حذر شيخ الأزهر، أحمد الطيب، من انتشار ظاهرة الإلحاد في مصر، كما طالب علماء بتشريع يمنع نشر العلمانية، فيما ينظم مجلس كنائس مصر مؤتمرًا للشباب&لمناقشة الإلحاد.

القاهرة: بعد سنوات من الصمت، اعترفت مؤسستا الأزهر والكنيسة بانتشار الإلحاد بين الشباب المصري، فخرج أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ليؤكد أن الإلحاد ليس موضوعًا هامشيًا، بل من التحديات الكثيرة التي تواجه البلاد.

دينية وزمنية

وأشار شيخ الأزهر إلى أن نظرية البريطاني تشارلز داروين في التطور تستخدم عند الملحدين لتبرير الإلحاد. وأضاف خلال لقائه الأسبوعي عبر التلفزيون المصري أن هناك هيئات ومؤسسات في البلاد معنية بهذا الأمر.& على الجانب الآخر، ينظم مجلس كنائس مصر مؤتمرًا للشباب من 23 و25 تشرين الأول (أكتوبر) لمناقشة الإلحاد، بمشاركة 100 شاب وفتاة مقسمين على 20 كنيسة من خمس كنائس مصرية مؤسسة لمجلس كنائس مصر، وبمشاركة عدد من قادة الكنائس.

ومواجهة الإلحاد لم تقتصر على المؤسسة الدينية فقط، بل وصل الأمر إلى إعلان الحكومة المصرية تصديها للظاهرة، فأعلن وزير الأوقاف محمد مختار جمعة ووزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز عن إطلاق حملة قومية لمكافحة ظاهرة انتشار الإلحاد بين الشباب، والاستعانة بعدد من علماء النفس والاجتماع والسياسة والأطباء النفسيين.

دراسة أميركية

على الرغم من خطورة الإلحاد، إلا أنه لا توجد دراسة رسمية مصرية عن عدد الملحدين حتى الآن. لكن هناك دراسة أميركية صادرة عن مؤسسة "بورسن مارستلير" بنيويورك، كشفت& أن عدد الملحدين في مصر وصل إلى 3% من عدد السكان، أي أكثر من مليوني ملحد، وفقًا لاستطلاع أجرته جامعة إيسترن ميتشيغان الأميركية، وذلك بعد الحراك الشعبي الأخير الذي أعقب ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وانتهى بما حدث في 3 تموز (يوليو) 2013.

وبعد أن كانت مصر تتصدر الدول الأكثر تدينًا في العالم في العام 2009، بنسبة 100% وفقًا لاستطلاع معهد جالوب، صارت الآن في مقدمة دول الشرق الأوسط الأكثر إلحادًا، مشيرًا إلى أن أكبر محافظات مصر من حيث عدد الملحدين هي القاهرة، تليها الإسكندرية، وهناك بؤرة إلحادية في الإسماعيلية وأخرى في الشرقية. أما محافظات الصعيد فخالية تمامًا من الإلحاد.

وفي دراسة أجراها باحثون أميركيون في العام 2004، وتعتبر الأولى من نوعها لدراسة علاقة الانتحار بالدين، تبين أن أكثر المنتحرين من اللادينيين، قتلوا أنفسهم ليتخلَّصوا من تعاستهم.

قلة الوعي الديني

من جانبه، أوضح عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، أن الأرقام السابقة مبالغ فيها بشكل كبير، ولم يتحوّل الإلحاد في مصر إلى ظاهرة، "لكن بلا شك الإلحاد أمر غريب عن الأسرة المصرية, وشيخ الأزهر طالب بضرورة حوار رجال الدين مع الشباب خوفًا من نشر الإلحاد بينهم، في ظل الحراك السياسي والفكري عقب ثورتي يناير ويونيو".

وقال لـ"إيلاف": "القرآن الكريم تكلم في سورة الحج عن الإلحاد، فقال الله عز وجل "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد، كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير"،& وبالتالي كل ملحد وراءه شيطان، أو شخص لديه قوة شيطانية، أو قوة خارقة للتأثير على من ليست لديه ثقافة دينية، أو وعي كامل بالدين".

تقصير عام

وأشار الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، إلى أن الإعلام والقنوات الفضائية مسؤولة بشكل كبير عن اختفاء الوازع الديني لدى الشباب، بسبب وجود برامج شيطانية كانت سببًا في إلحاد الشباب. في الوقت نفسه تتحمل الأسرة جزءًا كبيرًا من المسؤولية، لانشغال الوالدين عن متابعة أبنائهم وتعليمهم دينهم، ما كان سببًا في خلق شباب سطحي الفكر والثقافة.

وأضاف رئيس لجنة الفتوى الأسبق أن علماء الدين في المؤسسة الدينية يتحملون أيضًا مسؤولية نشر الإلحاد في مصر، "إذ يفتقدون لآليات الرد على الملحدين فكريًا لما يعانون منه من سطحية الفكر ومظهرية الدعوة".

وعن جزاء الملحد، قال أبو الحسن لـ"إيلاف": "إن الله تعالى تكلم عن وصف الملحدين بقوله "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد ".

تدخل الرئيس

طالب عبد الغني سعد، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، كافة المؤسسات الدينية وأجهزة الدولة بتحمل مسؤوليتها لكي تنتصر لشرع الله عن طريق تطبيق الشريعة.

كما طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بضرورة التدخل لمواجهة تفشي الإلحاد في مصر، بتشريع قانوني يراقب كل من يبث بوسائل الإعلام المرئية والمقروءة ما يخالف شريعة الله، ويدعو إلى نشر العلمانية.

وقال لـ"إيلاف": "هناك اختراق خارجي متعمد لنشر الفتن، إذ يتم إقصاء الأزهر الشريف، وتحول مصر من دولة سنية إلى علمانية". واشار إلى أن السبب الرئيس في نشر الإلحاد هو الغزو الفكري الذي يأتي من الغرب.
&