يقصد الكثير من الزوار مشهد الشمس في الشمال الغربي لمدينة الحلة ، مركز محافظة بابل (100 كم جنوبي بغداد ) على مسافة كيلومتر واحد من نهر الحلة المتفرع عن نهر الفرات الخالد . ويكتسب المكان أهميته حيث حط الإمام علي مع جيشه في المكان، وعند الصلاة دعا الله لأن يرد الشمس الى وضعها السابق بعد أن شارفت على المغيب كسبًا للوقت لكي تقام الصلاة، وهذا ما حصل بالفعل.


بغداد: وسط بساتين النخيل التي كانت في يوم من الايام كثيفة بالأشجار التي تظلل quot;مشهد الشمسquot; وتجعل منه ليس مقامًا دينيًا فحسب ، بل منتجعاً للراحة والتنزه حتى صار قبلة العائلات التي تبحث عن الراحة النفسية وهي تزور هذه البقعة المقدسة مثلما هو مقصد الزائرين الباحثين عن المتعة. ويزور أحمد القريشي (كاسب ) بين الحين والآخر المكان ،حيث يصلي فيه، وخلال ذلك يقضي أطفاله أوقاتاً جميلة في المتنزه الذي يحيط بالمكان.

يقول أحمد أن قدسية هذا المكان تعود الى ما يردده الناس من أن الامام علي بن ابي طالب مرّ فيه وأقام عنده، حيث صلى واستراح مع جيشه ، ومازال الى الآن يضم محراب الامام الذي صلى فيه.
لكن الباحث الاثاري علي شبيب يقول إنه على الرغم منأن هذه الرواية هي الاكثر تداولاً بين الناس، ومنها اكتسب المكان أهميته لأنه يرتبط بحادثة إسلامية منذ حوالي 1400 سنة ، فإن الروايات التاريخية تتحدث عن أحداث أخرى عايشها المكان.

ويتابع: بعض الباحثين وكتب التاريخ يعتقدون أن هذا المكان أقدم بكثير مما هو معتقد، حيث يرجع تأريخه الى العصور البابلية باعتباره كان معبدًا لآلهة الشمس، اذ تتحدث المصادر التاريخية عن أن الملك نبوخذ نصر اتخذ من المكان موضعًا لتقديس الآلهة. وفي الوقت الذي يرى فيه باحثون آخرون أنه هو ذاته معبد (أدد) الذي كان مركزًا للعبادة لدى البابليين، فإن بعض المصادر اليهودية تفيد بأنه آثار يهودية تشير اليه الكتب التاريخية وأنه كان مركز عبادة لهم.

وبالنسبة لزوار المكان اليوم حيث يفده الناس من داخل العراق ومن تركيا وإيران وسوريا ولبنان ، فإن اهميته مردها أن علي بن ابي طالب ، اقام بجيشه في هذا المكان وحين أراد الصلاة وجد أن الوقت قد فات، فدعا الله لأن يرد الشمس الى وضعها السابق كسبًا للوقت لكي تقام الصلاة، وهذا ما حصل بالفعل. ويقول أحمد تقي الدين الذي يزور المكان ضمن وفد سياحي لبناني للأماكن المقدسة في وسط وجنوب العراق ، فإن هذا المكان يصيب المرء بالذهول لأنه مكان وطأته قدما الامام علي.

ويتابع: غالبًا ما تتضمن برامج السياحة اللبنانية زيارة هذا المكان المقدس. ويتحدث الباحث الأثاري شبيب عن الكثير من الاهمال الذي رافق المكان، حيث كان في يوم من الايام قطعة أثرية ذات بناء جميل تتم ادامته بين الفترة و الاخرى، لكن الاهمال الذي أصابه جعل التقادم يؤثر في قوامه ومظهره الخارجي. وتابع قائلاً: طراز المنارة التي تعلو المكان يدل على أنها بنيت أو جددت على الاقل في العهد السلجوقي بسبب الزخارف المقرنصة التي اشتهرت بها العمارة السلجوقية. والمنارة التي تبرز للناظر من بعيد، ترتكز على قاعدة مربعة تضيق كلما ارتفع البناء.

اقتربنا من هذا الصرح الاثري المثير فوجدنا أن المنارة تمثل استثناءً مقارنة بالمنائر الاسلامية الحديثة ، فليست هناك حجرة للمؤذن في قمتها وهو الامر المعروف في عمارة المنائر الاسلامية. وينبه شبيب أيضًا الى اختفاء السلم، الذي يستخدم لغرض صعود المؤذن أو القائم على خدمة المكان الى الاعلى لأغراض الادامة أيضًا. ويؤكد رجل الدين علي الحلي ، أن هذا المكان اشتهر بكراماته على مر العهود ، اذ شفى الكثير من الناس من أمراض كانوا يعانون منها، وتحققت اماني كثيرين، كما أن نساء كنَّ يعانينَ من عدم الانجاب ، تمكنَّ من ذلك بفعل كرامات المقام.