اعتدى النائب اللبناني والمحامي نقولا فتوش على الموظفة في قصر عدل بعبدا منال ضو، لأنها لم تسارع إلى مساعدته، وهو الوزير السابق والنائب الحالي والممدد لنفسه قسرًا، ما اثار استياءً لبنانيًا واسعًا.

&
بيروت: لا تنتهي مآثر نقولا فتوش، النائب اللبناني عن منطقة زحلة. فهو الذي كان "أم الصبي" حين مدد المجلس النيابي اللبناني لنفسه قبل سنة، وهو أم نفس الصبي اليوم، من خلال مشروع قانون فتوش لتمديد نيابته ونيابة 128 نائبًا، بالرغم من رفض شرائح كبيرة من الشعب اللبناني هذا التمديد.
&
أراد صفعها
اليوم، أضاف فتوش إلى مآثره جديدًا. فهو بكل بساطة رفع يده ناويًا صفع الموظفة منال ضو في النيابة العامة بقصر العدل في بعبدا، لأنها لم تسمح بمرور معاملة "سعادة النائب" قبل غيره من مواطنيه. ثم قبل فتوش نفسه اعتذار الموظفة منال ضو نفسها، لأنها سمحت لنفسها بأن تعيق "سير الدولة كلها" بتأخير معاملة سعادته، ولأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، ولأن "لكمة فتوش" تمر ليبقى في صحن منال ضو وعائلتها وظيفة يعتاشون منها.
وهكذا، بلعت منال ضو (34 عامًا) الصفعة&المقدرة واعتذرت منه، بينما يقول العقل والمنطق والقانون، خصوصًا أن ما حصل كان في أحد قصور العدل ببيروت أم الشرائع، أن يعتذر هو منها. وهكذا، بلغ من فتوش التكبر عتيًا، فقال على باب قصر العدل، بعد مصالحة بينه وبين منال ضو: "أخطأت واعتذرت، ولو لم تُخطئ لم تعتذر".
&
أنا الوزير!
ماذا حصل في الحادية عشرة من قبل ظهر الاثنين في قصر العدل ببعبدا؟
بدأ الأمر بحسب شهود عيان بسؤال فتوش الموظفة منال ضو في قلم تسجيل الشكاوى: "هنا الشكاوى؟". أجابته وهي منشغلة بما أمامها من أوراق ومعاملات، من دون أن ترفع نظرها: "هنا شكاوى المحامين، وهناك شكاوى الناس".
وقعت هذه الاجابة على فتوش وقوع الصاعقة، فهو لم يقبل أن تفضل معاملة مواطن غيره على معاملته، فرفع صوته، وكال لها ما لذ له وطاب من الشتائم.
سألته منال ضو عن سبب صراخه وشتائمه، وسألته من يكون، فتدخّل مرافق سعادة النائب الممدد له، وقال لمنال ضو إنه قد عرّف عن نفسه بأنه "الوزير فلان". لكن يبدو أن منال ضو المنشغلة بمعاملات الناس لم تسمع تعريف "دولته" عن نفسه. حينها، بالغ فتوش في رد فعله، بحسب الشهود أنفسهم، ورفع يده عاليًا يريد صفع منال ضو، لولا رده عنها الآخرون. واجمع الشهود في هذه القضية أن منال لم تنتبه لفتوش، ولم تتقصد تأخيره، بل أرادت الانتهاء من جمع أوراق معاملة أمامها، قبل أن تباشر معاملة فتوش.
تدخل المدعي العام الاستئنافي في بعبدا القاضي كلود كرم لفض الخلاف، وفي مكتبه انقضى الأمر، واتخذت منال ضو قرارها بعدم ملاحقة فتوش، نزولًا عند رغبة كرم.
&
واجتمع اليوم الثلاثاء وزير العدل أشرف ريفي مع نوال ضو، بحضورالقاضي كرم في قصر العدل ببعبدا، وأكد لها أنه مع حفظ كرامتها،وأن تحقيقًا بحادثتها قد فتح مع فتوش، بالرغم من أنها تخلت عن صفة الادعاء الشخصي في القضية، خوفًا من اية تداعيات.​
&
لا يسقط الحق العام
استنكرت رابطة موظفي الادارة العامة في بيان لها الاعتداء على منال ضو، ودعت الى محاسبة فتوش. وجاء في بيان الرابطة :"بالأمس، عشية التئام المجلس النيابي بعقده التشريعي، احد صور الديموقراطية في لبنان، اقدم النائب الحالي والوزير السابق والمحامي نقولا فتوش على توجيه صفعة إلى هذه الديموقراطية، لا يهم إن كانت كلامية أو يدوية، المهم أنها صفعة وجهت الى الموظفة في الادارة العامة وبالتحديد في قصر العدل ببعبدا الزميلة منال ضو".
