مع أولى زخات المطر، انطلقت حملة شعبية عراقية لإغاثة النازحين، تطالب بتوفير كرفانات (بيوت متنقلة) لهم لحمايتهم من البرد والمطر والظروف الصعبة التي قد يواجهونها في فصل الشتاء.


عبد الجبار العتابي من بغداد: أطلق ناشطون عراقيون حملة كبرى في بغداد، وعلى شبكات التواصل الإجتماعي، للضغط على الحكومة ورجال الأعمال والمشهورين لتوفير كرفانات للنازحين في ‫العراق بسبب قدوم فصل الشتاء، مؤكدين أن هذه الكرفانات اسهل وانسب طريقة لحل مشكلة المهجرين.

واعرب عدد من الشباب أنهم بدأوا بنشر لافتات في بعض شوارع بغداد للتنبيه الى خطورة اوضاع النازحين في فصل الشتاء، حيث الظروف الجوية الصعبة التي ستزيد من معاناة الناس هناك، لاسيما أن الاطفال وكبار السن سيتعرضون الى الامراض بسبب البرد.

فيما راح البعض يطالب اعضاء مجلس النواب العراقي بالتبرع برواتبهم لشهر واحد من اجل تخصيص الكرفانات.

حملة تضامن

أكد الناشط ماهر مكي على ضرورة وجود صوت قوي لإغاثة النازحين.

وقال: "الخيم لا تحمي الاطفال من البرد والامراض، والوضع المقبل سيكون صعبًا بالنسبة لهذه الاسرة التي هجّرت من بيوتها رغماً عنها، فيما الحكومة لا تهتم لهم كثيرًا وكأنها غير مسؤولة عنهم، لذلك طالبنا بتجهيز العوائل النازحة بالكرفانات".

أضاف: "انا واحد من الذين يشاركون في هذه الحملة بعد أن وجدنا أن اول الغيث الممطر اغرق الامكنة والمخيمات التي يسكنها النازحون ونحن نعرف أية عذابات يعيشها هؤلاء البعيدون عن بيوتهم وخاصة الاطفال منهم وكبار السن، انا اشعر بالحزن لانني لا استطيع أن اعمل شيئًا لهم وليس لي سوى أن اتضامن معهم باللسان، وإن كان هذا اضعف الايمان عسى أن تسمعنا الحكومة".

بلد النفط والمليارات

الناشط المدني ياسين عبد الله، أكد ان الكرفانات هي ابسط ما يمكن تقديمه.

وقال: "ليس لدينا سوى أن نقول، كرفانات للنازحين.. يا بلد النفط والمليارات، نريد أن نعلن عن انسانيتنا بشكل صريح وواضح، فالبرد القارس القاتل على الابواب، وهناك مئات الالاف من النازحين في العراء، ما ذنب الاطفال والنساء والشيوخ وهم يعيشون وضعاً مأساويًا؟ ونحن نعرف جميعاً أنهم يتعذبون فلا شيء لديهم جيد، لا مأكل ولا مشرب ولا سكن، لذلك ندعو لتوفير ابسط ما يمكن توفيره لهم وهو الكرفانات عسى أن يحموا انفسهم الى أن يمن الله عليهم بالعودة الى منازلهم".

واضاف: "نحن كناشطين مدنيين نطالب بقوة من الحكومة أن تتحمل مسؤولية هؤلاء الناس، ومن المعيب جدًا أن بلد النفط والمليارات لا يستطيع أن يوفر لأبنائه كرفانات لحمايته".

أمر لا يرضينا

يشير المحامي عبد الستار احمد الى ضرورة توفير كرفانات للنازحين.

وقال: "وضع النازحين تعبان جداً وخاصة ما سيكون عليه في الأيام المقبلة، حيث الأمطار والفيضانات، وهم يسكنون في خيم وابنية المدارس التي كلنا يعرف أنها غير صالحة للسكن، وهذا امر لا يرضينا لأن هؤلاء اخوتنا في الوطن وحمايتهم وحماية اطفالهم مسؤوليتنا جميعًا".

واضاف: "اقترح توفير كرفانات فهي تقاوم اكثر ومعزولة لأن العوائل تتكون من نساء واطفال، وهذه الكرفانات يصنعونها في محافظة واسط، غرفة بمساحة 6 × 4 بحوالي اربعة ملايين دينار عراقي (حوالي 3 الاف دولار اميركي)، نطالب الحكومة العراقية بحماية العوائل المهجرة من ديارهم وتوفير المسكن والملبس لهم فوراً".

