مازال البدناء في العراق بعيدين كلّ البعد عن الاكل الصحي ، بسبب إدمانهم على الأكلات الدسمة التي يشتهر بها المطبخ العراقي . ويسبب الاستهلاك المفرط للدهون بسبب انتشار مطاعم الوجبات السريعة بشكل واسع آثاراً سلبية على الاجسام ويزيد من خطر الإصابة بأمراض السمنة.


بغداد: يُرجِع الخبير في التغذية لطيف محمود تزايد السمنة بين العراقيين في الدرجة الاولى الى ارتفاع مستوى المعيشة مما زاد من الإقبال على المطاعم التي تحرص على تقديم أشهر الاكلات العراقية الشعبية، وهي في غالبيتها تحتوي على نسب كبيرة من الدسم ، ويرافق ذلك انحسار الحركة وعدم ممارسة الرياضة. ويقول محمود إن الظاهر ة الاكثر بروزًا هي تزايد اعداد البدناء من الاطفال بسبب اعتمادهم على مطاعم الوجبات السريعة وعدم ممارستهم الرياضة وإدمانهم الرياضة السلبية من مشاهدات لمباريات كرة القدم وممارسة ألعاب الفيديو والنت ، وكل ذلك يسهم في تعزيز السمنة لديهم منذ الصغر، ويعني ذلك استمرارها مع التقدم في العمر ليصبح التخلص منها أمرًا مستحيلاً .

من جانبها، تصف الطبيبة نداء جواد العادات الغذائية العراقية بأنها (سلبية) ، بسبب إدمان استهلاك الأطعمة الحاوية على نسب عالية من الدهون المشبعة و غير المشبعة . وبحسب جواد، فإننسباً كبيرة من المصابين بأمراض القلب والسكري وضغط الدم من البدناء ، حيث يسبب الوزن الزائد في اضطرابات افراز الأنسولين.

السمنة بين العراقيات

واغلب الاكلات الشعبية العراقية ، هي اكلات مشبعة بالدسم والدهون ، و السكريات مثل الباقلاء بالدهن ، و( التشريب) الدسم ، و( الدولمة) والكباب والحمص بالطحينة و البقلاوة و كبسة الدجاج و كبة الموصل و كبة برغل و( محشى ) اللحوم على انواعها . وترى جواد أن السمنة بين العراقيات اكبر حجمًا مقارنة بالرجال ، وأن الكثير منهن لهن مؤشر كتلة جسم يزيد على 28 كيلوغرامًا لكل متر مربع، لاسيما بعد الحمل حيث تنعدم ممارسة الرياضة مع الافراط في الاكل. وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من مليار شخص يعانون البدانة على مستوى العالم ، كما تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع نسبة السمنة في العراق بنسبة 8% بالنسبة للذكور و 19% للإناث.

أفكار خاطئة

وثمة أفكار خاطئة تعزز الادمان على الاكل ( الدسم ) ، اذ يعتقد حليم الرهيمي ( مصلّح سيارات) أن العمل الشاق يتطلب التغذية ( الدسمة) ، ويعترف أنه مثل كثيرين ممن يعملون في الحي الصناعي في مدينة بابل (100 كم جنوبي بغداد ) حيث تكثر ( كراجات) تصليح السيارات ، يتناول في الصباح الباقلاء بالدهن وهي اكلة مشبعة بالزيت ، وفي الظهيرة يتناول الرز و ( التشريب ) ، اما في المساء فإنه اعتاد على اكل اللحوم والألبان الدسمة .

ورغم أن الرهيمي يعاني من ( التكرش ) وزيادة وزنه الذي يبلغ حوالي المائة وعشرة كيلوغرامات الا أنه مستمر في عاداته الغذائية السيئة. غير أن لكامل حسين ( تاجر أقمشة ) فلسفة خاصة في الاكل ، فهو يعتقد أن الأكلات العراقية تفرض نفسها على المائدة ، مهما حاولنا الابتعاد عنها . الخبيرة والأكاديمية في التغذية علياء التميمي تؤكد أن بحثاً لها في هذا الشأن يشير الى أن الاكلات الشعبية في العراق تُعدّ خطراً محدقاً على الصحة ، بسبب احتوائها على مواد كيماوية معقدة تسبب الإدمان كما تتسبب في ترسب مواد سامة في الجسم بمرور الوقت . وتتابع : أغلب العراقيين اليوم يتناولون اغذية ذات سعرات حرارية عالية وتسبب ( دسامتها ) في تجميع الدهون في الشرايين والأوردة مما يؤدي الى إغلاقها .

الباقلاء المشبعة بالدهن الحيواني

وفي مدينة بابل التي تشتهر بزراعة الباقلاء ، لا يخلو المطبخ المنزلي والمطاعم من اكثر الاكلات دسامة وضررًا بالصحة بالنسبة للذين يعانون من السمنة وأمراض القلب ، وهي أكلة ( الباقلاء المشبعة بالدهن الحيواني). وعلى الرغم منأن هذه الاكلة في الأساس هي أكلة أبناء الطبقة الفقيرة لرخص ثمنها وسهولة إعدادها ، غير أنها تحولت بمرور الزمن الى اكلة لجميع الطبقات حتى الاغنياء منهم بسبب طيب مذاقها . والأكلة الدسمة هذه ، بمجملها عبارة عن ثمار باقلاء مقشرة ومنقوعة بالخبز مع ماء الباقلاء حيث يسكب عليها الدهن الحر أو السمن النباتي الذي يقلى فيه البيض.

وإضافة الى هذه الاكلة، فإن وجبات الفطور الدسمة مثل الاجبان والقيمر و (الكاهي) تحتوي على نسب عالية من الدهون . ومن الاكلات الدسمة التي يُدمن عليها الكثير من العراقيين (الباجة) و ( الكراعين) وهي عظام وأطراف و رؤوس الخراف والأبقار. ويشير رحيم الاسدي (صاحب مطعم) ، الى أنها تُؤكل من قبل جماعات يقصدون المطاعم خصيصًا لتناولها ، لاسيما وإنها تُشعر متناولها بالدفء لاسيما في فصل الشتاء .

أمراض المعدة

وترى الخبيرة الغذائية علياء التميمي أن اعتياد الناس على أكلها مع الفجر أو كوجبة فطور أساسية، يسبب ترسب الدهون في الدم ، اضافة الى أنها ( ثقيلة ) وتسبب الكثير من أمراض المعدة.
وإضافة الى ما ذُكِر ، فإن دراسة علمية أجرتها جامعة كامبريدج البريطانية أثبتت أن تناول المأكولات ( الدسمة) يسبب ضعفاً موقتاً للذاكرة شبيهاً بحالة التيه الناجمة عن تناول المشروبات الكحولية، كما يقلل من نسبة الذكاء.