واحدة من الحالات شائعة الحصول في ظروف ارتفاع درجة الحرارة مع أو بدون زيادة نسبة الرطوبة، ما يُعرف طبياً بـquot;ضربة الحرارة، وهذه الحالة تحصل في أجواء الصيف الحارة والتعرض للشمس فترة طويلة أو في أماكن عمل ترتفع فيها درجات الحرارة أو زيادة نسبة الرطوبة، وهذا يعني أن ضربة الشمس هي أحدى أشكال ضربة الحرارة.

أغلب حالات ضربة الحرارة تحصل هي: الوقوف فترات طويلة تحت أشعة الشمس اللاهبة ،العمل البناء في الصيف ،أفران الصمون والخبز، المعامل الأنتاجية التي تستخدم الحرارة العالية كمعامل الصلب والحديد وأشباهها ،الحمامات التي تستخدم الحرارة وبخار الماء(الساونا)، أماكن حارة قليلة التهوية، مواسم الحج في فصل الصيف ،البقاء فترات طويلة على الشواطئ والأنهار في وقت الصيف...الخ.
وتعد ضربة الحرارة من حالات الطوارئ المهمة والتي تستوجب أنقاذ المصاب وعلى الفور كونها حالة خطرة تهدد الحياة، أن التعرض لفترات طويلة لدرجات حرارة عالية أو رطوبة عالية يسبب موت خلايا أنسجة مختلفة في الجسم وكذلك توقف عمل مركز المخ الخاص بالتوازن الحراري مما يؤدي الى أعراض وعلامات ما يُطلق عليه ضربة الحرارة.
أن تراكم حرارة الجسم والناتجة عن :ـ
1. قلة حركة الهواء وارتفاع الرطوبة.
2. بذل مجهود عضلي كبير.
3. نوعيات بعض الملابس والتي تمنع التهوية بل وتكبس الحرارة.
4. قلة تناول الماء.
5. استخدام أدوية كالمدررات والأسبرين ،مضادات الهستامين ، الادمان على بعض المواد كعقار الهلوسة وأدوية الاضطرابات النفسية.
6. واذا تزامنت هذه الحالة مع إصابة الشخص باحدى الحميّات فأن ذلك سيزيد من خطورتها.
أضافة الى ذلك فهناك العديد من العوامل التي تساعد أو تعجّل من الأصابة بضربة الحرارة كأمراض القلب ،أمراض المسالك التنفسية المزمنة ،داء السكري وارتفاع ضغط الدم ،التدخين ،تناول المهدئات التي تعمل تستهدف الجهاز العصبي المركزي ،خلل الغدد العرقية ،سوء التغذية وفقر الدم، علماً أن الأطفال والمسنين هم الأكثر عرضة لمثل هكذا أصابات والسبب يعود الى مركز تنظيم وتوازن حرارة الجسم في المخ إضافة قدرة تحمل أعضاء أجسامهم للحرارة والرطوبة العاليتين.
ما هي آلية الأصابة ؟ كيف تحدث ضربة الحرارة ؟
أن جسم الانسان يعيش بدرجة حرارة 37درجة مئوية ،وأذا ما ازدادت درجة حرارة الجسم لأسباب مَرَضية جرثومية أو بسبب تعرضه لظروف بيئية وفيزياوية معينة، فأن مجسات التحسس الحراري الموجودة في الجسم ستحمّل كمية الحرارة الى مركز التوازن الحراري الموجود في المخ، عمل هذا المركز هو التوازن الحراري، فيعطي أيعازات غاية في التعقيد لكل أجهزة الجسم لتتخلص من الحرارة الزائدة عن المعدل المطلوب كون هذه الحرارة تكون عامل مؤثر مباشر يهدد حياة خلايا أنسجة الجسم المختلفة، فتفتح المسامات وتنشط الغدد العرقية ،تتوسع الأوعية الدموية وبالتالي يبدأ الجسم بالتخلص من الحرارة الزائدة بواسطة التبريد الذاتي(التبخير) عن طريق التعرق ،لذا فان كل من يتعرق يشعر ببرودة الجسم، علماً أن ما يفرزه الجسم ليس ماء فقط وغنما أهم مكونات التعرق وهي الأملاح.
