يعتبر حي الحسين، منطقة ذات طبيعة خاصة، تنبعث منها الأجواء الصوفية، وتتزين بشكل خاص لشهر رمضان، الذي يكون بمثابة العيد بها، ويتوافد إليها الزوار من كل صوب، للتمتع ببهجة خاصة يصنعها وما توافر به من مزارات دينية وسياحية وترفيهية.

quot;الحسينquot;.. حي يقع في وسط العاصمة المصرية quot;القاهرةquot;، يمكن أن يطلق عليه، حي quot;رمضانيquot;، نسبة إلى الشهر الكريم، حيث يحرص المصريون قبل غيرهم على زيارته في هذا الوقت من السنة، وقضاء ليلة به تمتد حتى مطلع الفجر، تحمل عبق التاريخ، حيث يعتبر quot;الحسينquot; من أقدم الأحياء في القاهرة بل يمتد تاريخه إلى نشأة القاهرة نفسها في العصر الفاطمي، ترتفع فيها مآذن عشرات المساجد التاريخية، ويحمل ميدانه الشهير، الذي يحمل الاسم نفسه، هواء يمتلئ بعبق الآف العابدين والناسكين الذين مرّوا به، ويزدحم نهاره بالطرق على أواني النحاس والفضة بايدي الحرفيين المهرة، وسط كلمات تتطاير بلغات الارض كلها يطلقها زائرو المكان من السائحين مختلفي الجنسيات، وفي ليله يصطف الكل على مقاعد المقاهي امام أكواب الشاي المتصاعد منها الدخان، ويختلط حديثهم، وصوت المنشد الذي لا ينقطع في ليل رمضان يقول quot;ما بين مُعترك الأحداق والمهج.. أنا القتيلُ بلا إثمٍ ولا حرجquot;
يشاهد زائر منطقة quot;الحسينquot; المباني الاثرية في كل حارة أو زقاق في المنطقة ، كما تعد شوارعها الرئيسة، المشهورة على مستوى العالم مثل quot;المعز لدين اللهquot; الفاطمي، وquot;خان الخليليquot; وquot;الدرب الاصفرquot;، متاحف مفتوحة، إلى جانب مجموعة من المساجد الكبيرة، التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، مثل quot;الحسينquot;، وquot;الازهرquot;، وquot;محمد ابوالدهبquot; ومجموعة quot;السلطان الغوريquot; ومسجد quot;السلطان الاشرفquot;، ومسجد quot;الصالح نجم الدين ايوبquot;، ويتمتع quot;الحسينquot; بسمات خاصة تجعله المنطقة المفضلة لراغبي السهر من المصريين والعرب والاجانب، في مقاهي المنطقة التي تنافس الاماكن الآثرية بها في الشهرة، بسبب من كان يرتادها من كبار المفكرين والسياسيين والمثقفين خلال المائتي عام الماضية وأشهرها quot; الفيشاويquot; وquot; أم كلثومquot;، كما يضم quot;الحيquot; عددا من البيوت الفنية، مثل quot;الهراويquot; وquot;وكالة الغوريquot; وquot;السحيميquot;، وتشهد هذه البيوت طوال ليالي رمضان نشاطاً فنياً وموسيقياً وشعرياً كبيراً .
يبدأ التوافد على الحي quot;الرمضانيquot; قبل بداية الافطار بساعات حيث يفضل العديد من زوار المكان قضاء الصلاة في مساجد المكان، خاصة المسجد الذي سمي الحي باسمه، والذي يوجد للامام الحسين مقام به يتوافد اليه محبو آل البيت، فيما يقصد السائحون الاجانب منطقة خان الخليلي، المزدحمة بالمحلات التي تبيع المشغولات اليدوية التراثية والتحف والهدايا، وتعرض قبل الافطار بساعات الموائد في الميدان الخاصة بالمطاعم المطلة عليه، ويتزاحم عليها زوار المكان الذين يفطرون وهم يتمتعون بالمباني الاثرية المحيطة بهم.
خيارات متعددة تكون أمام زوار المكان بعد الافطار فيمنطقة الحسين، اما تكمل الجولة السياحية في شوارع المنطقة الاثرية، والتمتع بمعروضاتها من الانتيكات، من مشغولات فرعونية واسلامية، من النحاس والفضة والذهب والخشب والعاج، أو التوجه لأحد البيوت التراثية الموجودة في المنطقة لمشاهدة الحفلات الفلكورية من quot;التنورةquot; وquot;الانشاد الدينيquot; وquot;السيرة الشعبيةquot;، ويكون أهم الاختيارات هو الجلوس على أحد مقاهي quot;الحسينquot;، التي تمثل كل منها تاريخا يمتد لعشرات السنين بل لمئات احيانا، ويجده الزائر غالبا مخلدا على جدرانها من خلال صور تحكي عنه، وأشهرها هو مقهي الفيشاوي، الذي افتتح عام 1797، أي قبل ما يزيد على قرنين من الزمان، والذي أصبح أكثر شهرة وبريقا، بسبب نجيب محفوظ الأديب العالمي الحاصل على جائزة نوبل، الذي كان له مكان دائما فيه أو بسبب الطراز المبني عليه المقهى وهو طراز عربي اسلامي، وهناك عدة مقاهٍ اخرى مشهورة في الميدان، مثل مقهى ام كلثوم والذي سمي بهذا الاسم نتيجة جلوس سيدة الغناء العربي ام كلثوم عليه، وتعلق في دور المقهي الاربعة صور ومقتنيات مختلفة لـquot;كوكب الشرقquot; إلى جانب تشغيل أغانيها في المكان بشكل مستمر، أيضا هناك مقهى الشيخ شعبان، والذي انشئ 1919، وكان مكان يجتمع فيه الثوار، ومقهى الدرويش والذي كان يسمى سابقا مقهي المجاذيب، بالاضافة إلى مقهى quot;نجيب محفوظquot;، ويستمر الزحام في المنطقة حتى مطلع الفجر، عندما تنطلق الابتهالات العذبة من ميكروفانات المساجد المحيطة، والتي تكون آخر ما يصافح سمع زائري المنطقة.