رواتب الكبار

إلى ذلك، اقترحت الكاتبة لطفية الدليمي أن يتبرع البرلمانيون برواتبهم لشهر واحد لشراء كرفانات.

وقالت: "فليقتطعوا من رواتب البرلمانيين والوزراء والرؤساء المنعمين في المنطقة الغبراء وليشتروا كرفانات للعراقيين المظلومين المحرومين حتى من سقف يحميهم وجدار يؤمن ليلهم ابن دينهم وشهامتهم وادعاءاتهم".

أضافت: "ألا يكفي احدهم مليون دولار شهريًا؟ فليتبرعوا بشهر واحد من رواتبهم لشراء كرفانات تحمي الامهات والاطفال والشيوخ والفتيات من غول الشتاء وغيلان البشر".

اما عماد البهادلي، موظف، فقد اكد على أن يتدخل المجتمع الدولي: "النزوح الدي جرى ويجري وحسب تصنيف سلّم الطوارئ فإنه يُعتبر كارثة وليس أزمة، ولأن تصنيفه ارتقى الى درجة الكارثة فهذا يعني أن معالجاته لا تتم بموارد الدولة فقط، بل يجب أن يتدخل المجتمع الدولي ايضًا".

أضاف: "مقترح نصب الكرفانات جيد من الناحية النظرية لكنه لن يحل ازمة اكثر من مليوني نازح، وربما يكون حلاً موقتًا لأزمة ستستمر طويلاً".

رسالة الى رئيس مجلس النواب

من جانبها، وجهت الناشطة المدنية والكاتبة سلوى زكو رسالة الى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري تطالبه فيها توفير كرفانات للنازحين.

وقالت: "هناك حملة يقوم بها نشطاء الفايسبوك للمطالبة بتوفير كرفانات للنازحين لا اعرف إن كان وقتك قد سمح بالاطلاع عليها".

أضافت: "خلاصة الامر أن هؤلاء النازحين وعددهم يقارب المليونين قد داهمهم موسم الشتاء فمزق خيامهم وتركهم يعيشون في العراء وسط برك من مياه الامطار. وتتلخص الفكرة في الدعوة الى توفير كرفانات لهم تحميهم من قسوة موسم الشتاء، نعرف أن الدولة لا تملك الاموال اللازمة لتغطية كل متطلبات هذه الحملة، لكنّ هناك اقتراحاً يوفر جانبًا كبيرًا من هذه الاموال وهو أن يتبنى مجلس النواب قراراً ملزمًا للجميع باقتطاع نصف رواتب اعضاء البرلمان والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة واعضاء مجالس المحافظات للأشهر الثلاثة المقبلة".

وتابعت: "هذا كثير على العراقيين الذين اوصلوهم الى ما هم فيه؟ هذا وقت تبييض الوجوه وليجرؤ واحد من اعضاء البرلمان أن يصوت بالضد من هذا القرار، القضية تحتاج الى حل فوري خارج الصندوق على ألا تودع الاموال بأيدي اللصوص، أدام الله السقوف فوق رؤوسكم".

مطالبة الامم المتحدة بمساعدات

النائب عن محافظة نينوى محسن السعدون، دعا الأمم المتحدة ودول الجوار إلى إرسال كرفانات وخيم للنازحين خاصة مع حلول موسم الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة.

وقال النائب عن التحالف الكردستاني: "عدد المهجرين قارب المليون و250 الف نازح يعيشون أوضاعاً مأساوية ويعانون فقدان أبسط مقومات الحياة، ونحن نواب نينوى نطالب الأمم المتحدة بالتحرك السريع لتوفير كافة المستلزمات اللازمة للمهجرين".

واضاف: "ندعو الأمم المتحدة ودول الجوار الى إرسال كرفانات وخيم الى النازحين خاصة مع بدء موسم الشتاء البارد وهطول الأمطار الغزيرة".

المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أكدت في وقت سابق أن أحوال النازحين مأساوية، وقد أصيب اغلب الأطفال بنزلات برد وإسهال شديدين بعد موجة البرد الأخيرة، كما أن "الأمطار الغزيرة والرياح اقتلعت الكثير من الخيام خاصة في مناطق دهوك واربيل"، وفيما بيّنت أن النازحين يطالبوننا بإيصال أصواتهم لصناع القرار، أوضحت إنها ومنذ ثلاثة أشهر ناشدت لجنة إغاثة النازحين بضرورة وضع خطط لتلافي حالات الطقس التي يمكن أن تتسبب بهلاك الكثير منهم.