الى حين التوصل الى علاج ناجع للسرطان، تظل الجرعات الكيماوية بين الوسائل القليلة المتاحة لمكافحته. لكن هذه نفسها ذات مشاكل تجرها وراءها وبعضها في سوء المرض نفسه. فمن شأنها - في حالات معيّنة - مساعدة الورم الخبيث على الانتشار بدلا من القضاء عليه.

رغم أن الجرعات الكيماوية هي العلاج الأوسع انتشارا حتى الآن لتقليص الأورام الخبيثة، فثمة جانب سلبي خطير لها يتمثل في أنها قد تهيّئ التربة الصالحة لنمو أنواع معينة من السرطان كما يقول العلماء. وعادة فإن العلاج الكيماوي يحفّز الخلايا السليمة حول الورم الخبيث على إفراز بروتين يقيها من الجرعة الكيماوية نفسها بينما يدمر الخلايا المصابة. لكن نتيجة مفاجئة توصلت اليها الأبحاث الطبية الآن تقول إن هذه العملية ليست تلقائية بالضرورة.
ويعتقد العلماء أن مساعدة العلاج الكيماوي بعض أنواع السرطان على الانتشار تتم عبر تأثيره على أنسجة رابطة سليمة تسمى fibroblasts laquo;الليفيةraquo;. ووجد هؤلاء أثناء تجاربهم المختبرية أن المواد الكيماوية تدمر تركيبة الحمض النووي DNA في هذه الأنسجة بحيث تفرز قدرا من البروتين ضعف الكمية الصحيحة 30 مرة بأكملها.
والنتيجة المعاكسة التي يأتي بها هذا القدر العالي من البروتين الزائد هي تشجيع السرطان - البروستاتا في إحدى الحالات - على الانتشار الى الأنسجة السليمة حوله، إضافة الى اكتسابه المقاومة ضد الجرعات الكيماوية نفسها.
وجاء على الجورنال الطبي laquo;نيتشر ميديكالraquo; قول الدكتور بيتر نيلسون، الذي قاد فريق البحث في laquo;مركز فريد هتشنسون للأبحاث السرطانيةraquo; في سياتل الأميركية: laquo;ثمة عامل مهم في الجو الذي تنشأ فيه الأورام السرطانية يتمثل في موقعها وفي جاراتها من الأنسجة والأغشية. وكل هذه مجتمعة هي التي تحدد درجة الاستجابة و/أو المقاومة للعلاج الكيماويraquo;. وبناء على هذا، يشرح الدكتور نيلسون، فإن منع وصول الجرعات الكيماوية من الوصول الى الأنسجة الليفية السليمة سيحسن فرص العلاج الكيماوي الفعّال.
وكان فريق البحث الطبي قد درس حالات من سرطان البروستاتا والثدي والمبيض تُعالج كيماويا قبل التوصل الى نتائجه تلك. وفي بريطانيا نقلت laquo;ديلي ميلraquo; عن الدكتور فران بلاكويل، من laquo;كانس ريسيرتش يو كيهraquo; المعني بأبحاث السرطان قوله إن هذه النتائج توافق بحوثا أخرى أجرتها مؤسسته وتفيد أن العلاج الكيماوي لا يؤثر في الأورام الخبيثة وحسب وإنما يمكن أن يدمر الأنسجة والأغشية المحيطة بها أيضا.
وربما كان هذا بحد ذاته محمدة في بعض الأحوال التي يحفز فيها العلاج الكيماوي الأنسجة السليمة على مهاجمة الخبيثة. ولكن، تبعا لبلاكويل laquo;ففي الكثير من الأحيان تؤدي الجرعات الكيماوية لإفرازات زائدة من البروتين تساعد الخبيثة نفسها على مقاومة العلاج. والمطلوب الآن بالتالي هو إيجاد وسيلة تحد من كمية البروتين بحيث لا يُفرز منه الا القدر اللازم لحماية الأنسجة السليمة وتدمير الخبيثة.