واشنطن: غزت الاعلانات للمرشحين للكونغرس شبكات التلفزيون الاميركية حيث حلت محل الاعلانات عن السيارات ومطاعم الهمبرغر، قبل 39 يوما من انتخابات تشريعية باهظة ستبلغ كلفتها مرة جديدة مليارات الدولارات.

ونتيجة التضخم وتزايد& المنافسة الانتخابية، من المتوقع ان تكون فاتورة الموسم الانتخابي للعام 2014 اعلى من الفواتير السابقة في 2012 و2010 حيث كلفت الانتخابات التشريعية وحدها 3,6 و3,7 مليار دولار على التوالي، بحسب ما اوضح بوب بيرساك من مركز ريسبونسيف بوليتيكس، المعهد المرجعي في واشنطن للانفاق السياسي.

وبات "الثمن الواجب دفعه" للفوز بمقعد سناتور يقارب حاليا معدل ثلاثة ملايين دولار، وهو مبلغ يتحتم على المرشحين جمعه شخصيا من خلال مهرجانات وسهرات لجمع التبرعات ورسائل الكترونية توجه الى قائمة كاملة من مستخدمي الانترنت.

غير ان الولايات التي تشهد اكبر قدر من المنافسة تتخطى هذه الحد بفارق كبير، ففي كنتاكي وحدها، جمع المرشحون لانتخابات مجلس الشيوخ والحزبان الديموقراطي والجمهوري وعشرات مجموعات الضغط المصممة على التاثير على الاقتراع، اكثر من اربعين مليون دولار حتى الان، حيث يعتبر مقعد كنتاكي من المقاعد القليلة التي ستؤثر على الغالبية المقبلة في مجلس الشيوخ.

واحدث هذا المد الاعلاني السياسي بلبلة في سوق الاعلانات برمتها حيث يحظى المرشحون بالافضلية على المعلنين التقليديين خلال الايام الستين التي تسبق الانتخابات، لبث اعلاناتهم على الشبكات التلفزيونية المحلية.

وقالت ماريبيث بابوغا نائبة رئيس مجموعة الاعلانات العملاقة ميديافيست لوكالة فرانس برس ان "القانون ينص على انه يترتب على الشبكات خلال هذه المرحلة التي تحظى بحماية القانون، ان تلتزم بحقوق بث الاعلانات، ويحصل احيانا ان يتم الغاء اعلانات المعلنين افساحا للاعلانات الانتخابية".

واوضحت ان الاعلانات الانتخابية قد تشكل ثلث او ربما ثلثي مجمل الاعلانات بين ايلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر في الولايات التي تشهد اكبر قدر من المنافسة (كولورادو واركنسو والاسكا وغيرها) ما يحمل شركات الاستشارات الاعلانية على ثني زبائنها عن اطلاق حملات دعائية هامة خلال هذه الفترة، على حد قول ماريبيث بابوغا.

وفي العام 2012 حيث اعيد انتخاب الرئيس باراك اوباما، حلت السياسة في المرتبة الرابعة بين فئات الانفاق الاعلاني في اسواق الاعلانات التلفزيونية المحلية ال75 الاولى (بين مدن ومناطق) بعد السيارات والاتصالات والمطاعم، بحسب مكتب كنتار.

والحملات الانتخابية لطاما كانت باهظة الثمن في الولايات المتحدة لكن الجديد في السنوات الاخير هو مصادر الاموال.

فمع الغاء الكثير من القواعد والقوانين بقرار من المحكمة العليا عام 2010، تشكلت عشرات المنظمات المستقلة عن الاحزاب رسميا وعرفت باسم "سوبر باك" او منظمات كبرى لاهداف غير ربحية، وهي خلافا للاحزاب والمرشحين تتلقى هبات مالية غير محدودة السقف من افراد وكذلك من شركات ونقابات ويمكن لبعضها ابقاء قائمة مانحيها سرية، وهو ما يندد به انصار الشفافية باعتبار هذا النوع من التمويل "غامضا".

واظهرت دراسة اجراها مشروع ويسليان ميديا وشركة كنتار ميديا ومجموعة "سي ماغ" لمراقبة الاعلانات السياسية ان ثلث الاعلانات التلفزيونية السياسية التي تم بثها بين 29 اب/اغسطس و11 ايلول/سبتمبر كانت من تمويل مجموعات لا تكشف عن مانحيها.

ويطالب الديموقراطيون بتغيير الدستور لالزام اي منظمة تلعب دورا في النقاش السياسي بالكشف عن مانحيها غير ان الجمهوريين يعتبرون ذلك محاولة لتخويف "كبار مانحيهم" وردعهم.

وانفقت منظمة "اميريكانز فور بروسبيريتي" التي انشأها المليارديران المحافظان ديفيد وتشارلز كوك حتى الان هذه السنة خمسين مليون دولار لدعم مرشحين جمهوريين، بحسب موقع بوليتيكو. وجعل الديموقراطيون من الشقيقين كوك رمزا للنفوذ الغامض الذي تمارسه مجموعات الضغط في السياسة حيث تبقى الجهات الاخرى الممولة للمنظمة مجهولة.

والى اليسار، يمكن للتقدميين الاعتماد على الملياردير الديموقراطي توم ستاير الذي تدعم منظمته "نيكست غرين اكشن" المرشحين الملتزمين حيال الاحترار وهي تنشر قائمة مقدمي الاموال لها. لكن المرشحين من كلا المعسكرين يعولون على "كبار المانحين" الذي يملكون القدرة على مضاعفة مواردهم بشيك واحد.

وقال الخبير الاستراتيجي الديموقراطي جو تريبي ساخرا لوكالة فرانس برس "يجدر بكل الذين يعتزمون الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2016 ان يسارعوا الى اقامة علاقات مع اصحاب مليارات".
&