لشهر رمضان حرمة وعادات خاصة في إقليم كردستان العراق دأب عليها مواطنوه في محافظاته الثلاث : اربيل ودهوك والسليمانية تبدأ بتكثيف العبادة وارتداء الحجاب في الأماكن العامة والادارات الرسمية احتراما للشهر الفضيل ثم تقام فيه موائد الرحمن لافطار الفقراء والمعوزين وفي لياليه ينشط التسوق وتبادل الزيارات والتحلق حول ألعاب ومسابقات شعبية.

نزهة التسوق .. من النهار الى الليل
ويشهد الإقليم في رمضان نوعا من الركود الاقتصادي خلال ساعات النهار كما تغلق المطاعم قاطبة وكذلك الحانات والمقاهي حتى دون تبليغ من الجهات المعنية احتراما لمشاعر الصائمين .
ويخيم الهدوء التام على شوارع مدن الاقليم ومنها السليمانية (330 كم شمال بغداد) التي تقل فيها الحركة بشكل واضح وتقتصر غالبا على السيارات الخاصة والخدمية قبيل آذان المغرب فيما ينتقل النشاط الى مابعد الافطار حيث تفتح الأسواق والمراكز التسوقية ومحال الالبسة والمواد الغذائية إضافة الى المقاهي والنوادي ودار السينما الى أوقات تصل بعضها الى فترة آذان الفجر .
شيرخان كمال صاحب محل للألبسة النسائية في أحد المراكز التجارية قال لـ quot;ايلافquot; إن حركة الأسواق بعد الافطار مشجعة حيث تبقى بعض العوائل الى وقت متأخر بعد منتصف الليل فكأن النهار يصبح ليلا والليل نهارا.
أكلات كردية
وتشتهر مدينة السليمانية أيام رمضان بعصائر وأكلات عدة يأتي في مقدمها عصير الزبيب المصنوع من العنب الأسود المجفف الذي ينتج بغزارة في حقول وبساتين القصبات المجاورة وكذلك طرشي السليمانية المطعم بالحبة الخضراء واللبن المستخرج من المشكاة والخالي من الدهون ونوع من الحلوى المحلية المسماة بلقمة القاضي، وهي عبارة عن كرات بحجم كرة المنضدة مصنوعة من العجين ذي الدقيق الممتاز والمغمورة في عسل السكر المركز وتمتاز بمذاق رائع . كما يشتهر الشعب الكردي بأكلات متنوعة منها (كولندي ، نيسك ، برنج شير،زر فجك والكشك ، والترخينة ، كيشكي كولاو).
وتقول مدرسة اللغة العربية بناز حسين لـ quot;ايلافquot; أن هذه الاكلات تنتشر في مناطق دون أخرى وبعضها يتم إعدادها بموسم خاص كما أن اعداد بعض الأطباق في السليمانية ربما يكون أكثر شهية من ان تعد في أربيل والعكس بمعنى آخر ان لمدينة السليمانية ما يميزها من الأكلات الشعبية ولأربيل أكلاتها وهكذا.
ومن أبرز هذه الاكلات الشعبية في كردستان (الدوينة) حيث تحضر من مزج جريش القمح باللبن بصورة جيدة وتسخين الخليط حتى الغليان ليترك تحت أشعة الشمس ليجف ويصبح كالمعجون ، بعد ذلك يحول الى كرات صغيرة تترك تحت الشمس لتجف وبعد ان تصلب هذه الكرات وتصبح خالية من الرطوبة تخزن بصناديق من الخشب لتكون بعيدة عن التلف والتعفن .
ومن الأكلات الاخرى في كردستان (الكشك) وهي أصابع تصنع من اللبن المجفف اضافة الى اكلة فلكلورية تعرف بالكعوب وهو نبات ينتشر في كردستان يتكون من جزئين الاول عبارة عن أوراق شوكية خارج الارض والاخر داخل الارض تشبه في الشكل الفجل الابيض غير ان مذاقه يشبه (البطاطس) . وفي السليمانية تنتشر (كفته السليمانية) والتي هي بحجم ثمرة البرتقال اما الأكلات الرائجة في اربيل هي (كشيكه ي كولاى) او (العصفور المطبوخ) والعصفور هو الطير المهاجر الذي يسمى في وسط العراق بالزرزور حيث يباع هذا الطير بهذا الاسم في الاحياء الشعبية .
