نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مزاعم غربية بانه يحاول إعادة بناء الإمبراطورية السوفياتية على حساب الدول المجاورة، واتهم الولايات المتحدة يوم الجمعة بتعريض الأمن العالمي للخطر من خلال فرض "إملاءات من جانب واحد" على بقية العالم وحول اللوم في الأزمة الأوكرانية إلى الغرب.


نصر المجالي: في هجوم لاذع استمر 40 دقيقة على الغرب في خطاب أمام مؤتمر نادي النقاش الدولي (فالداي)، قال بوتين إن الولايات المتحدة أعلنت نفسها منتصرة في "الحرب الباردة" واعتزمت إعادة تشكيل العالم بما يتناسب معها، وانتهكت نظام العلاقات الدولية بالنتيجة.
وبدأت فعاليات مؤتمر فالداي، الجمعة، في منتجع سوتشي المطلة على البحر الأسود.

وأشار بوتين إلى أن هذا تصرف من أصبح غنيا فجأة وانهالت عليه ثروة كبيرة: الزعامة العالمية، وقال إن "الحرب الباردة" انتهت، لكنها لم تنته بـ"السلام" والاتفاقات الواضحة والشفافة حول القواعد والمعايير الجديدة، مشيرا إلى أنه بدلا من إقامة توازن جديد للقوى وهو شرط ضروري للنظام والاستقرار، فقد تم اتخاذ خطوات أدت إلى تفاقم الأوضاع.

الأبيض إلى أسود

وأضاف الرئيس الروسي "لقد تراجع القانون الدولي والموضوعية والعدل خطوة بعد خطوة وراحت ضحية للسياسة الملائمة، كما أن السيطرة الكاملة على وسائل الإعلام العالمية حولت "الأبيض" إلى "أسود" والعكس".

ويعتقد بوتين أن واشنطن تضطر إلى التعامل مع أخطاء سياستها الخارجية، ومكافحة التهديدات الجديدة، وقال: "يبدو في بعض الأحيان أن أصدقاءنا وزملاءنا يعانون من نتائج سياساتهم الخاصة. ويسخّرون جميع قواهم للتخلص من المخاطر ويدفعون ثمنا غاليا لهذا".

يذكر أن نادي (فالداي) الدولي عبارة عن اجتماعات دورية للخبراء البارزين المتخصصين في دراسة السياسة الداخلية والخارجية لروسيا، وكان تم تأسيسه في أيلول (سبتمبر) من العام 2004، بمبادرة من وكالة أنباء "نوفوستي" الروسية.

وأضاف بوتين أن روسيا حذرت مرارا من مخاطر الحملات العسكرية أحادية الجانب، والتدخل في شؤون الدول ذات السيادة، والتعامل مع المتطرفين والراديكاليين، وأصرت على إدراج الجماعات المقاتلة ضد الحكومة السورية، وخاصة "داعش"، في قوائم المنظمات الإرهابية.

وصرح الرئيس الروسي أن التدخل الغربي وضع ليبيا على شفا الانهيار. وقد تحولت هذه البلاد إلى ساحة لتجنيد الإرهابيين، وجهود القاهرة وحدها ساعدت على تجنب الفوضى.

واستطرد بوتين قائلاً: "تم وضع هذه البلاد على شفا الانهيار وتحولت إلى ساحة لتجنيد الإرهابيين. إن إرادة وحكمة القيادة الحالية في مصر وحدها ساعدت على تجنب الفوضى وانتشار المتطرفين في هذه البلاد العربية الرئيسية".

تدهور العلاقات

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العقوبات ذات الدوافع السياسية المفروضة على روسيا بالخطأ الذي يضر الجميع.

ويشار إلى أن أن العلاقات بين روسيا والغرب تدهورت بسبب الوضع في أوكرانيا، وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد انتقلت في نهاية تموز/يوليو من العقوبات ضد الأفراد والشركات إلى اتخاذ إجراءات ضد قطاعات كاملة من الاقتصاد الروسي. وفرضت روسيا، مقابل ذلك، القيود على صادرات المنتجات الغذائية من الدول التي شاركت في العقوبات ضدها.

وقال بوتين أمام (فالداي) حيث شاركت مجموعة غير رسمية من الخبراء في الشؤون الروسية ضمت العديد من المتخصصين الغربيين الذين يوجهون له انتقادات: "نحن لم نبدأ هذا"، ولكنه حذر من أن واشنطن تحاول "إعادة تشكيل العالم كله" استنادا لمصالحها.

وتساءل بوتين وهو يشير إلى سلسلة من الصراعات التي نسب الخطأ فيها إلى أفعال الولايات المتحدة وشملت ليبيا وسوريا والعراق إن كانت سياسات واشنطن عززت السلام والديمقراطية.

ورد بوتين بقوله "لا". وأضاف "الإملاءات من جانب واحد وفرض مشروعات (على الآخرين) يؤدي إلى الأثر العكسي بالضبط."

تصعيد اللهجة

وصعّد بوتين (62 عاما) تصريحاته المعادية للغرب منذ عودته إلى الكرملين في منصب الرئيس عام 2012 مما ساعد في صعود شعبيته منذ ان ضم منطقة القرم من أوكرانيا في آذار (مارس) الماضي.

من ناحية أخرى، دعا بوتين إلى إجراء محادثات بشأن الشروط المقبولة دوليا لاستخدام القوة وانتقد ما وصفه بأنه تدخل أجنبي تعسفي في شؤون داخلية لدول أخرى.

وقال بوتين إن من يسمون أنفسهم "المنتصرين" في الحرب الباردة يريدون نظاما عالميا جديدا يناسبهم فحسب، وأشار خلال كلمته إلى أن النظام الأمني الدولي والإقليمي تم إضعافه.

وشدد بوتين على أن روسيا بلد قوي بعد عقدين من انتهاء الحرب الباردة وقال إن موسكو لن "تتوسل" لرفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على موسكو بشأن الأزمة في أوكرانيا.