ولتبسيط الصورة، نتخيل سلك كهربائي يتحمل أمبير واحد يتم توزيعه على الأجهزة المطلوب تزويدها بالطاقة الكهربائية، فأذا ما تم تحميله بخمسة أمبيرات فأن ذلك سيؤدي الى قطع السلك وعطل منظومة إيصال الكهرباء مع بقاء مصدر الكهرباء شغّال ،هذا يشبه فيما لو تم أكتساب الجسم لحرارة عالية دون وجود فقدان لها لتصريفها فأن ذلك يعني تحّمل مركز تنظيم الحرارة في المخ أكثر من طاقته وقابليته وبالتالي يحصل القطع (خلل في عمل المركز).
الأعراض والعلامات:
المصاب يعاني من ضعف عام وهبوط شديد، رغبة بالتقيؤ (أحياناً قيئ دموي)، أسهال(أحياناً دموي)، قلة أفراز البول ،تشنجات عصبية، تشنجات عضلية، غثيان ،صداع ،دوار، نعاس وأحياناً هذيان ثم غيبوبة وفقدان الوعي ، درجة حرارة المصاب ربما تصل الى 42 درجة مئوية النبض سريع جداً بحيث يتجاوز130 نبضة/دقيقة، هبوط الضغط ،سرعة بالتنفس ،الجلد جاف وحار(وسبب الجفاف هو عطل آلية التعرق) ،نزوفات جلدية دقيقة ،ازرقاق الشفتين ،وأحياناً أصفرار العين.
أن أعراض وعلامات ضربة الحرارة تختلف (بالمفهوم الطبي)عن أعراض وعلامات حالة نطلق عليها مصطلح ـ الأعياء الحراري ـ والتي تمتاز بأرتفاع درجة حرارة الجسم مع تعرق ، جفاف ، خفقان ، هيجان ، نحول شديد ، صداء مع ضعف بكل أنحاء الجسم.
أن لضربة الحرارة مضاعفات خطيرة منها ،الوذمة(تجمع مائي) في الرئيتين ،انسداد الشريان الرئوي، موت بعض عضلات القلب ونزوفات تحت الشغاف وعدم انتظام ضربات القلب، وذمة الكليتين مع نزوفات ومن ثم الفشل الكلوي، أرتفاع حموضة الدم ،موت خلايا الكبد والفشل الكبدي، نزف البنكرياس، أختلال نظام التخثر الدموي ،تأثيرات على الجهاز العصبي المركزي بسبب الوذمة والنزوفات، انتفاخ الغدد العرقية وانسداد القنوات الخاصة بها ،ولكن لابد من تمييز هذه الأعراض والعلامات عن أمراض أخرى تشابهها كألتهاب المخ ،الحمى الشوكية ،الملاريا ،نزيف المخ، الهيستريا، الصرع ،والتمييز يسهل عند التعرف على ظروف الحالة، التاريخ المَرَضي ،الأدوية التي يتناولها المصاب ،عمله ...الخ
الوقايــــة:ـ
نحتاج الى وعي الناس بالأمور التالية:ـ
1. الاكثار من شرب الماء، مع ملاحظة أن تكون كمية البول مناسبة وجيدة.
2. عدم التجمع في الأماكن التي تكون سبباً في الأصابة.
3. عدم المشي لفترات طويلة تحت أشعة الشمس القوية.
4. استخدام المظلات(الشمسيات).
5. ارتداء الملابس الفضفاضة الواسعة والتي تؤمن تهوية جيدة للجسم.
6. توفير أجواء مناسبة للأطفال وهم يلعبون.
7. الامتناع عن كل الأسباب التي تعد عوامل مساعدة في الاصابة.
كيفية التصرف مع الحالة : بعد التأكد من تشخيص الحالة(والتشخيص ليس بصعب)، فلابد من اتخاذ الأجراءات الأنقاذية للمصاب، ابتداءً من تأمين التنفس ،وخلع ملابس المصاب قدر المستطاع وتبريد جسمه بواسطة الثلج(وضع قطع الثلج تحت الأبطين وفي المنطقة المغبنية)والتهوية المباشرة ، ومن ثم نقله الى المستشفى، بالأمكان من استخدام السوائل الوريدية دون استخدام البوتاسيوم فيها، أن إعطاء السوائل الوريدية يجب أن تكون تحت سيطرة قياس الضغط الوريدي المركزي كون الزائد منها يسبب الوذمة في الرئتين، وأثناء ذلك يجب المراقبة عن طريق الفحوصات المختبرية لكل أجهزة الجسم التي ربما تصاب كمضاعفات الاصابة.