اضاف البيان: "ان الرابطة اذ تستنكر اشد الاستنكار هذا التصرف الصادر عن نائب وممثل للشعب اللبناني، تعلن تضامنها مع الزميلة منال ضو، وتحترم مواقفها وخصوصيتها والحل السلمي الذي اختارته في مكتب سعادة القاضي كلود كرم، لكنها تشجب كل إساءة الى الادارة العامة وموظفيها، وكأن هذه الادارة لا يكفيها القمع الراتبي فجاءها هذا القمع من ما كان يفترض فيه أن يدافع عن الدولة ومؤسساتها وموظفيها".
تابع البيان: "إن الرابطة تضع هذه الحادثة المستنكرة في عهدة المجلس النيابي المنعقد اليوم لإنتخاب لجانه ومقرريها وبين يدي رئيس مجلس النواب ولجنتي حقوق الانسان والادارة والعدل والقضاء، وكذلك وبرسم نقابة المحامين ومنظمة العمل الدولية، وتعلن انها ستمارس حقها الديموقراطي بالدفاع عن العاملين في الادارة وعن الادارة، وإنه من غير المسموح التعرض للموظفين، ولن تمرر هكذا ممارسات دون محاسبة، وأن تنازل الزميلة ضو عن حقها الشخصي لا يسقط الحق العام، وانها تدعو العاملين في الادارة الى ممارسة حقهم في محاسبة النائب فتوش في صناديق الاقتراع يوم تعود الديموقراطية الى هذا الوطن".
&
يساق مخفورًا!
أسقطت منال ضو حقها في ملاحقة فتوش قضائيًا، لأنها احترمت رأس القاضي كرم أولًا، ولأنها خافت على لقمة عيشها ثانيًا. تقول المحامية مي محمود لـ"إيلاف": "لو تقدمت منال ضو بالشكوى ضد فتوش، لكان وقع عليه حكم المادة 381 من قانون العقوبات، فهذه المادة تنص على أن من ضرب موظفًا أو عامله بالعنف والشدة أثناء ممارسته الوظيفة أو في معرض ممارسته إياها أو بسببها، يعاقب عليها بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات".
تضيف محمود: "إلى ذلك، يحاكم فتوش بمقتضى المادة 383، والتي تنص على أن التحقير بالكلام والحركات أو التهديد الذي يوجه الى موظف أثناء قيامه بالوظيفة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر"، من دون أن ننسى أن المادة 381 تتحدث عن حق عام، لا يسقط حتى لو لم تقم منال ضو بمقاضاة فتوش".
وتصف محمود ما جرى في قصر عدل بعبدا بالجرم، "فهذا يتجاوز مسألة سوء التفاهم، فالنائب فتوش تعدّى على كرامة منال ضو، متناسيًا أنه محامٍ في الأصل، قبل أن يكون مسؤولًا في الدولة، وفي الحالين يفترض به أن يحمي المواطن اللبناني ويرفع من كرامته، في المجلس النيابي وفي خارجه".
تضيف: "ما حصل إهانة مشهودة من قبل محامٍ، مؤتمن على القانون، ومن قبل نائب مؤتمن على المواطنين، وبالقانون، تسقط حصانة النائب بالجرم المشهود، وتشدد العقوبة بالاعتداء على موظف عام خلال تأديته الوظيفة ويلقى القبض عَلَيْهِ مخفورًا ويساق الى السجن لمحاكمته". وتعرف محمود حق المعرفة، ومعها كل الشعب اللبناني، أن شعرة من رأس فتوش لن تمس. إنتهى الموضوع، وذهبت الصفعة في سبيل النسيان.
&
تغريدات معترضة
لكن، إن كان الهجوم على فتوش في العالم الواقعي متعذرًا قليلًا، فناشطو العالم الافتراضي نالوا منه بشكل قاسٍ، فأصبح وسم #نائب_مدد_ايده الأكثر تداولًا بين المغردين اللبنانيين حول العالم.
فقد غرد احدهم قائلًا: "ايدو الطويلة يلي كانت تسرق اليوم صارت تضرب". وغرد آخر: "مدام فتوش كم كف بتاكلي من معاليه؟". فيما غرد ثالث: "لو في دولة ما كان حتى رفع راسو، وقدم استقالتو بلحظتها". وغرد مغرد: "لا تواخذنا كنا مفكرينك تبولة، طلعت فتووش".
وغردت الاعلامية ريما نجيم قائلة: "في ملايين غرّدوا ضدك يا حضرة النائب! شو ممكن تعمل فيهن، حفلة ضرب جماعي، مثلًا كفّ كفّ عالماشي وبعدين اعتذارات؟"
وصل عدد المغردين على هذا الوسم نحو مليون مغرد، اعترضوا على ما فعله فتوش، ورفعوا سقف اعتراضهم ليطال المجلس النيابي كاملًا.&
طالب مغردون برفع الحصانة عن فتوش، لمحاسبته على فعلته.

&