسمية تدر عليهم ربحا وفيرا، مثل بيع التحف التقليدية، رغم هاجس اللا تنظيم المهيمن.
تعتبر حمام دباغ ملاذا مفضلا لوكالات السياحة، النقابات العمالية، الكشافة، المؤسسات التعليمية والجامعات والجمعيات من كل حدب وصوب في رحلات يرغب عرّابيها إشباع فضولهم بما يختزنه الشلال الذهبي والعرائس المنتصبة من سحر وأسرار، خاصة ما يتعلق بما كان يسمى حمام (المسخوطين) وما يتصل بها من رمزية المكان وأساطير المخيال الشعبي.
ينوّه quot;بشير جريبيquot; رئيس النقابة الجزائرية للسياحة بجودة المرافق الموجودة داخل حمام دباغ، حيث تمتلك الأخيرة عيادات حديثة وفضاءات صحية للتدليك والعلاج المعدني بواقع يصل إلى 160 حصة علاجية في اليوم، ما جعل quot;حمام دباغquot; يستقطب ما يزيد عن 150 ألف زائر في الأسبوع ndash; يصل العدد إلى 30 ألف زائر يوميا في مواسم العطل -، وما يزيد من تحفيز الزوار وجود حمامات بخارية بكل لواحقها، وتجهيزات طبية حديثة وأخرى لإعادة تأهيل الأعضاء، ناهيك عن كوكبة من الأطباء المتخصصين.
بيد أنّ جريبي ينتقد استمرار غلاء أسعار الخدمات السياحية في حمام دباغ كما غيرها في عموم الجزائر، ما يرغم الكثيرين على التوجه نحو دول الجوار ومقاصد أخرى خارجية، ويستغرب محدثنا كون الجزائر البلد الوحيد عالميا التي تعتمد الأسعار ذاتها على مدار فصول العام، رغم أنّه يُفترض النسج على منوال سائر الدول التي تتبنى أسعارا في مرحلة الأوجّ، وأخرى مختلفة بحسب خصوصية كل فصل ومدى امكانية استدراج السياح.
وتؤكد مشاهدات ميدانية وبيانات رسمية، غياب وسائل النقل وصعوبة الحصول على وجبات غذائية، ما يجعل الزوار يعانون الأمرّين، وفتح المجال أمام المضاربة، سيما مع محدودية هياكل الاستقبال بحمام دباغ، حيث لا تتعدّ طاقة استيعاب كل من مركب الشلالة، فندق بن ناجي والمرقد البلدي الخاص حدود الثمانمائة سرير، بما يدعو إلى ضرورة تعجيل إنشاء منطقة التوسع السياحي التي تضم عدة فنادق مصنفة ومرافق حديثة.