"معلمتي، هل حضور حصصك الدراسية قد يصيبني بالعمى؟"

قد يبدو السؤال مضحكا، لكنه في واقع الأمر يستند إلى حقيقة علمية على الأرجح.

إذ تشير دراسة جديدة نشرتها دورية ،"بريتش ميديكال"، البريطانية التي تُعنى بالشؤون الطبية إلى وجود "دليل قوي" يربط بين طول الفترة التي نقضيها في التعلم واحتياجنا إلى ارتداء نظارة طبية.

كيف يستطيع المعلمون التكيف مع الأسئلة الكثيرة التي يطرحها التلاميذ داخل الفصل الدراسي؟

"معلمتي إنها معلومات قديمة نحن بالفعل على دراية بهذا".

حسنا إنها فكرة معروفة منذ وقت طويل.

لكن لا يستطيع أحد أن "يثبت" أن البقاء في الفصل الدراسي يفضي إلى حدوث أضرار للعين.

"لكن لماذا يا معلمتي؟"

لانه ليس من الأخلاقي إجراء تجربة على أطفال ومتابعتهم لعقود بغية التعرف على مدى تأثر على العين. إلا إذا كنت متطوعا؟

"لكنهم يعرفون الآن ذلك؟"

لجأ علماء في جامعة بريستول وجامعة كارديف إلى حيلة ذكية جدا تساعد في التعرف على ذلك، وأجروا دراسة شملت 68 ألف شخص ركزت على تحليل حمضهم النووي.

"ما هو الحمض النووي؟"

إنه أشبه بدليل تعليمات لبناء الإنسان، وكل منا لديه حمض نووي فريد به.

فبعضهم لديه تعليمات حمض نووي تؤثر على الطريقة التي تنمو بها العين مع احتمال الإصابة بقصر النظر.

ويعتبر الحمض النووي تركيبا قويا، كما يمكن الاستعانة بالحمض النووي أيضا في التنبؤ بالفترة الزمنية التي تقضيها في التعليم.

"وماذا في ذلك؟"

أظهرت الدراسة أن الأطفال الذين يحملون تعليمات حمض نووي تجعلهم يصابون بقصر النظر لم يقضوا فترة طويلة في المدرسة.

لكن أولئك ممن يحملون تعليمات حمض نووي ذات صلة بحب الذهاب للمدرسة والجامعة هم الأكثر عرضة للإصابة بقصر النظر.

وهو ما يعزز الاعتقاد بأن شيئا ما يتعلق بالفصل الدراسي يحدث أضرارا للعين.

"إنه علم معقد "

نعم الأمر كذلك. وإذا كنت ترغب في أن تصبح ذكيا بالفعل، فيمكنك استخدام الاسم العلمي الدال على قصر النظر وهو "مايوبيا Myopia".

العمى
Getty Images
يعاني أكثر من 200 مليون شخص من حالات ضعف في الرؤية بين متوسطة وشديدة

"ما هي الأضرار التي ستصيب عيني يا معلمتي؟"

إنه سؤال من الصعب الإجابة عليه، نظرا لاختلاف الإصابة من شخص لآخر.

لكن في المتوسط يمثل الفرق في تراجع قوة الإبصار في سن 16 عاما والبقاء حتى نهاية المرحلة الجامعة "درجة واحدة بمقياس ديوبتر (وحدة قياس قوة العدسة)".

ويقيس إخصائيو الإبصار وقدرة عينك على تركيز الضوء بوحدات "ديوبتر".

ويعتبر تراجع درجة واحدة بمقياس ديوبتر معتدلا نسبيا، لكنه يكفي لارتداء نظارة أثناء قيادة السيارة.

"إذن نظارتي صحيحة الآن، فما هي المشكلة؟"

أحب نظارتك أيضا، لكن الإصابة الحادة بقصر النظر قد يسبب مشكلة.

إنه يزيد مخاطر انفصال الشبكية أو اعتلال البقعة الشبكية وهي مخاطر قد تفضي إلى حدوث العمى.

"الأمر يبدو مُحبطا يا معلمتي"

نضيف أيضا إلى هذه المعلومة أنه عندما تكون صغير السن تتسم عينك بطول النظر، وبمرور الوقت تتغير عينك ويحدث تصحيح تلقائي للرؤية.

لذا إن كنت مصابا بقصر نظر بالفعل وأنت صغير السن فسوف يزداد الأمر سوءا بعد ذلك.

"إذن ينبغي لي أن أترك المدرسة؟"

لا. قالت إحدى الباحثات وتدعى دييز أتان : "من الواضح أننا نرغب في أن يذهب الناس إلى المدرسة، لكننا نرغب في تحفيز مناقشات تتعلق بكيفية تعليم أطفالنا".

"معلمتي أنا أنظر إلى انستغرام ويوجد الكثير من الأطفال في الصين يرتدون نظارات"

أترك هاتفك المحمول، وبإمكانك استعادته في نهاية اليوم.

لكنك على حق، يعاني نحو 80 في المائة ممن تركوا المدرسة في بعض المناطق في الصين من قصر النظر.

"تقول والدتي إنه إذا واظبت على النظر باستمرار إلى هاتفي فسوف أصاب بالعمى"

حسنا إن هذه الدراسة أجريت على أناس بدأوا الذهاب إلى المدرسة قبل أكثر من 50 عاما.

"إذن هم كبار السن حاليا؟"

لا يهمني ذلك، لكننا لا نعرف إلى أي درجة تؤثر الحياة المدنية الحديثة على أعيننا، وتقول الباحثة أتان "قد يحدث شيء ما في المستقبل" بسبب الوقت الكبير الذي نستغرقه جميعا في أماكن مغلقة.

"أشعر بملل الآن، هل يمكنني أن أخرج كي ألعب؟"

يمكنك الانتظار حتى وقت تناول الغداء، لكن قضاء وقت في الخارج يبدو أنه يحمي العين.

توجد الكثير من الدراسات في جنوب شرق آسيا حاليا، بعضها يشير إلى أن الضوء الساطع يساعد العين في النمو بطريقة طبيعية ويمنع حدوث قصر نظر.

"معلمتي..."

هذا يكفي، سأختبرك الآن.

-----------------------------------------

يمكنكم تسلم إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.