ثمة اعتقاد وسط الناس يقول إن الأدوية العشبية laquo;لا تضر إن لم تنفعraquo;. على أن خبراء الصحة يحذرون من أن هذا الاعتقاد بعيد تمامًا عن الحقيقة. ويضربون الآن مثلًا بعقار صيني للصداع النصفي، ويقولون إنه قد يصبح قاتلًا في العديد من الحالات.


صلاح أحمد: أصدرت السلطات الصحية البريطانية تحذيرًا عاجلًا، جاء فيه أن دواءً عشبيًا صينيًا يسمّى Zheng Tian Wan laquo;جينغ تيان وانraquo; (أو laquo;زينغ تيان وانraquo;) ويوصف لمعالجة الصداع النصفي (الشقيقة) قد يسبب مختلف الأعراض الجانبية السيئة لمستخدمه، وقد يودي بحياته في حالات عدة.

التحذير أصدرته laquo;وكالة ضبط المنتجات الطبية والصحيةraquo;، وهي أعلى سلطة من نوعها في بريطانيا، ويعود إليها القول الفصل في الأدوية التي يمكن للجمهور الحصول عليها من الصيدليات. وجاء في هذا التحذير أن عقار جينع تيان يتألف بشكل رئيس من مادة تسمّى aconite laquo;الأكونيتينraquo;. وتستخرج هذه المادة من زهرة عشب وصفه الإغريق بأنه laquo;ملك السمومraquo;.

تجارة غير قانونية
يقع هذا العقار في لائحة laquo;وكالة ضبط المنتجات الطبية والصحيةraquo; للمواد المحظور على الصيدليات صرفها للجمهور بسبب أثرها السريع الضار على القلب والجهاز العصبي. ولكن عُرف أنه يباع في بعض متاجر الأعشاب الصينية وغيرها بشكل غير قانوني، ولهذا أصدرت الوكالة تحذيرها من تناوله بأي شكل كان.

وقالت الوكالة إنها تنبهت لهذا العقار بعدما نما إلى علمها أن شخصًا تناوله لمداواة الصداع النصفي، لكنه عانى سريعًا من مشاكل خطيرة في كليتيه. ورُبط هذا الأمر مع تقريرين آخرين، أحدهما عن مريض أصيب بعد تناول العقار نفسه بالخدر والدوار، والثاني عن شخص شكا من تسارع خفقان القلب وصعوبة التنفس وآلام عامة في الجسد، ولم تزل هذه العوارض إلا بعدما توقف عن تناول العقار المذكور.

للاستخدام الجلدي فقط
يبدو أن استخدام هذا العقار يتم بطرق عدة، منها أخذه عن طريق الفم. وتقول الوكالة الصحية البريطانية إن هذه الطريقة الأخيرة تحديدًا هي الأكثر خطورة على الإنسان، لأنها تؤثر على الأعضاء الحيوية ndash; كالقلب والكبد والكليتين ndash; بشكل مباشر. ولهذا السبب فهي توصي عمومًا بعدم تناول العقاقير المحتوية على مادة laquo;الأكونيتينraquo; إلا بتوجيه من الطبيب، الذي لن يصرفها إلا للاستخدام الخارجي (على الجلد) فقط.

يذكر أن الأدوية العشبية (والطب البديل عمومًا) مسألة تُسلط عليها الأضواء كثيرًا بسبب مخاطرها المحتملة الكبيرة، رغم أن معظم الناس يعتقدون أنها آمنة لأنها laquo;طبيعيةraquo;. وقبل أشهر قليلة أصدرت laquo;وحدة مسح أمراض الأطفالraquo; في مستشفى الأطفال الملكي في ميلبورن، أستراليا، تقريرًا صنّف 66 في المئة من أعراضها الجانبية، إما في خانة laquo;قاسيةraquo; أو laquo;تهدد الحياةraquo; أو laquo;قاتلةraquo;.

استند البحث في نتائجه تلك إلى 39 حالة قائمة بذاتها، تناول فيهاالصغار بين سنّ الرضاعة والسادسة عشرة مختلف العقاقير البديلة أو المستحدثة اعتباطًا laquo;البديلةraquo;.. ووجد أن الضرر في 30 حالة من هذه تأتى من العقاقير البديلة بدرجات تتراوح بين laquo;على الأرجحraquo; وlaquo;المؤكدraquo;.

ووجد أن الضرر في 17 حالة أخرى نبع من عدم تناول الأدوية الطبية المعتمدة. وتناول أيضًا أربع حالات وفاة، قال إنها نتجت من الامتناع عن استخدام هذه الأدوية الأخيرة والركون إلى الأدوية العشبية وحدها.