حذر علماء آثار ومختصون معنيون بالحفاظ على التراث من أن القتال المشتعل في مدينة حلب السورية، التي تعتبر عاصمة البلاد التجارية وأقدم المستوطنات البشرية المأهولة بالسكان في العالم، يهدد بإلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بالتراث المعماري والثقافي المذهل الذي ما يزال موجوداً نتيجة حضارات ممتدة على مدار 5000 عام.

قالت بوني بيرنهام، رئيس صندوق الآثار العالمي الذي يعني بالحفاظ على مواقع التراث الثقافية، إن الأبواب الحديدية الضخمة التي كانت موجودة أمام إحدى القلاع العملاقة التي يعود تاريخ إنشائها للقرون الوسطى في حلب قد تم نسفها في هجوم بالصواريخ.
ويتعاون الصندوق منذ أكثر من 10 أعوام مع مؤسسة أغا خان للثقافة ووزارة الثقافة السورية وعلماء آثار ألمان في جهود كانت تهدف لاستكشاف وترميم ذلك الموقع الهام.
ولفتت في هذا الصدد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن من بين المواقع الأثرية الهامة المعرضة للخطر ذلك المبعد الذي يطلق عليه quot;معبد إله العاصفةquot;، الذي يعود تاريخ إنشائه لما بين الألفية الثانية والثالثة قبل الميلاد، والذي قالت عنه بيرنهام إنه يعتبر واحداً من أقدم البنايات الموجودة في العالم ولم يزره أحد مطلقاً من قبل.
ثم تحدثت الصحيفة عن المخاطر التي تحدق كذلك بشوارع حلب التي تشبه المتاهات والتي تكشف عن صورة مصغرة من التاريخ البشري، منوهةً إلى وجود بقايا من أفاريز العصر البرونزي وقلاع رومانية أسفل القلعة العتيقة. وكل هذا إلى جانب المدينة القديمة المحاطة كلها بسور ومسجدها الكبير الذي يعود للقرن الثاني عشر والآلاف من الأفنية التي يعود تاريخها للقرون الوسطى والأسواق العربية والمدارس الدينية الحجرية التي يعود تاريخها للقرن السابع عشر والقصر العثماني والحمامات.
ورغم إظهار الصور التي التقطت للقلعة الركام وهو متناثر في بعض الأماكن، إلا أنه من الصعب تحديد المدى الذي يمكن أن يتحمل من خلاله أي الجانبين مسؤولية أي ضرر.
وبهذا الخصوص، أصدر المجلس الوطني السوري، المؤلف من عدة قوى مناهضة للحكومة، بياناً قال فيه إن القلعة قصفت يوم الجمعة الماضي بصاروخ من جانب الجيش. فيما صورت quot;الجزيرةquot; مقطعاً لثوار وهم يتحدثون عن الحاجة للاستيلاء على القلعة. وعاودت بيرنهام لتحذر من أن أعمال السلب والنهب قد تلحق مزيداً من الأضرار بالمدينة، منوهةً إلى أنها علمت بنطاق الدمار من خلال الإفادات التي تحصلت عليها من علماء آثار بالولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط ومن شهود عيان في حلب. وأشار يورغ ايزفيلد، مسؤول التخطيط الحضري الذي عمل كمستشار لدى مؤسسة أغا خان في حلب، إلى أن هناك حاجة الآن لتسليط الضوء على المخاطر بداخل وخارج سوريا.