تزايدت حدة الخطابات في الفترة الأخيرة في لبنان، بعدما هدأت حدتها في الفترات السابقة، ويعتبر الكثيرون أن للمثقفين في لبنان دورهم الأساسي في عدم تحول الحرب الكلامية والخطابات إلى حرب في الشارع.


ريما زهار من بيروت: تطرح حدة الخطابات المطروحة أخيرًا من مجمل الفرقاء في لبنان السؤال حول دور الخطاب السياسي اللبناني في تهدئة الأجواء الأمنية أو ربما إشعالها.

في هذا الصدد يعتبر الإعلامي علي الأمين في حديثه لـ"إيلاف" أن الخطاب السياسي وتفاعل الحرب الكلامية& قد تنفجر حربًا في الشارع، إذ لا شك أن الإعلام والخطاب السياسي يغذّي الشارع، والإعلام يتغذى من الشارع، بمعنى أنه ينهل من السلبي في المجتمع، ولا يمكن القول إن الإعلام يتحمّل المسؤولية بمفرده، بل هو مجرد أداة من الأدوات المتصارعة سياسيًا في المجتمع.

عن دور المثقفين في منع الحرب الكلامية والخطاب السياسي من الوصول إلى أزمات في الشارع، أكد الأمين أن هناك مسؤولية كبيرة اليوم تقع على عاتق النخب الثقافية، غير أن المؤسف اليوم أن جزءًا كبيرًا من المثقفين أو الأكثرية لم يعد لديهم الدور المفترض أن يلعبوه، الدور النقدي، الأعلى من السياسي، وما نلحظه أن المثقفين أصبحوا برتبة إنقسام السياسيين، أصبحوا أيضًا كوسائل الإعلام المنقسمة على نفسها، لم نعد نرى سلطة ثقافة داخل المجتمع، جزء كبير من المثقفين أصبحوا بركب المشهد الانقسامي في البلد، وأصبحوا أداة من أدوات الصراع السياسي، ولم يعد لديهم دور يمكن الحديث عنه، اليوم دورهم الثقافي السابق إنحسر بنسبة كبيرة، وبدأنا نلحظ تراجعًا على حساب السياسة.

تنازلوا عن دورهم
ولفت الأمين إلى ضرورة تعزيز دور المثقفين الذين تنازلوا عن دورهم النقدي لمصلحة السياسة، وأصبح دورهم تدعيم الرأي السياسي القائم، وليس نقده، لذلك المثقف لا بد أن يكون في الموقع النقدي للسياسة والإجتماع، وهو الدور الأهم للمثقف من خلال النزعة النقدية على المستوى السياسي والاجتماعي، وإذا لم تتوافر هذه النزعة النقدية التي تحمل رؤية تغييرية، نكون خسرنا كل شيء على حساب التبعية.

جهل الدول
أما الإعلامي العراقي منتظر الزيدي فأكد لـ"إيلاف" أن الخطابات السياسية لبعض السياسيين قد تنفجر حربًا في الشارع، ويقع الأمر برأيه من ضمن الجهل الذي يصيب الأمة العربية جمعاء، فالجميع يتخاصم مع الجميع من أجل رفع رصيدهم لدى الشعب، ولكن كل من يعتمد على الفتنة والكراهية، من أجل أن يكون لديه جمهور ومناصب، هؤلاء ليسوا قادة في الأمة، لأنهم لا يقودون الفكر، إنما يقودون أحقاد الناس وضغائنهم وإحباطاتهم ضد الفريق الآخر.

لذلك برأيه، "الإحباطات التي تمر بها الأمة العربية ككل، تجعل الجمهور يرغب في أن يشتم السياسي الآخر المختلف عنه سياسيًا، ويزايد على الوطنية، فيصبح بمثابة " فشة خلق" للمواطنين".

عن دور المثقفين في لجم كل تلك الأمور يقول الزيدي إنه يبقى محدودًا، لأن المثقفين والإعلاميين المحايدين باتوا قلائل، وأولئك الذين يؤمنون بالموضوعية أصواتهم ضعيفة، ووسائل الإعلام اللبنانية يملكها أصحاب المال، الذين هم أمراء الحروب والفتن، لذلك لا دور فعليًا للمثقف، ويبقى العزاء في بعض وسائل التواصل الإجتماعي من أجل توعية الناس أكثر وإفهامهم بأن الفريق الآخر لا يختلف عنهم إلا بالفكر، وهو أمر طبيعي وعادل جدًا، ويجب تركيز المثقفين على الوسائل البديلة لوسائل الإعلام من أجل إعادة روح المواطنة، هو دور صعب جدًا يصلح أن يكون بمصاف دور الأنبياء المصلحين.

أمل الزيدي كبير في الإعلام اللبناني وبأنه سيتطوّر، لأنه يبقى مثالاً للإعلام العربي منذ نشأته، وسوف ينتفض الإعلاميون اللبنانيون على هذه الإحتكارات من قبل رجال المال والسياسة.
&