بيروت: كلنا يتذكر اللغط الذي أحاط بأغنية quot;الواواquot; والهجوم الواسع الذي تعرضت له هيفاء وهبي، وصناع الأغنية (وسام الأمير وداني يونس)، ومخرجها إميل سليلاتي في حينها.
كثر إتهموا هيفاء بأنها إستغلت الطفل في أغنية مليئة بالإيحاءات وموجهة بالأساس للكبار ..... وقامت الدنيا ولم تقعد... لذا كان الجميع يترقب ما ستقدمه هيفاء في البوم الأطفال الذي أعلنت عنهمنذ أكثر من سنتين ... ولكنها أجلته ... ربما لأنه تزامن مع صدور البوم نانسي للأطفال ففضلت التريث لإصداره في الوقت المناسب...
هيفاء وهبي الذكية تعرف كيف تستفيد من النقد وتقلبه لمصلحتها، ومع مرور الوقت وتراكم الخبرة تعلمت أن لا تقوم quot;بدعسة ناقصةquot; أي لا تخطو خطوة غير محسوبة ...
وقبل أيام أبصر النور كليب جديد يجمع بين أغنيتين quot;بابا فينquot; وquot;لما الشمس تروّحquot; ليمهد لصدور البوم الأطفال الذي تبنته شركة روتانا وسيتضمن 9 أغنيات...
وبالعودة الى الأغنية المصورة التي حملت توقيع المخرجة ليلى كنعان، نجد أنهما نجحتا (كنعان ووهبي) بتقديم أغنية وصورة تخاطب الطفل وتعبر عن تطور شخصيته وquot;حشريتهquot; وذكائه في زمن العولمة، كما تعبر عن حالة الندية التي باتت تسود علاقة الطفل بوالديه.
فكانت حوارية غنائية واقعية طريفة بين هيفاء الأم .. وquot;بندقquot; الطفل ذي الشخصية الجذابة والأداء العفوي الشقي، والمتسم بالذكاء والنضج الذي يفوق عمره ... ودون شك جاء إختياره موفقاً جداً، وخدم العمل بشكل كبير.
صاغ كلمات quot;بابا فين 2quot; ولحنها مصطفى كامل لتكون الجزء الثاني من أغنية quot;بابا فينquot; التي لاقت نجاحاً ساحقاً قبل عدة أعوام.
ونجحت كنعان في خلق مشهدية ممتعة جذابة للطفل تعيدنا الى رموز كلاسيكية من عالم الطفل تكاد تكون قد إندثرت في عصرنا هذا ... كالـ Popup Books وهي كتب المجسمات الثلاثية الأبعاد التي كانت تلقى رواجاً لدى الأطفال قبل عصر الكومبيوتر والـquot;بلاي ستيشنquot;، والتي إستخدمتها كنعان كمدخل للفيديو،ثم تجري الأحداث ضمن ديكور يحاكي الرسومات التي تستخدم في كتب القصص المصورة للأطفال.
وكان الإنتقال موفقاً جداً بين quot;بابا فينquot; الصاخبة، ولما الشمس تروح (كلمات بهاء الدين محمد والحان محمد يحيى)، والتي هي أقرب للترنيمة التي تنوّم عليها الأمهات الأطفال، من خلال إستسلام بندق أخيراً لسلطة أمه، وخلوده quot;مكرهاًquot; الى النوم من جديد.
وهنا توظف كنعان صورة كلاسيكية أخرى تكاد تكون منسية اليوم من عالم الطفل، الا وهي صورة quot;صندوق الموسيقىquot;، حيث تظهر هيفاء كتمثال وقد إمتطت ظهر بجعة، وتتحرك كما تتحرك اللعبة التي يتم تدويرها زمبركياً لتدور وتصدر موسيقى ينام عليها الطفل.
وعندما يستسلم بندق للنوم أخيراً تأخذنا كنعان الى عالم أحلامه السحري ومغامراته في quot;أرض الحلوىquot;.
تفوق جديد يضاف الى إنجازات هيفاء هذا العام، والذي كان عاماً موفقاً فنياً بدأته بفيلم دكان شحاتة وختمته بتجربة جديدة ناجحة في تقديم عمل يحاكي الطفل اليوم، خصوصاً في زمن بات من النادر جداً أن نجد عملاً عربياً خالصاً يحاكي الطفل العربي ويكون موجهاً له.
ونأمل أن يحفز النجاح التجاري لهذه التجارب المنفردة (تجربة نانسي عجرم وتجربة هيفاء وهبي) شركات الإنتاج لتتبنى المزيد من هذه الأعمال.
ومن يدري ربما نوفق مستقبلاً بأعمال سينمائية quot;عربيةquot; مخصصة للطفل، فما الذي ينقصنا ليكون لدينا quot;عالم ديزني عربيquot; يشبهنا ويشبه مجتمعنا ويخاطب أطفالنا بلغتهم، ويعبر عنهم وعن ثقافتهم، الى متى سنبقى نستورد لأطفالنا أغانيهم وحكاياتهم من الغرب؟.

مقال منشور في زاوية quot;كلام في الفنquot; بقسم الموسيقى