في وقت تشهد فيه السياحة الدينية ازدهاراً كبيراً في العراق ، الا أن السياحة الأثرية مازالت ( عرجاء ) بحسب الخبير في السياحة حميد منصور. ويعود سبب ذلك بالدرجة الأولى الى قلة الاهتمام بهذا القطاع ، في وقت تشهد فيه المرافق السياحية ذات البعد الديني تطويرًا وتوسعًا كبيرين .

على الرغم منأن الجانب الاحادي من الاهتمام والتطوير نجح في استقطاب الكثير من رواد السياحة الدينية وزوار العتبات المقدسة في العراق، الا أن ذلك يحدث على انقاض سياحة أثرية لم تبقَ منها إلا فعاليات متواضعة ، لم تنل الاهتمام إلا بالقدر اليسير.وفي وقت يزور فيه العتبات المقدسة والمرافق الدينية الآلاف من الزوار سنويًا فإن أعداد القاصدين للمناطق الأثرية لا تتعدى المئات بل ان البعض منها لا يصله سنويًا إلا النفر القليل .
لكن مدرس التاريخ احمد سلمان يرى أن السياحة الدينية والأثرية تكملان بعضهما اذا ما وضعت الخطط المناسبة. ويتابع : التقيت الكثير من الزوار الاجانب يشتكون من أن برامج سفراتهم تشتمل فقط على زيارة العتبات المقدسة في حين أن بالإمكان شمول المناطق الأثرية بهذه الزيارات التي هي (دينية) في الاساس .
وفي مناطق جنوب ووسط العراق فإن مئات الزوار يصلون شهرياً لاسيما من ايران والبحرين ودول الخليج واوروبا ودول العالم المختلفة . ويقول سالم حسين من البحرين إنه جاء يزور العتبات المقدسة في كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) و النجف ( 160 كم جنوبي بغداد) ، وتمنى لو أن زيارته تضمنت المناطق التاريخية والأثرية في العراق لكنه يعترف أنه لمس اللامبالاة حتى بين العراقيين انفسهم ، اضافة الى افتقار الاسواق والفنادق والمؤسسات الثقافية على الخرائط والإرشادات السياحية
ومما يساعد على إزدهار السياحة الدينية في العراق وجود العشرات من مراقد الائمة لدى المسلمين الشيعة والسنة بشكل عام ، كما تضم ارض العراق مزارات العديد من الانبياء. وغالبًا ما ترتبط السياحة الدينية بالمناسبات المقدسة والمهرجانات الدينية والطقوس العبادية ، وتقتصر على المناطق ذات التأريخ الديني القديم .
من جانبه، يوضح المستثمر سعد حسن أن الاستثمار في العراق اليوم يركز على السياحة الدينية وتطوير المرافق الدينية ، مما يتوجب إقناع المستثمرين بأن الاستثمار في المناطق الأثرية يعتبر جزءًا مكملاً للاستثمار في المناطق والمدن الدينية وأنه لا يتعارض معه . كما يشير الى أن السياحة الدينية غالبًا ما تكون الى معالم دينية التي هي اضافة الى قيمتها الدينية فانها ذات قيمة أثرية وتأريخية لانها بُنيت منذ آلاف السنين .
لكن سعد المولى يتخوف من ( اسلمة ) بعض فعاليات السياحة في ما يتعلق بالترميم . ومن أمثلة ذلك بحسب المولى قصر الامارة في الكوفة ( 150 كم جنوبي بغداد) الذي بناه أبو الهيجاء الأسدي لسعد بن أبي وقاص عندما بنى الكوفة سنة 17هـ .
فعلى الرغم مناهمية القصر التاريخية الا أنه ترك عرضة للمياه الجوفية والتعرية والكلاب السائبة . وبحسب المولى، فإن سبب عدم صيانة المكان يعود الى اسباب دينية حيث يعتقد البعض أن بقاء القصر بهذه الصورة ( المهملة ) عِبْرة إلهية لكي يرى الناس مصير الطغاة والمتجبرين. وبينما لا يزور قصر الامارة الا افراد قلائل فإن بيت الامام علي الذي يقع بجوار القصر يشهد زيارات بمليونية في كل عام.
ويقول رجل الدين احمد الياس: إن في هذا عبرة لمن اعتبر. لكنه يعترف أن للقصر قيمة تاريخية ولابد من انقاذه مما حل به من اضرار تكاد تزيله من سطح الارض بسبب المياه الجوفية وعوامل التعرية. ومع الاستقرار الأمني فإن المستثمر عماد كامل الذي يعمل في قطاع الفندقة في بغداد والنجف وكربلاء فإن السياح والمستثمرين بدأوا يتدفقون بشكل متزايد الى العراق .
ويقول عماد إن الشكوك التي كانت تنتاب المستثمر والسائح مازالت اليوم مع انحسار العنف ، وتبني الكثير من الجهات الدينية منهج الاعتدال في نظرتها الى السياحة والمواقع التاريخية.الجدير بالذكر أن اغلب فنادق السياحة في العراق ، والمرافق السياحية في المناطق الأثرية تمتنع عن تقديم المشروبات والأكلات التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية ، مما يتوجب على السائح لاسيما الأجنبي أخذ ذلك في الاعتبار.