كشفت دراسة سابقة عن دور بكتيريا سالمونيلا في تعزيز مخاطر سرطان الأمعاء في فئران الاختبار. لكن دراسة هولندية جديدة تؤكد دورها المماثل في الإنسان أيضًا.

إيلاف من برلين: تعتبر إلتهابات الأمعاء الغليظة المزمنة، وخصوصًا مرضي موربوس كرون والالتهاب التقيحي المزمن Ulcerative Colitis، من أخطر أمراض الأمعاء، التي تهدد بالتحول إلى نمو سرطاني. ويعتبر سرطان الأمعاء من أشد الأورام السرطانية فتكًا بالإنسان، يصيب 73 ألف ألماني سنويًا، ويؤدي إلى موت 27 ألفًا منهم.

تثار الشكوك حول التهاب سالمونيلا المعوي في نشوء سرطان الأمعاء الغليظة منذ فترة طويلة، إلا أن الدراسات لم تثبت ذلك بشكل قاطع، كما هي الحال في علاقة بكتيريا هيليكوباكتيريوم بايلوري المسببة للقرحة المعدية بنشوء سرطان المعدة. وذلك على الرغم من معرفة الطب اليوم أن حالة سرطانية واحدة من كل خمس تسببها الإلتهابات الفيروسية والبكتيرية وغيرها.

أكثر عرضة
تشير دراسة هولندية إحصائية جديدة إلى أن البشر الذين أصيبوا بالتهاب معوي ببكتيريا السالمونيلا قبل بلوغ الستين، خصوصًا الالتهابات في جزء القولون الصاعد وجزئه الأفقي، أكثر عرضة لسرطان القولون من غيرهم من البشر.

أخضع فريق العمل بقيادة لابو موغيني-غراس، من جامعة أوترخت الهولندية، نحو 14264 شخصًا لتحليلاتهم الإحصائية حول علاقة سالمونيلا بسرطان الأمعاء، وسرطان القولون على وجه الخصوص.

تركز التحليل على الأفراد الذين أصيبوا بالتهابات الأمعاء بين عامي 1999 و2015، وتابعوا تطورات وضعهم الصحي طوال سبع سنوات. وكانت النتيجة واضحة، ومفادها أن معظم الأشخاص الذين تعرّضوا إلى التهابات الأمعاء بسالمونيلا، خصوصًا سالمونيلا أنتريريتدس، أصبحوا من الناس المهددين أكثر من غيرهم بالإصابة بسرطان الأمعاء.

كانت المخاطر ترتفع بشكل واضح عند الذين أصيبوا بالتهاب الأمعاء الغليظة الصاعد والجزء الأفقي منها. والمهم أيضًا أن مخاطر الإصابة بسرطان الأمعاء كانت ترتفع عندما تصيب سالمونيلا أمعاء المريض قبل بلوغه الستين.

ثلاثة أضعاف
تبدو علاقة التهاب سالمونيلا بسرطان الأمعاء أكثر وضوحًا حين يحصل الالتهاب في سن تراوح بين 40 و59 عامًا، وحينما يتركز في جزئي القولون الصاعد والأفقي؛ إذ أثبتت الدراسة أن مخاطر الإصابة بالسرطان في هذه الحالة ترتفع ثلاثة أضعاف عنها بين الأفراد الذين لم يتعرّضوا لهذه الالتهابات.

اعتمدت الدراسة الإحصائية على فحوصات مخبرية أجريت للأشخاص الذين شملتهم الدراسة، وتكشف إصابتهم بالتهابات سالمونيلا المعوية. وكتب موغيني-غراس في مجلة الطبيب الألماني أن بعض هذه الفحوصات تم منذ أكثر من 10 أعوام، لكن تأثيرها بعيد المدى بقي على الرغم من علاجها في حينها من قبل الأطباء.

معروف أن الدوائر الصحية تؤكد خطر التهابات سالمونيلا أنتريريتدس، وتلزم الفقرة السابعة من قانون الصحة الألمانية المريض الألماني، والطبيب المعالج، بالتبليغ عن أية إصابة بهذا النوع من البكتيريا. وستعمل نتائج دراسة جامعة أوتريخت على تأكيد هذا الحذر بعد التوثق من علاقة السالمونيلا بالسرطان.

الفحص المبكر واجب
يستبعد موغيني-غراس أن تقتصر علاقة سالمونيلا بسرطان القولون على هولندا. ويرى أنها تشمل باقي بلدان العالم أيضًا، لأنها لا تعتمد على البشر فحسب، وإنما على البكتيريا. 

وأوصى فريق العمل الأطباء بنصح مرضاهم الذين تعرّضوا لالتهابات سالمونلا المعوية بفحص القولون بانتظام، بهدف الكشف المبكر عن احتمالات نشوء السرطان. يمكن مثل هذا الإجراء أن يعد الآلاف بحياة أطول.

كشف معهد البحوث السرطانية في هايدلبيرغ عن نجاحات واضحة لحملة فحص المسبار المعوي المبكر. وبحسب معطيات طرحها البروفيسور هيرمان برينر، رئيس المعهد المذكور، ساعدت الفحوصات المبكرة على تجنب إصابة 99 ألف ألماني بسرطان الأمعاء في كل عام، كما منحت فرصة الحياة لنحو 47 ألفًا، تم الكشف عن السرطان عندهم في أطواره الأولى.

جدير بالذكر أن فرنسا اهتزت قبل فترة بسبب فضيحة حليب الأطفال الملوث بجرثومة سالمونيلا من شركة لاكتاليس، التي اضطرت إلى استعادة أكثر من 12 مليون عبوة حليب من أرجاء فرنسا وأوروبا كافة، بعد إصابة 38 طفلًا بالتهابات معوية بسالمونيلا أغونا.

اعترفت الشركة بالحليب الملوث، بعدما رفع أهالي الضحايا قضية ضد الشركة. وتوقعت السلطات الصحية الفرنسية أن تتعرّض الشركة لخسائر مالية كبيرة بسبب هذه المسألة.