إيلاف من برلين: أصبحت علاقة البدانة بالسكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسرطان معروفة منذ عقود، لكن العلماء الألمان كشفوا آلية حصول ذلك الآن.

ويعرف العلم أيضاً ان كمية الدهون (الشحم) تلعب دوراً مهماً في حصول مضاعفات البدانة الخطيرة، لكن العلماء يعرفون ان خطورة هذه الدهون تختلف من مكان إلى آخر. 

وبعد دراسات سابقة أكدت خطورة الشحوم المتراكمة في البطن، توصل العلماء الألمان، من خلال دراستين علميتين جديدتين، إلى ان الدهون المتراكمة في الكبد هي الأخطر على صحة الإنسان البدين.

وتكشف الدراستان ان الدهون المتراكمة في الكبد تضر بالأعضاء الحيوية الأخرى، وخصوصاً بالبنكرياس والكليتين والقلب والأوعية الدموية، وربما ان هذا الضرر المباشر على البنكرياس هو الذي يعرض الشخص السمين إلى داء السكري. وأجرى الدراستين باحثون من "المركز الألماني لأبحاث السكري" في مدينة توبنغن، ونشرت في مجلة" ميتابولزم السكري".

ويقول الباحثون الألمان ان هذا يفسر أيضاً إصابة غير الكحوليين بتشحم وتشمع الكبد، أي ما يسمى بتشمع الكبد غير الكحولي. ويمكن على هذا الأساس معرفة سبب تزايد حالات الاصابة في الغرب بمرض السكري، وخصوصاً السكري -2، لأن ثلث البالغين في هذه البلدان يعانون من تشحم الكبد الكحولي وغير الكحولي.

ثبت من خلال الدراستين ان خلايا الكبد المتشحمة تطلق العديد من البروتينات والانزيمات والسكريات الضارة، بينها بالذات بروتين هيباتوكين فيتوين-أي(Hepatokin Fetuin-A). وتفرز خلايا الكبد المريض هذه المواد في الدم وتدور معه لتصل إلى أعضاء الجسم الحيوية الأخرى.

تأثير مباشر على البنكرياس

وإذا كان العلم يعرف عن فيتوين-أي وخطورته، إلا أنه لم يكن يعرف عن كيفية تأثيره ولا عن الأعضاء التي يضر بها أكثر من غيرها.
ولذلك فقد ركز فريق العمل بقيادة دوروثيا زيغل- أكسل من توبنغن على دراسة تأثير فيوتين-أي المباشر على خلايا البنكرياس. تحتوي البنكرياس على خلايا دهنية ودهنية أخرى في طور التكوين (بمثابة خلايا جذعية)، وعملت إضافة فيوتين-أي لها في الأنسجة المختبرية على جعلها تفرز الكثير من العوامل الالتهابية والمزيد من التفاعلات المناعية التي تضر بالنسيج البنكرياسي.

فحصت دوروثيا زيغل-أكسل أيضاً عينات نسيجية اخذت من90 مريضاً بداء السكري تحت المجهر، وتوصلوا إلى أن البروتين المذكور أدى إلى زيادة الخلايا الدهنية في البنكرياس، ورفع عدد الخلايا المناعية في الأنسجة إلى حد كبير.

فحص فريق العمل، تحت جهاز الاشعة بالرنين المغناطيسي، أيضاً وضع البنكرياس في 200 مريض معرض إلى مخاطر عالية للإصابة بداء السكري-2. وثبت هنا أيضاً ان البنكرياس قد تشحم لدى المرضى الأكثر عرضة للسكري من غيرهم، كما ثبت ضعف فرز الانسولين من غدة البنكرياس فيهم.

وكتبت الباحثة ان أنسجة بالبنكرياس في هؤلاء المرضى أظهرت علامات التهابية ذاتية بدلاً من أن تدافع عن نفسها ضد فيوتين-أي. وحينما فحصوا الكلى لدى المرضى الـ200 وجدوا انها تعاني من علامات التهابية مماثلة ومن ضعف في تأدية الوظيفة الكلوية.

وعلق هانز اولريش-هيرنغ، رئيس المركز الألماني لابحاث السكري، على الدراسة بالقول ان نتائج الفحص تثبت ان القول بأن تشحم الكبد يسبب مرض الأعضاء الحيوية غير دقيق، لأن ذلك يعتمد على كمية فيوتين-أي التي تطلقها خلايا الكبد المتشحمة، وعلى عوامل أخرى.

وكان فريق العمل نفسه نشر دراسة مماثلة اثبتت تأثير فيوتين-أي على بطانات الأوعية الدموية في الجسم ونشرت في مجلة"ساينتفيك ريبورتز". واضهرت بطانات الشرايين في أجسام البدناء تشحماً أيضاً، وعلامات التهابية مثيلة سببها البروتين الذي تفرزه خلايا الكبد المتشحمة.

وتقدر وزارة الصحة الألمانية معاناة 25% من السكان، من أأعمار تتراوح بين 40-6 سنة، من تشمع الكبد بدرجات مختلفة. ويعتبر فرط تعاطي الكحول من أهم أسباب انتشار تشحم الكبد بين الألمان.