ربما تعد لعبة "بوكيمون غو" ظاهرة في عصر ألعاب الهواتف الذكية، لكن هل تشهد شعبية اللعبة تراجعا في الوقت الراهن؟

ومنذ طرحها في يوليو الماضي، اجتذبت لعبة "بوكيمون غو"محبي الألعاب في شتى أرجاء العالم من الساعين إلى تعقب شخصيات اللعبة والإمساك بها. وبعد أسبوع من طرح اللعبة في الولايات المتحدة، قالت شركة آبل إن اللعبة سجلت رقما قياسيا من حيث أكثر التطبيقات تحميلا من موقع "آب ستور" خلال أسبوع واحد.

وملأ محبو اللعبة الراغبين في تعقب "بيكاتشو" و"سنورلاكس" الأماكن العامة مثل متنزه "سنترال بارك" في نيويورك الذي شهد تجمعات كبيرة من أشخاص يتحركون في كل اتجاه ممسكين بهواتفهم المحمولة.

لكن الوضع الآن وبعد شهر من طرح اللعبة يشير إلى تراجع شعبيتها، بحسب تحليل بيانات. كان من المتوقع حدوث تلك الانطلاقة الهائلة بفضل الدعاية الكبيرة التي أسهمت دائما في جذب اللاعبين الراغبين في تجربة اللعبة ثم العدول عن الاحتفاظ بها بعد ذلك.

بيد أن هذا التراجع حدث خلال فترة طرح التطبيق في معظم آسيا وأمريكا اللاتينية وفرنسا.

كم عدد اللاعبين الذين خسرتهم لعبة بوكيمون غو؟

 

لا توجد أي أرقام رسمية بشأن عدد مرات تحميل الجمهور للعبة بوكيمون غو، لكن بيانات أعدتها "أكسيوم كابيتال" أشارت إلى أن أكثر من 10 ملايين شخص عزفوا عن استخدام اللعبة منذ منتصف يوليو.

كما أشارت مؤشرات الاستخدام اليومية إلى أنها قفزت لتسجيل نحو 45 مليون مستخدم في 17 يوليو/تموز، لكن بحلول 16 أغسطس تراجعت الأرقام لتصل إلى أكثر من 30 مليون مستخدم.

ويدل ذلك على أن بوكيمون غو فقدت ما يزيد على 10 ملايين من مستخدميها الدائمين يوميا في شهر واحد، وهو ما يعادل ربع الرقم المشار إليه في بيانات مؤشر الاستخدام اليومي.

والأهم من ذلك أن التراجع حدث في مرحلة طرح اللعبة في شتى أرجاء البرازيل وإندونيسيا والفلبين وعشرات الدول الأخرى، وهو ما يعني أن حدوث التراجع في شعبية اللعبة يشهد بداية نمو في مناطق جديدة.

وتقول بيانات أكسيوم إن عدد مرات تحميل اللعبة ووقت اللعب اليومي للتطبيق سجلت جميعها تراجعا أيضا.

ما هو تأثير التراجع؟

شهدت شركة نينتيندو، التي تملك ثلث شركة بوكيمون، تراجعا في أسعار أسهمها بواقع 3 في المئة في أعقاب تقرير أكسيوم.

ولا يعتبر هذا التراجع، بنسبة 3 في المئة، خطيرا في سياق اضطراب أسعار أسهم نينتيندو خلال الشهر الماضي.

وكانت قيمة الشركة، ومقرها كيوتو، قد سجلت ارتفاعا بعد طرح لعبة بوكيمون غو، ثم تراجعت إثر تحذيرها المستثمرين من أن شعبية اللعبة لن تسهم في تحقيق أرباح كبيرة للشركة.

هل كان التراجع حتميا؟

يعتبر تراجع شعبية اللعبة حتميا تقريبا بالنظر إلى القدرة المحدودة لأصحاب أنظمة تشغيل أندرويد وآي أو إس فضلا عن السرعة غير العادية التي انطلقت بها بوكيمون غو.

ويقول كريغ تشابيل، المحلل المتخصص في تجارة ألعاب الهواتف المحمولة، إنه "نادرا ما يحدث هذا الرواج الهائل للألعاب مثلما حدث في شعبية بوكيمون، غير أن تراجع المستخدمين متوقع دائما بعد هذه الانطلاقات الكبيرة".

وأضاف لبي بي سي "دأب جمهور اللاعبين على إحداث مثل هذه الانطلاقات الهائلة بالنسبة للألعاب المجانية. وثمة انطلاق حديث للعبة كلاش رويال لشركة سوبر سيل يشهد تراجعا أيضا في عدد المستخدمين الفاعلين والذي يدفعوا أموالا مقابل الاستمتاع باللعبة، لكنها مازالت تحقق ملايين الدولارات يوميا".

وقال إن السرعة الكبيرة في خسران بوكيمون غو لعدد اللاعبين بها يثير مخاوف.

وأضاف "تثير الأرقام، إن ثبتت دقتها، بعض التساؤلات بشأن احتفاظ بوكيمون غو بمكانتها في الأجل الطويل، وما إذا كان اللاعبون يجدون في تجربتها تنوعا ومتعة بما يجعلهم يتمسكون بها".

وقال "لكن من المهم الإشارة إلى أنها مازالت اللعبة الأبرز في معظم الدول، ومازال يقضي اللاعبون أوقاتا يستمتعون بها".

هل يمكن لشركة نيانتيك أن تفعل شيئا لحمايتها؟

من الصعب تحديد ما إذا كان تراجع بوكيمون غو أصبح حادا بعد أن ألغت الشركة المصنعة لها، وهي شركة "نيانتيك"، خاصية مهمة كانت في اللعبة.

ففي بداية أغسطس ، أعرب لاعبون عن حزنهم إزاء تقليص الشركة المنتجة وظائف في اللعبة. وكان اللاعبون قبل تحديث اللعبة قادرين على رؤية قائمة شخصيات بوكيمون ومدى قربها منهم تقريبا.

في ذات الوقت حجبت نيانتيك مواقع إلكترونية خارجية، مثل موقع "بوكيفيجن"، كانت تتيح للاعبين رؤية مكان وجود شخصيات اللعبة.

وتشير بيانات أكسيوم إلى أن تراجع شعبية بوكيمون بدأ في منتصف يوليوالماضي، قبل أكثر من أسبوع من هذا الإلغاء مثير للجدل للخاصية، لكن معدلات الاحتفاظ باللعبة تراجعت بشكل حاد في أعقاب التحديث.

ما هي الخطوة القادمة؟

اعترفت نيانتيك بأن الشعبية الهائلة التي حققتها لعبة بوكيمون غو كانت مفاجأة لها، لكنها تعهدت باستمرار دعم اللعبة بتحديثات كل أسبوعين.

وكتبت الشركة مؤخرا على مدونتها "إدارة منتج مثل بوكيمون غو يمثل تحديا". وحاليا لم تطرح اللعبة بعد في كثير من المناطق في آسيا وأفريقيا، وهو الأمر الذي قد يحسن من أرقام استخدامها بمجرد أن تصل اللعبة إلى هذه المناطق.

لكن تشابيل يعتقد أن قلة من مستخدمي اللعبة في الغرب قد يكون لهم تأثير يحد من المنظور الاجتماعي للعبة، مضيفا "بوكيمون غو لعبة فريدة. تعتمد حتى الآن على مستخدمين في منطقتك المحلية يلعبون معك، ليس شخصا ما على الجانب الآخر من العالم. وإذا استمر الرقم يسجل تراجعا كبيرا، فمن سيبقى كي يلعب معك في مدينتك الصغيرة المحلية؟".