تنامت في رمضان الجزائر لهذا العام، ظاهرة الخيم الرمضانية التي تقصدها الكثير من العائلات الميسورة الحال وتجد فيها أحسن فضاء لممارسة طقوس عائلية في أجواء ترفيهية، بيد أنّه لا يتسنى للعائلات البسيطة ذات الدخل المحدود أن تراود هذه الخيم، تبعا لما تقتضيه الأخيرة من مخصصات ضخمة للوفاء بموجبات سهرات تستمر إلى الفجر.

ظهرت الخيم الرمضانية في الجزائر أواخر تسعينيات القرن الماضي، وشكّلت متنفسا لقطاع من الناس في بلد يفتقر إلى فضاءات تنشيطية كثيرة في شهر الصيام، ويعتبر الأغنياء أهم مرتادي تلك الخيم، طالما أنّ الموظفين محدودي الدخل الذين أنهكهم الانفاق على ضروريات الشهر، زاهدون في أمر يعد من الكماليات، ولا يمكن للجميع تحمّل وطأة التسعيرات ليست في متناول الجميع، إذ تتجاوز 1500 دينار (أزيد من مائتي دولار) للفرد الواحد، ويتغيّر المبلغ حسب ما يقترحه منظمو هذه الخيم ونوع الخدمة المقدمة داخلها.
وتدّر الخيم أرباحا طائلة على أصحاب الفنادق والمنشآت السياحية التي تقوم بتنظيم تلك الخيم التي تندرج في إطار سياسة تجارية تراهن على تجاوز الركود الذي يطال عموم الهياكل السياحية خلال شهر رمضان.
وتتحكم في سيرورة الخيم الرمضانية، معطيات عديدة، كدسامة برامجها وأسماء منشطيها، حيث تنفرد خيم بعض الفنادق بحكم استقطابها ألمع وجوه الغناء والفكاهة، وحرصها على ضمان عروض للأزياء التقليدية.
وبحافز إضافي مضاعف أملته معطيات عديدة، سارعت كبرى الفنادق في البلاد لمضاعفة الخيم الرمضانية خلال شهر الصيام الحالي، وتمتد السهرات داخل الخيم الرمضانية من الساعة التاسعة ليلاً وتتواصل الى غاية الرابعة فجرَا، وتتراوح أسعار الدخول للسهرات بالنسبة للزبون الواحد ما بين ألفا وثلاثمائة دينار، وألفا وستمائة دينار (ما يعادل 190 إلى 220 دولارا)، دون احتساب تكاليف الخدمة داخل هذه الخيم وقيمة ما يتم استهلاكه، وهو ما يعني جني المنظمين لأرباح بالملايين، لا سيما إذا ما وضعنا بعين الحسبان أنّ غالبية زبائن هذه الخيم هم من العوائل التي يتراوح عدد أفرادها بين الثلاثة والخمسة أفراد.
وكثيرا ما يتم تحويل الخيم الرمضانية من لدن قاصديها إلى مسرح للاحتفال بمناسبات عائلية سعيدة، خصوصا مع سهولة جمع الأهل والأحباب في سهرات تغمرها أجواء الفرح والبهجة، وأضحى عاديا إقدام رواد الخيم المذكورة على تنظيم حفلات أعياد ميلاد وحفلات الخطوبة، حيث قام فريق واسع من العائلات بضبط مواعيد الخطوبة في رمضان خاصة مع تزامن هذا الأخير مع فترة الصيف الذي تكثر خلاله الأفراح.
وفي مقابلة مع quot;إيلافquot;، يقول quot;محمد الأمين ولد عليquot; مدير التجارة والتسويق بفندق وسط العاصمة، إنّ الخيمة الرمضانية بالنزل إياه جلبت جمهورا واسعا من الزبائن على مدار سهرات شهر الصيام، شارحا أنّه تمّ إعداد البرنامج بعد دراسة رغبات الجمهور وطلبات زبائن الفندق وروادهفي سهرات رمضان السابقة.
على صعيد التنافس، اجتهد كل طرف في كيفية استمالة القطاع الأكبر من الزبائن وتوفير أسباب راحتهم التامة، فهناك فنادق اقترحت خيما بديكور خاص وفقرات منوّعة وتخفيضات هامةإلى غاية 40 بالمائة، وأخرى نظمت حفلات غنائية ضخمة وأرفقتها على الهامش بعمليات يانصيب لحث الزبائن على القدوم بقوة.
في هذا الصدد، يبرز quot;أحمد بن مدورquot; مسؤول مؤسسة التسيير السياحي لسيدي فرج، أنّ الأخيرة اقترحت أسعارا مغرية لتكون في متناول الزبائن، مثلما أقرت تخفيضات في نهايات الأسبوع، كما سطّرت برامج خاصة تتناسب بحسبه مع تطلعات الزبائن، بما يجعل الخيم الرمضانية أكثر تنوّعا وانتعاشا.
وتشكل الخيم الرمضانية مناسبة لمنافسة من طراز آخر بين عموم المعلنين، في هذا السياق، اقترح متعاملو الهاتف الخلوي، عروضا دعائية خاصة بغرض الترويج لصورتها داخل هذه الخيمات، وتنافست كل من مجموعة الاتصالات المصرية quot;أوراسكومquot; وعلامتها التجارية quot;جازيquot; وكذا quot;الجزائرية للاتصالاتquot; وعلامتها التجارية quot;موبيليسquot;، فضلا عن مجموعة الوطنية الكويتية وعلامتها التجارية quot;نجمةquot;، في تنظيم مسابقات مغرية.