يفضل الشباب العراقي منذ أول يوم في رمضان، المقاهي والكازينوات لقضاء الوقت بعد الافطار ولقاء الأصدقاء والتمتع بالأحاديث والألعاب الجماعية ومشاهدة التلفاز الى وقت متأخر من الليل.

في ظل سهرات رمضان العراقيةالطويلة فإن تدخين الشيشة أصبح الشغل الشاغل للكثير من الشباب حتى بين الذين لم يعتادوا في حياتهم اليومية على التدخين.ويوضح الطالب الجامعي سعد إبراهيم من الكاظمية في بغداد متعته الكبيرة في التردد على المقاهي يوميًا منذ بداية رمضان.
ويتابع : أقصد المقهى بعد الفطور مباشرة حيث أسهر هناك الى منتصف الليل. ويشرح إبراهيم دواعي ذلك بأنه يرتبط مع أصدقائه في اهتمامات مشتركة، حيث يتشاركون في ألعاب جماعية مثل (المحيبس)، إضافة الى تبادل الأحاديث المختلفة ومتابعة التلفاز والمباريات وتعاطي الشيشة.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن الشباب يشكلون نسبة (40% ) من سكان العراق. لكن مرتضى صالح، يجتمع مع أصدقائه في بيوتهم بالتناوب ، يدخنون الشيشة ويتابعون التلفاز ويستمرون على هذا الحال حتى السحور .
ويرى مرتضى أنه على الرغم منأن الصيام يحد من إدمان المدخنين، لكن المشكلة هي الاقبال على الشيشة بشراهة كبيرةفي الكثير من التجمعات الرمضانية. ويؤكد مرتضى أن من أكبر الفوائد التي يجنيها الشباب في رمضان التعود على الصبر والتزين بالاخلاق وعدم القيام بممارسات تغضب الله ، لكنهم على الرغم من إيمانهم بذلك فإن الكثير منهم لا يحبذ التردد على المساجد بسبب الاوضاع الأمنية .
وبحسب مرتضى، فإن الكثير من الشباب يصومون شهر رمضان كاملاً على الرغم منأنهم لا يؤدون فريضة الصلاة بصورة منتظمة مؤكدًا أن تعودهم على الصيام صار لدى البعض عادة إجتماعية أكثر منه فرضًا دينية. لكن المدرس كريم الخفاجي الذي يجلس في جانب من مقهى في الكاظمية في بغداد حيث يحتشد فيه عشرات الشباب ، ينتقد الانتشار الكثير للشيشة والتدخين بين الشباب بعد الافطار مؤكدًا أن ما يحصل يشير الى أجواء غير صحية تتخلل الشهر الفضيل .
ويشير الخفاجي الى أن انتشار الصيام بين الشباب أمر بارز، إذ يتجه الكثير من الشباب الى ذلك برغبة شديدة ، لكن المشكلة أن تصرفاتهم لا تتلاءم مع ما يتطلبه الشهر الفضيل .
ويعتقد الخفاجي أن بعض الشباب يتخذ من الصيام وسيلة للمتعة، فما يلبث هؤلاء أن يتجمعوا بعد الافطار ، من دون أن يؤدوا في الكثير من الاحيان الشعائر الدينية الاخرى كالصلاة ، اذ إن همهم الاول الافطار بوجبة شهية ثم السهر في الليل. ولا يمثل شهر الصيام بالنسبة الى فاضل العبيدي (20 سنة ) سوى فرصة للامتناع عن الاكل وتحمل الجوع، فما أن يحل الافطار حتى يتحول شهر التعبد الى وقت للمتعة والسهر .
ولم يعد شهر رمضان شهر عبادة بالضرورة ، بحسب البعض بل أصبح ظاهرة إجتماعية ترتبط بالشكل الحياتي للمجتمع. وفي أغلب مدن العراق تتحول أماكن الاستراحة من مطاعم وكازينوات الى وجهة رئيسية لتعاطي الشيشة ، ليتحول الجو في تلك الأماكن الى هواء ضبابي لكثر ما ينفخ فيه من دخان الشيشة والسجائر .
وينتقد رجل الدين علي الدليمي ظاهرة المتعة الزائدة بعد الافطار ، مشيرًا الى أنالكثير من الشباب لم يعد يعبأ بأداء الصلاة وتلاوة القرآن الكريم . من جانبه يشير هاشم أحمد ( كاسب ) ، الى أن رمضان يشجع على الاقلاع على التدخين ، ويبدي كثيرون الرغبة في ذلك ، لكنهم يجدون أنفسهم بعد الافطار ضحية الشيشة فيدخنون أضعاف ما كانوا يدخنونه قبل رمضان.
ويتحدث سعد التميمي صاحب مقهى في الكرادة في بغداد عن أن رمضان يتيح للقاصرين ممن هم دون سن الـ 18 لتعاطي الشيشة، منذ الافطار حتى ساعات متأخرة من الليل. وغالبًا ما تدور مجاملات بين الأصدقاء بعد الافطار ومن لا يدخن يلجأ الى التدخين استجابة لالحاح بقية الأصدقاء .
وتصل متعة تدخين الشيشة والسهر في المقاهي بعد الافطار الى أن بعض الشباب يحجز منضدته طوال شهر رمضان لكي يضمن مقعداً في المقهى. ويخمن الباحث الاسلامي والناشط الاجتماعي مازن لطفي عدد الذين يتركون منازلهم في مسارات رمضان نحو سبعين في المئة، حيث يفضلون السمر وقضاء الوقت خارج المنزل ، كما أن أغلب الصائمين ينامون نحو ست ساعات ليلاً، ويفضلون قضاء قيلولة في النهار تمتد لنحو ساعة ونصف الى ساعتين.