أعلن فريق من العلماء البارزين في المؤتمر الدولي لمكافحة الأيدز المنعقد في واشنطن وتستمر اعماله لغاية 27 تموز(يوليو) ، التزامهم بهدف كان يبدو تعجيزيا قبل خمس سنوات وهو إيجاد علاج للاصابة بفيروس مرض الأيدز.

بعد دراسة الفيروس لأكثر من 30 عاما وتطوير عقاقير شديدة الفاعلية حولت المرض من حكم بالموت على المصاب الى حالة مزمنة يمكن التعاطي معها ، يقول عدد متزايد من الباحثين الآن ان إيجاد علاج للاصابة بفيروس الايدز يجب ان يكون أولوية بحثية عليا.
ويعترف العلماء بوجود تحديات كبيرة ولكنهم يؤكدون ضرورة المحاولة لأن احتواء الوباء لا يمكن ان يتحقق بالدواء والوقاية وحدهما. وتقدم الانجازات الطبية والعلمية بما في ذلك حالة اول رجل عولج بصورة نهائية من الاصابة بفيروس الايدز ، دليلا على امكانية الوصول الى هذا الهدف.
وتتصدر هذا المشروع الجميعة الدولية لمكافحة الأيدز التي اعدت برنامجا بحثيا بالتعاون مع اكثر من 40 عالما يقودهم الخبير الفرنسي بعلم الفيروسات فرانسوا بار سينوسي الفائز بجائزة نوبل في الطب عام 2008 تقديرا لدوره في اكتشاف فيروس الايدز. وتقدم استراتيجة هذا الحشد من العلماء بعد عامين من الإعداد خارطة طريق لدفع عجلة البحث عن علاج الى الأمام. ومن بين مهمات الخطة البحث عن مكان اختفاء هذا الفيروس ومعرفة طرق اختبائه في الجسم ودراسة رد جهاز المناعة لدى مجموعة مختارة من الأشخاص عندهم مناعة طبيعية ضد فيروس الايدز.
وقال الدكتور ستيفين ديكس عضو معهد ابحاث الايدز في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو ان تطوير عقاقير تكبح فيروس الايدز أثبت كونه اجدى من محاولة استئصاله. ولكنه اضاف ان الوقت حان للمضي ابعد وتحديد هدف اكبر. ونقلت صحيفة لوس انجيليس تايمز عن ديكس الذي عمل مع بار سينوسي ان هذه العقاقير بلغت أقصى ما يمكن ان تبلغه من فاعلية ومن الضروري الانتقال من منع تناسخ الفيروس الى التخلص منه نهائيا.
والمعروف ان العقاقير التي تلجم فيروس الايدز تنقذ ارواحا ولكن لها مشاكلها ايضا. فان العلاج بها سام وباهظ الكلفة ، وان حوالي نصف فقط من اصل 34 مليون مصاب بفيروس الأيدز يحتاجون الى هذه العقاقير في انحاء العالم يستطيعون الحصول عليها. وعلى المصاب ان يتناول العقاقير يوميا طيلة حياته لإبقاء الفيروس مكبوحا.
ويمضي البحث عن علاج جذري على محورين ، الأول علاج استئصالي يخلِّص الجسم من كل الخلايا المصابة بفيروس الايدز والآخر علاج وظيفي يصمم جهاز مناعة المريض لمقاومة فيروس الايدز حتى إذا بقي موجودا في الجسم.
ولكي يكون العلاج الاستئصالي ناجعا يتعين على الباحثين ان يستهدفوا فيروس الايدز الذي يختبئ في خلايا جهاز المناعة وانسجته للافلات من هجوم العقاقير. وتبدي الجهود الرامية الى اخراج الفيروس من اماكن اختبائه علائم تقدم بعد اكتشاف عقار يحفز الفيروس على الاستيقاظ والهجوم. ولكن لا تُعرف الفترة التي يبقى فيها الفيروس مستيقظا أو طريقة إفراغ كل اماكن اختبائه. كما سيتعين على العلاج الاستئصالي ان يجتث آخر ذرة من فيروس الايدز بما في ذلك الفيروسات الكامنة في اماكن يصعب الوصول اليها مثل المخ والطحال.
ويرتبط العلاج الوظيفي باستخدام الهندسة الوراثية لتعديل تركيب الحمض النووي للمريض بحيث ينتج خلايا مناعية يكون الجين سي سي آر 5 معطلا فيها. ولكن هناك عقبات مختلفة بينها ايجاد طرق لتعطيل الجين سي سي آر 5 بطريقة مأمونة.
وقالت الباحثة بولا كانون المختصة بالبيولوجيا الجزيئية ان المهة اشبه برحلة ثانية الى القمر ولكنها رحلة من الضروري القيام بها. وتعمل كانون على تطوير علاج يعتمد الهندسة الوراثية ستبدأ اختباراته السريرية في غضون عامين. وقال الدكتور برنهارد شفارتلاندر مدير برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة فيروس الايدز/الايدز ان التطورات العلمية الأخيرة تجعل ايجاد علاج للاصابة بفيروس الايدز امكانية مثيرة. واضاف ان الوقت حان لجعل هذا الهدف موضوعا خاصا في الرد على الايدز.
ولكن ايجاد علاج للاصابة بفيروس الايدز يتطلب موارد مالية كبيرة. وقدر الباحثان ديكس وبار سنوسي في مجلة نيتشر العلمية ان الحكومات والمؤسسات ذات العلاقة استثمرت نحو 75 مليون دولار في البحث عن علاج لفيروس الايدز عام 2011 ولفت الباحثان الى ان المجهود البحثي يتطلب مئات ملايين الدولارات من التمويل السنوي حتى العثور على علاج.