تثير الهجمات الأخيرة في الدول الغربية مخاوف الأجهزة الأمنية في تلك الدول من مدى تغلغل ما يمكن تسميته بـ"ذئاب منفردين" أو يرتبطون بتنظيمات متطرفة.
&
لندن:&اعتقلت الشرطة البريطانية مؤخرًا أربعة أشخاص بتهمة التخطيط لتفجيرات على غرار هجمات مومباي في الهند عام 2008. واعتقلت السلطات الاسترالية خلية تضم 12 عضوا بتهمة التخطيط لارتكاب أعمال قتل مثيرة بينها عملية ذبح يُقطع فيها رأس الضحية علنا في مكان عام. &
&
وفي كندا هاجم مسلح مبنى البرلمان وقتل جندياً كان يقف امام نصب الجندي المجهول في العاصمة اوتاوا فيما دهس شاب بسيارته جنديين توفي احدهما متأثرا بجروحه. &وكانت لدى منفذي هذه الهجمات ارتباطات بالتطرف الاسلامي في كلا الحالتين. &
&
وفي نيويورك هاجم رجل اربعة من رجال الشرطة بفأس اصاب اثنين منهما بجروح في رأس احدهما وذراع الآخر. &
&
أثارت هذه السلسلة من الحوادث التي وقعت خلال الأسابيع الأربعة الماضية مخاوف جديدة في الغرب من قدرة المتطرفين الذين يعملون تحت راية تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" على دفع افراد لتنفيذ ما يُسمى "هجمات ذئاب منفردين" في انحاء العالم رغم انهم لا يرتبطون بالتنظيم ارتباطاً مباشراً أو يكون ارتباطهم واهياً في احسن الأحوال.
&
ولا يوجد دليل على وقوف شبكة ارهابية ذات تنظيم مركزي وراء هذه الهجمات. &ولكن خبراء لاحظوا أنها في كل حالة كانت من تخطيط أو تنفيذ افراد دفعتهم وحرضتهم رسائل متطرفين إسلاميين يروجون فكر داعش، وكلها حدثت في شهر واحد منذ بدأ داعش يحث المسلمين في الغرب على تنفيذ مثل هذه الهجمات. &
&
وقال وليام ماكانتس الباحث المختص بالتطرف الاسلامي في معهد بروكنز "ان مؤيدي تنظيم القاعدة لم يفعلوا ذلك ذات يوم، وهم بكل تأكيد لم يفعلوه على هذا النحو المنسق وبمثل هذا التقارب الزمني".&
&
وأوضح الباحث ماكانتس لصحيفة نيويورك تايمز "ان عقودا من دعوات تنظيم القاعدة الى المسلمين في الغرب ان ينفذوا هجمات بمفردهم كانت في الغالب لا تلقى آذانا صاغية بعكس مؤيدي داعش الذين يتفجرون طاقة". &
&
ويتفق محللون على أن المخططات التي تُرسم في مناطق بعيدة عن دائرة نشاط داعش في الشرق الأوسط والهجمات التي تُنفذ فيها تشير الى حدوث تغير في طبيعة التنظيم وطبيعة تهديده للغرب.&
&
وبخلاف تنظيم القاعدة أو غيره من الجماعات الجهادية، كان داعش يركز في السابق على السيطرة على الأرض في سوريا والعراق وقتل من يعدهم أعداء في عرفه، وليس شن حرب عالمية على الغرب، كما كانت حملة اسامة بن لادن. &ولكن منذ ان بدأت الضربات الجوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تستهدف معقل داعش في سوريا حاول الرد بتحريض المتعاطفين معه في الغرب على توجيه ضربات مضادة نيابة عنه وباسمه.&
&
وقال الباحث في المركز الليبرالي للتقدم الاميركي في واشنطن مختار عواد ان رسائل داعش على مواقع التواصل الاجتماعي الى المسلمين في الغرب تغيرت بحدة من "تعالوا وشاركونا هجماتنا" الى "نحن نتعرض للهجوم وماذا أنتم فاعلون؟ جالسون هناك لا تفعلون شيئا". &
واضاف عواد الذي كان يتحدث خلال زيارة للقاهرة "ان داعش يحاول إشعار المتعاطفين معه بالخجل قائلا لهم "إذا كنتم لا تستطيعون الالتحاق بنا هنا فعلى الأقل افعلوا ما بوسعكم هناك"".
&
ويرى باحثون مثل عواد ان ردود داعش التي جاءت سريعة في كندا وبلدان أخرى والجمع بين اعمال العنف المثيرة وذكائه الإعلامي على الانترنت مع جسارة مقاتليه التي تبدت باجتياح مدن كبيرة في العراق، كلها قد تمكن داعش من تفعيل هجمات ينفذها ذئاب منفردون كالهجوم على البرلمان الكندي من دون ان يحتاج الى بناء شبكة دولية أو تنظيم عالمي. وإذا تمكن داعش من التأثير في آخرين فان هؤلاء الذئاب الذين يعملون منفردين سيمثلون خطرا منتشرا وسائدا لم يكن بمقدور تنظيم القاعدة إلا ان يحلم به.&
&
ويرى البروفيسور برنارد هيكل المختص بدراسة التطرف الاسلامي في جامعة برنستون الاميركية ان داعش يقوم بخصخصة العنف التي كان تنظيم القاعدة يدعو اليها منذ عقود. وقال هيكل لصحيفة نيويورك تايمز إن هذه الهجمات التي ينفذها ذئاب منفردون كانت تحدث في السابق مشيرا الى مثال الطبيب النفسي العسكري نضال حسن الذي قتل 13 شخصاً في قاعدة عسكرية في ولاية تكساس عام 2009. &
&
ويلفت محللون إلى أن تكتيكات داعش الجديدة اوقعت الأجهزة الأمنية الغربية في مأزق. إذ جاءت الهجمات الأخيرة وسط اجراءات واسعة تتخذها الدول الغربية لمنع مواطنيها من السفر الى سوريا والعراق للانضمام الى قوات داعش خشية ان تكون عودتهم لاحقاً مصدر تهديد داخلي. ولكن هجوم المسلم مايكل زيهاف بيبو على مبنى البرلمان الكندي اظهر انه كان اصلا مصدر خطر وان منعه من السفر بعدما ابلغ والدته انه يعتزم الرحيل الى سوريا للقتال هناك ، لم يفعل سوى إبقاء هذا الخطر في الداخل. &
&
من جهة أخرى، قال الباحث المختص بمكافحة الارهاب في مؤسسة اميركا الجديدة براين فيشمان ان داعش اراد بعد الضربات الجوية أن يضغط على اعدائه مثلما تحاول أي دولة لردع العدوان عليها أو معاقبته بالرد بالمثل. &وان داعش يرى في تحريض افراد على تنفيذ هجمات بمبادرة فردية منهم رداً استراتيجيا على الضغط الذي يواجهه من التحالف الدولي في دائرة نشاطه في الشرق الأوسط. &
&
واضاف فيشمان ان كثيرين كانوا يتوقعون مثل هذا الرد ضد الغرب بعد الضربات الجوية ولكن الانتقال الى تنفيذ هجمات باتجاه الغرب كان مجرد مسألة وقت. &واضاف "ان لدى الأسرة الجهادية من الزخم ما يتيح نقل العنف الى الغرب". &