بعدما كانت مدينتا الأعظمية والكاظمية ( شمال العاصمة العراقية بغداد ) ، في قلب عاصفة الفتنة الطائفية التي شهدها العراق في السنين المنصرمة ، فأنهما تعودان اليوم كقلب نابض دينيا واقتصاديا واجتماعيا ، لاسيما وان المدينتين يعدان مقصدين رئيسيين لآلاف الزوار من الداخل والخارج ،من الطائفتين السنية والشيعية.

يوجد في مدينة الكاظمية مرقدا الإمامين موسى بن جعفر والجواد بقبابهما الذهبية التي تلوح للناظر من بعيد ، كما تحتضن مدينة الاعظمية ، مرقد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان. وهنالك أيضا كورنيش الأعظمية وكورنيش الكاظمية اللذان يعتبران من أحلى ضفاف نهر دجلة. ويرى أحمد شيباني الذي يعمل في مجال التجارة في الأعظمية ان حركة الزوار في المدينة تتأثر بشكل مباشر بمدينة الكاظمية وكلما ارتفعت وتيرة السياحة الدينية هناك كان لذلك تأثير إيجابي على أسواق الأعظمية ، والعكس صحيح أيضا .
وعلى عكس السنوات السابقة يؤكد شيباني ان حركة السياحة الدينية ارتفعت وتيرتها ، اذ تشهد المدينتان وصول زوار لهما من مختلف أنحاء العالم . الباحث الاقتصادي جمال القيسي يرى ان المدينتين اليوم أصبحتا في منأى عن الاحداث التي تحدث بين الفينة والأخرى في بغداد والمدن الاخرى بسبب الوعي بين السكان اضافة الى قناعة السكان ان المدينتين اقتصاديتان ودينيتان بالدرجة الاولى وان ازدياد السياحة الدينية فيهما ، يعد مصدر رزق لهم .
وعلى ذات الصعيد يشير أكرم نعمة من الاعظمية ويرتاد مسجد أبي حنيفة ، كل مساء في رمضان ان تجاور المنطقتين أي الأعظمية و الكاظمية ووجود مراقد مقدسة وجوامع تاريخية بين الجانبين سيجعل منهما على راس مدن السياحة في الشرق الاوسط اذا ما تم الانتباه الى هذا الجانب .ويمكن للسائح ان يجد ضالته من الصناعات الحرفية خصوصا النسيجية والنحاسية والغذائية والجلدية التي يشتهر بها الحرفيون المهرة في المدينتين. ويساعد وقوع المدينتين على نهر دجلة الى جعلهما مركزا يستقطب الوافدين من بغداد والمحافظات والسائح الأجنبي على حد سواء .
وعانت المدينتان كثيرا خلال أحداث الفتنة الطائفية وساد ركود شديد في الحركة الاقتصادية والتجارية .. ويمتاز أهل الأعظمية بأخلاقهم وكرمهم اضافة الى حرفيتهم مما يجعل السائح يشعر بالراحة والامان وهو يتجول بين اسواقها ، ويمكن للسائح ايضا العبور الى الجانب الاخر من نهر دجلة عبر جسري الأئمة ورمضان بين الضفتين ، حيث مدينة الكاظمية التي تحتوي العديد من الفنادق الفخمة والمطاعم ذات الخمس نجوم اضافة الى المطاعم الشعبية التي تمتاز بأكلها البلدي اللذيذ .
وعلى جانبي جسر الأئمة تقع مقبرتان كبيرتان دٌفن فيها رفات الكثير من علماء الإسلام وهي مقبرة قريش التي دفن فيها الإمام موسى الكاظم والمدفون في الحضرة الكاظمية، ومقبرة الخيزران التي دفن فيها الأمام أبو حنيفة النعمان المدفون في جامع الإمام الأعظم، بالإضافة إلى رفات الكثير من علماء وأئمة بغداد في كلتا المقبرتين.
وهذه المعالم كلها تمثل للكثير من الوافدين كنزا سياحيا لايمكن الا مشاهدته والوقوف عنده. وبالنسبة للسائح المسلم فانه يجد العشرات من المعالم الدينية وأماكن العبادة في المدين في ظلا اجواء دينية خاصة تمتاز بهما المدينتين . ويقول أحمد الياسري من الكاظمية ان اهل المدينة معروفون بضيافتهم للزائر ، و يمكن في بعض الاحيان انهم يسكن الزائر او السائح معهم بالمجان اذا ما تعرض الى ظرف طارئ او ضائقة مالية .
وبحسب الياسري فان المهارة والحنكة التي يتمتع بها اصحاب المصالح سيجعل السائح مرتاحا ، اذ ان الاسعار والحركة البشرية التي لا تنقطع لساعات متأخرة من الليل ستجعل ايامه اكثر متعة .
ويقول الباحث في التاريخ مازن احمد ان المدينتين على مر الازمان تتميزان بالبيئة الهادئة الغنية بحركة الزوار في ظل اجواء دينية ، وحركة صناعية وتجارية واسعة .ويلمس الزائر ان التدابير الامنية لم تعد شديدة جدا ، وهي في كل الاحوال لحفظ امنه ، مما تجعله يشعر بأمان .
وفي السنيتن الأخيرتين شهدت المراكز الدينية والجوامع والمراكز المقدسة في الاعظمية والكاظمية إقبالا واسعا من الزوار من مختلف ارجاء العالم بسبب الرموز الدينية الموجودة فيهما. كما نزح الكثير من الداخل للاستقرار فيهما بسبب الحركة السياحية الدينية والتجارية فيهما مما يسهل على أصحاب المصالح توسيع أعمالهم . كما يمكن للسائح أيضا الانطلاق من المدينتين باتجاه المعالم التاريخية الأخرى في مدينة بغداد ويشمل ذلك المتاحف والمواقع الاثرية والأسواق الشعبية.