ومن الاكلات الشعبية التي تنتشر في مدينة زاخو اكلة تسمى (نان ته حينك) وهي عبارة عن اكلة سريعة تصنع من الخبز الذي يعرف (دورك) وهو نوع خاص من الخبز يصنع لهذا الغرض حيث يمزج الدبس مع (الطحينية) ويوضع في (الدورك) ثم يلف أكثر من ثلاث لفات ليصبح جاهزا للاكل.
ومن ابرز الحلويات التي تصنع في كردستان (تير بيجوك) البورك حيث يحشى بالجوز والسمسمية التي تسمى (سه وكيت حه لاوى) و(من السما) (كه زو) والسجق الذي يصنع بوضع لب الجوز في قوالب أنبوبية طويلة تصل الى متر واحد حيث ترص بصورة جيدة ثم تغمس بالدبس ومن ثم تترك تحت أشعة الشمس لتجف وبعد ذلك تعرض في السوق لتباع.
موائد الرحمن .. وصلاة التراويح
ومع حلول الدقائق الاخيرة ليوم الصيام، تنظم الموائد الخيرية التي تسمى موائد الرحمن في العديد من مساجد السليمانية لاسيما في باحة المسجد الكبير الذي يتوسط قلب المدينة حيث ضريح الملك الكردي الاول الشيخ محمود الحفيد وجده الاكبر الشيخ كاكه أحمد الشيخ. وينظم الكثير من الناس موائد خيرية تضم مختلف انواع الماكولات للفقراء والمعوزين والغرباء طوال ايام الشهر الفضيل فيما يتوجه الأهالي بعد الافطار بساعة ونيف الى المساجد لأداء صلوات التراويح .
القنوات الايرانية والكورية على قائمة المفضلات لدى شعب كردستان
ومع تزاحم عدد المسلسلات العربية والمحلية في جميع القنوات التلفزيونية الا ان قرب اللغة الكورية من الكردية جعل القنوات الكورية متربعة على قائمة القنوات المفضلة للمواطن الكردي حيث توضح الطالبة الجامعية هوناز عباس ان القصص الكورية جميلة جدا وانا استطيع فهمها بسبب قربها من لغتي الام كما اني استطعت ان اتعلم لفظها ايضا من خلال برامج ومسلسلات القنوات الكورية. اما شيروان كريم فقال ان الاهتمام بالجوانب التاريخية للحضارة الاسيوية هو ما جعلني أتابع بشغف هذه المسلسلات كما انها شجعتني أيضا على زيارة كوريا والبلدان المشابهة لها .
الالعاب الشعبية .. عادات متوارثة عبر الاجيال
الاعلامي الكردي حمه عبدالله شرح لـ quot;ايلافquot; احدى العادات المتبعة في شهر رمضان قائلا : انا ابلغ من العمر 58 عاما واعتدت حضور الألعاب الشعبية في رمضان مع ابي قبل 45 عاما ولم استطع الامتناع عن حضورها هذا العام ايضا .
ويروي عبدالله ان هناك مجموعات من الشباب ينظمون مسابقات بين الفرق من مختلف الاحياء لاسيما في اللعبة الشعبية الشهيرة المسماة الصينية والظروف، وهي عبارة عن اثني عشر قدحا معدنيا يتم رصه على صينية مصنوعة من النحاس الخالص، يخفي كبير احد الفريقين المتنافسين زهر نرد تحت احد الاقداح من وراء ستار ليقدم بعد ذلك الصينية الى اعضاء الفريق الخصم الذي يبغي لهم الكشف عن موقع الزهر في ثلاثة اختيارات فقط كشرط لكسب الجولة التي تتداول بين اعضاء الفريقين تباعا، لحين تحقيق المطلوب وعندها تتعالى الصيحات والتصفيق من قبل اعضاء الفريق الرابح للجولة وجمهوره، وفي نهاية اللعبة التي يتم تحديد الفريق الرابح فيها وفقا لما يحققه من نقاط يضطر الفريق الخاسر الى شراء عدة كيلوغرامات من مختلف انواع الحلويات وتقديمها الى الفريق الرابح وجمهوره بدون ان يحرم الفريق الخاسر وجمهوره من تناول الحلويات ذاتها، وتستمر هذه اللعبة وغيرها من الالعاب الشعبية كلعبة الاقنعة المسماة بالكردية (الكلاو كلاوين) حتى حلول موعد السحور احيانا، حيث تتجول فرق عديدة تضم شابين او ثلاثة بطبولهم ومزاميرهم احياء المدينة وازقتها لإيقاظ النائمين والايذان للسحور، ليبدأ بعد ذلك يوم آخر من ايام الشهر الكريم.