لا يستبعد الخبراء الصحيون الألمان، وبحكم حركة الهجرة اللاشرعية الكثيفة من غرب أفريقيا، أن ينتقل وباء ايبولا إلى ألمانيا. ويعتبر طرح أول سيارة من نوعها لمكافحة وباء ايبولا خطوة مهمة في الاستعدادات الجارية للمرض في ألمانيا.

ماجد الخطيب: أصبحت عربة الاسعاف IRTW من شركة مرسيدس أول سيارة من نوعها، مختصة في مواجهة الأوبئة، ووباء ايبولا على وجه الخصوص. والاسم اللاتيني هو مختصر عبارة "سيارة اسعاف ضد الأوبئة" باللغة الألمانية، ودخلت الخدمة أخيرًا كأول سيارة من نوعها في مدينة لايبزج الشرقية. والسيارة اكبر من سيارات الاسعاف المعهودة وتتسع لطاقم العمل والأجهزة المتنوعة.

معدن مضاد للجراثيم

هذه السيارة حجر صحي ومصح ومختبر متنقل يجري فيه انقاذ المصابين بالمرض وعزلهم عن بقية الناس. وهي مكيفة وتغيّر جوها على مدار الساعة وبطريقة لا تسمح بتسلل الفيروسات إلى الخارج. وزودت مرسيدس مخارج الهواء بتقنية لرفع درجة الهواء الخارج إلى 200 درجة مئوية، وهي درجة حرارة كفيلة بقتل كل الجراثيم.

يقول يواخيم بيتراش، من دائرة اطفاء لايبزج، إن دواخل السيارة مصنوعة من معدن غالٍ لا تنمو عليه الجراثيم، لا تثبت عليه الصبغات المواد، وسهل التنظيف. ثم انها مجهزة بتقنيات كاملة، وأجهزة طبية، وأدوية كثيرة، ولا تحتاج إلى التوقف للتزود بها في المستشفيات، ولا تحتاج إلى سيارة مرافقة.

يلبس المسعفون فيها ملابس خاصة، نقية من الجراثيم إلى حد كبير، ولا يخرجون بها إلى خارج السيارة. زجاجها ضد الرصاص والكسر لتجنب كافة الاحتمالات التي قد تنجم عن حادث أو ما شابه. وهناك نافذة زجاجية من زجاج أمين بين كابينة السائق وداخل السيارة، ولا يستطيع السائق الحديث مع طاقم العمل إلا بواسطة اللاسلكي.

ويمكن تزويد سيارة IRTW بمعدات أخرى وأدوية اضافية عند الحاجة، بواسطة خراطيم مفرغة من الهواء وخالية من الجراثيم. ويمكن للسيارة أن تحتفظ بالمريض لفترة طويلة إذا كانت خارج المدن، أو أن تنقله إلى حجر صحي قريب في المدينة. ويمكن، عند الحاجة، وفي حالات الخطر، استخدام اسطول صغير متصل من سيارات الاسعاف.

سنتان لتطوير السيارة

عمل مهندسو مرسيدس طوال سنتين على تطوير واستكمال تقنية سيارة الاسعاف الخاصة بمكافحة الأوبئة الخطيرة. وتجرى عليها أولى التدريبات في دائرة اطفاء لايبزج حاليًا. ويضم طاقم العمل مسعفين مختصين وأطباء وخبراء في الصحة يتدربون منذ الآن لمواجهة حالة انذار ممكنة، ويرتفع سعر السيارة الواحدة من مرسيدس IRTW إلى 250 ألف يورو.

وكانت ألمانيا استقبلت طوعيًا يوم 27 آب (اغسطس) الماضي أول مريض مصاب بفيروس ايبولا، وتم نقله في إجراءات أمنية مشددة، وبواسطة سيارة اسعاف خاصة، إلى عيادة ايبندورف الجامعية في هامبورغ.

خرج المريض معافيًا، ولا أثر لفيروس ايبولا في دمه، بعد 5 أسابيع من العلاج. وذكر الأطباء الألمان أن ما فعلوه لم يكن تجربة، وإنما طريقة علاجية موفقة، لكنهم لم يتحدثوا عن سر نجاحهم أيضًا.

وقال شتيفان شميدل، المختص بأمراض المناطق الحارة، أنهم استخدموا أساليب علاجية بسيطة في معالجة المريض. واكد شميدل أنه متأكد من أن ما فعلوه مع المريض القادم من سيراليون كفيل بتقليل نسبة الوفيات بسبب فيروس ايبولا إلى حد كبير.

قبل ذلك، أثارت الصحافة ضجة حول أسباب استقبال المريض، وحذرت في الوقت ذاته&من احتمالات انتشار المرض أثناء اجراءات النقل داخل ألمانيا. ويبدو أن سيارة IRTW المصفحة من مرسيدس ستطمئن الصحافة الألمانية تجاه احتمالات انتشار الوباء أثناء نقل المرضى.

تعويض عن المستشفيات

تحدث وزير الصحة الاتحادي هيرمان غروهة، في معرض حديثه عن استعدادات ألمانيا لمواجهة وباء ايبولا، عن 50 سريرًا في عيادات مختصة لمعالجة المرضى. إلا أن رينيه غوتشالك، من معهد روبرت كوخ الطبي الرسمي شكك في هذا الرقم، وفي طاقة المستشفيات الألمانية على استيعاب الحالة.

واستقبلت مستشفى في هامبورغ مريضًا قادمًا من افريقيا، يعاني من أعراض مماثلة لأعراض وباء ايبولا. واستغرق الأطباء ساعتين كي يشخصوا عدم اصابته بالمرض، إلا أن المريض كانت له اتصالات مع العديد من الممرضات والزوار خلال تلك الفترة، وكان من المحتمل أن ينتشر المرض فعلًا في ألمانيا لو أن الرجل كان مصابًا حقًا بايبولا.

هذا يعني انه يمكن لسيارة الاسعاف ضد الأوبئة أن تعوض عن نقص الأسرة المتخصصة بعلاج الوباء في المستشفيات الألمانية، وهذا سيفرض على شركة مرسيدس رفع طاقة إنتاج IRTW إلى أعلى مستوى.