أطلق صندوق النقد في تقرير عالمي الصرخة تجاه وضع لبنان الاقتصادي نتيجة تداعيات النزاع السوري وعدد النازحين الهائل فيه، وكذلك الوضع الأمني الذي يعيشه البلد.


ريما زهار من بيروت: حذّر الصندوق النقد في تقرير عالمي، يحتوي جزءًا عن لبنان، من أن المأزق السياسي الحاصل داخل لبنان مضافًا إلى تداعيات النزاع السوري، قد أضعف الثقة وقوّض النشاط الاقتصادي في هذا البلد. ولفت التقرير إلى أن وجود عدد هائل من النازحين يعادل ربع سكان لبنان، يؤثر في الوضع الأمني، ويفاقم البطالة والفقر إلى مستويات مرتفعة، ويضغط على الوضع التمويلي العام الضعيف أصلًا.

في هذا الصدد يرى الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـ"إيلاف" أن الوضع الإقتصادي اليوم يشهد جمودًا، والناس في حال ترقب وانتظار، وخاصة أن السياحة ضعيفة أو معدومة، والجميع ينتظر، وفي لبنان، المشاكل ليست إقتصادية، بل سياسية، ومتى حُلَّت الأمور السياسية يزدهر الاقتصاد، والناس اليوم متخوفون أمنيًا وسياسيًا، بعد أحداث عرسال وإقفال الطرق، وكلها تزعج الجميع.

النزوح السوري وضريبته
كيف يؤثر النزوح السوري على اقتصاد لبنان؟ يجيب حبيقة: "هو ثقل كبير على لبنان، خصوصًا أن المساعدات الخارجية لم تصل بشكل كاف، هناك مبالغات في الأرقام، والخوف إذا طال الموضوع مع نزوح دائم، ولكن في الوقت الحاضر هناك موضوع إنساني يغلب على الموضوع المالي".

عن أوضاع القطاعات الإقتصادية في لبنان من سياحة وصناعة ومصارف، يرى حبيقة أنها كلها جامدة، فالسياحة ضعيفة جدًا هذا العام، الصناعة عادية جدًا مع عدم وجود استثمارات جديدة، ولا ننسى أن الدول العربية أوضاعها متعثرة، وأوروبا وضعها لا يحسد عليه بالنسبة إلى الصناعة.

أما الزراعة في لبنان فمنذ زمن طويل وضعها صعب، واليوم النموذج الاقتصادي اللبناني لم يكن ناجحًا، فبدءًا من التسعينات كان الحديث بأن لبنان لا يمكن إلا أن يكون بلدًا سياحيًا، وبالتالي الصناعة والزراعة وغيرها أُهملت منذ انتهاء الحرب اللبنانية، أي في التسعينات، وفي ظروف كالتي نعيشها اليوم يظهر أن هذا النموذج خاطئ، فقد ضعفت السياحة لأسباب لا علاقة لنا بها، لذلك جمد كل البلد بفعل ذلك، لأن الصناعة والزراعة غائبتان.

يضيف: "نأمل بعد تلك الأحداث أن يُعيد المسؤولون النظر في النموذج الاقتصادي في لبنان الذي يعتمد أساسًا على السياحة. ويجب الإتكال أكثر في المستقبل على تعزيز قطاعي الصناعة والزراعة، وأقل على السياحة.

وضع المصارف
عن وضع المصارف يقول حبيقة إن لديها ودائع كثيرة، والمشكلة في توظيف تلك الودائع، لأن القطاعات الإقتصادية لا تقوم باستثمارات جديدة، ولكن وضع القطاع المصرفي سليم، ووضع الليرة في لبنان متين.

ويرى حبيقة أن اللبناني يستطيع أن يستمر بوضع اقتصادي كهذا، ولكن سيكلف ذلك البلد أكثر، ولا وجود لانهيار اقتصادي في لبنان، بل جمود من خلال نمو خفيف. والجيل الجديد الذي يدخل سوق العمل اليوم من الصعب عليه أكثر أن يجد فرص عمل مناسبة، مع وجود ترحيب أخفّ من دول الخليج في استقطاب الشباب اللبنانيين.

الحل سياسي
يؤكد حبيقة أن الحلول تكمن في السياسة أولًا، والأمن مرتبط بالسياسة، ويجب القيام بإجراءات اقتصادية في مختلف القطاعات، من صناعة وزراعة وغيرها من خلال تسهيل الإجراءات والخدمات.

عن الفساد الإداري الذي يعانيه لبنان، يقول حبيقة إن الوضع الإداري مرتبط بالسياسة الفاسدة في البلد. ولا محاسبة ولا رقابة على الأعمال، فالموظف "الآدمي" لا أحد ينظر إليه، والموظف الفاسد تتم ترقيته. ويؤكد حبيقة أن الوضع الاقتصادي سيستمر على ما هو عليه في السنوات المقبلة، إذ لا نهوض اقتصادي في لبنان بوجود مشاكل في سوريا والعراق.
&