القاهرة: كان أحمد ندا، مثل ملايين المصريين، يعاني من فيروس التهاب الكبد "سي" قبل أن يجد العلاج في بلده الذي أصبح اليوم وجهة للباحثين عن الشفاء من هذا المرض.

أصيب الشاب البالغ من العمر 31 عاما بالمرض عندما قام بالتبرع بالدم.

لم يكن يتوفر في السابق علاج فعال لفيروس الكبد "سي" حتى لو تم اكتشاف الإصابة به، إلى أن بدأت مصر تنتج عام 2015 عقارا رخيصاً واعتمدت الحكومة برنامجا لاجتثاث الفيروس أتاح توفير العلاج للمرضى.

ويتذكر ندا الذي شفي اليوم مثله مثل 1،3 مليون مصري إنه شعر "في البداية بغضب شديد" لدى معرفته أنه مصاب بالفيروس.

بعدها سجل اسمه على موقع حكومي مخصص للراغبين في العلاج وأحيل إلى أقرب مركز رعاية.

ويقول "كان كل شيء سهلا بعد أن سجلت اسمي".

تحتل مصر الترتيب الاول في قائمة الدول التي ينتشر فيها فيروس الكبد "سي" ويرجع ذلك إلى حملة تطعيم قومية واسعة أجريت في الخمسينات باستخدام محاقن غير معقمة.

وفي سنة 2015، كان حوالي 7% من المصريين الذين تراوح اعمارهم بين 15 و59 عاما يعانون من المرض، بحسب دراسة حول الديموغرافيا والصحة أجريت في تلك السنة.

تتحسن حالة نحو 20% من المصابين بالفيروس من دون علاج، لكن الباقين قد يظلون 30 عاما من دون أعراض واضحة ومن دون اكتشاف إصابتهم بالفيروس الذي ينتقل عبر الدم ويمكن ان يؤدي الى الاصابة بسرطان الكبد او تشمع الكبد.

ويقول هنك بيكيدام وهو مسؤول في منظمة الصحة العالمية في تقرير أعده العام 2014 ان "كل العائلات المصرية تقريبا يعاني أحد أفرادها من فيروس سي" وهو مرض كان يتسبب، وفق منظمة الصحة العالمية، في وفاة 40 الف مصري كل عام.

ومنذ العام 2006، أجرت مصر عدة مسوحات لتحديد مدى انتشار المرض وسعت إلى الحصول على علاجات من الخارج بأسعار مخفضة.

نجاح فوري

حصل أول تقدم عندما تمكنت شركة "جلياد" الأميركية لصناعة الأدوية من تطوير عقار "سوفالدي" الذي أقرته الإدارة الأميركية للمنتجات الغذائية والدوائية عام 2013.

وبدأت مصر على الفور مفاوضات مع الشركة المنتجة لتخفيض تكلفة مجمل الدورة العلاجية التي كانت تبلغ 84 ألف دولار اي ألف دولار لكل قرص.

وأنشأت اللجنة القومية لمكافحة فيروس الكبد "سي" موقعا إلكترونياً للتواصل مع المرضى، لاقى نجاحاً فوريا.

وتقول منال حمدي السيد وهي طبيبة وعضو مؤسس في هذه اللجنة "تلقينا في اليوم الاول طلبات علاج من 100 ألف مريض وفي اليوم الثاني 100 الف وفي الاسبوع التالي كان 50 ألف مريض يسجلون أنفسهم يوميا".

ثم حصل تطور مهم آخر في العام 2015 اذ بدأت مصر في انتاج العقار محليا ما أدى الى خفض جديد لكلفة دورة العلاج التي أصبحت 1485 جنيها (قرابة 83 دولارا)، بحسب المدير التنفيذي لهذه اللجنة قدري السعيد.

واذا كانت قائمة الانتظار لتلقي العلاج انتهت في تموز/يوليو 2016، الا ان الحكومة ما تزال تسعى للتعرف على ثلاثة ملايين مصري يحملون الفيروس من دون ان يعرفوا ذلك، بحسب السعيد.

سياحة علاجية

وسرعان ما قامت شركة "السياحة والعلاج" (تور اند كيور) المصرية بالعمل على اجتذاب المرضى من خارج مصر مستفيدة من تدني تكلفة العلاج في مصر.

وتوفر الشركة العلاج للمرضى مقابل 8% فقط تقريبا من تكلفته في أي مكان تقريباً خارج مصر.

ويقول مصطفى السيد المدير العام لهذه الشركة "نعالج مرضى من جميع أنحاء العالم تقريبا". 

ومقابل 7 الاف دولار توفر "تور اند كيور" رحلة تشمل سعر الطائرة والاقامة لمدة أسبوع وتحاليل الدم والعلاج واضافة الى ذلك خمسة أيام مخصصة للسياحة في مصر.

ويغادر المرضي حاملين معهم تقريرا طبيا للمتابعة والجرعات اللازمة لاستكمال العلاج.

ويقول ميريل دمبويو (59 عاما) وهو روماني في التاسعة والخمسين من عمره "بدأ العلاج يأتي بنتيجة بدءا من اليوم الخامس"، موضحا انه قصد مصر بناء على نصيحة ابنته وزوجها.

ويضيف "في رومانيا هذا العلاج غير متوافر".

وسيحتاج دمبويو الى آخر جرعة في أيلول/سبتمبر قبل إجراء التحاليل الطبية النهائية.

ويقول السيد "لم نعد نخاف من فيروس (التهاب الكبد سي)، المشكلة الوحيدة هي عندما يكون شخص مصاب بالمرض من دون ان يدرك ذلك".