أدلى الناخبون في تونس بأصواتهم الاحد في أول انتخابات تشريعية وفق دستور الجمهورية الثانية المصادق عليه بداية 2014، وبلغت نسبة الاقبال نحو 60 بالمئة بحسب ارقام موقتة، رغم أن الاقتراع حاسم في هذا البلد الذي ينظر اليه باعتباره "بارقة أمل" في منطقة مضطربة.


تونس: ترتدي هذه الانتخابات في تونس&أهمية بالغة إذ سينبثق عنها برلمان وحكومة منحهما الدستور الجديد صلاحيات واسعة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

ولا يتوقع أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تنظم الاقتراع، النتائج قبل الاثنين.

النهضة والنداء في الصدارة

ورغم وجود عدد كبير من القوائم الحزبية والمستقلة والائتلافية، فإن الحزبين اللذين يتوقع أن يحصلا على عدد اكبر من المقاعد هما حزب النهضة الاسلامي وحزب نداء تونس الليبرالي العلماني.

وقال الباجي قايد السبسي زعيم حزب نداء تونس في تصريحات اثر غلق مكاتب الاقتراع، إن حزبه لديه "مؤشرات ايجابية" تفيد بأن حزبه في الطليعة، بيد أنه حرص على التأكيد أنه لا يمكن الحديث عن نتائج الانتخابات قبل الاعلان الرسمي من قبل هيئة الانتخابات.

ورفض حزب النهضة من جهته اعطاء أي توقعات. ورفض احد قادته عبد الحميد الجلاصي اعطاء توقعات داعياً الطبقة السياسية الى انتظار اعلان النتائج المتوقعة الاثنين.

إقبال متوسط

وأعلن شفيق صرصار رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في مؤتمر صحافي اثر غلق مكاتب الاقتراع& أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 59,99 بالمئة.

وبدأت فور انتهاء التصويت عملية فرز الاصوات العلنية بحضور كل من يرغب وخصوصًا اعضاء القوائم المترشحة والمراقبين.

ويبلغ عدد الناخبين المسجلين خمسة ملايين و285 ألفاً و136 بينهم 359 ألفاً و530 يقيمون في دول أجنبية، بحسب إحصائيات الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات.

وبالنسبة الى المقيمين في الخارج، بدأت عملية التصويت& الجمعة واستمرت حتى الاحد.

أوباما أول المهنئين

وهنأ الرئيس الاميركي باراك اوباما الشعب التونسي على الانتخابات التشريعية التي وصفها بـ"الديموقراطية".

وقال الرئيس الاميركي في بيان "باسم جميع الاميركيين اهنئ شعب تونس على الانتخاب الديموقراطي لبرلمان جديد، وهو مرحلة مهمة في الانتقال السياسي التاريخي لتونس".

وتابع اوباما "أن التونسيين بوضعهم بطاقات الاقتراع في الصناديق اليوم انما يواصلون إلهام الناس في منطقتهم وفي العالم كما فعلوا خلال ثورة 2011، ومع اعتماد دستور جديد خلال هذا العام".

واضاف الرئيس الاميركي في بيانه "أن الولايات المتحدة تكرر التزامها دعم الديموقراطية في تونس واقامة شراكة مع الحكومة المقبلة للاستفادة من الفرص الاقتصادية وحماية الحرية وضمان الامن لجميع التونسيين".

تنافس محموم

وخلافاً لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي كلف صياغة الدستور الجديد، والتي أجريت في 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011، وتمكن الناخبون من التصويت فيها بمجرد بطاقة اثبات الهوية، لا يحق هذه المرة التصويت لغير المسجلين ضمن سجلات الاقتراع.

وتنافست في الانتخابات التشريعية 1327 قائمة (1230 قائمة في الداخل و97 في الخارج) موزعة على 33 دائرة انتخابية (27 في الداخل و6 في الخارج) بحسب هيئة الانتخابات.

وتضم القوائم الانتخابية اسماء نحو 13 الف مرشح "على أساس مبدأ +المناصفة+ بين النساء والرجال، وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة" الواحدة، وفق القانون الانتخابي.

وسينبثق عن الانتخابات "مجلس نواب الشعب" الذي سيمارس السلطة التشريعية لمدة خمس سنوات.

وسيضم المجلس 217 نائبًا بينهم 199 عن 27 دائرة انتخابية في الداخل و18 نائبًا عن ست دوائر في الخارج.

عرس ديمقراطي

وفي مكاتب الاقتراع كانت الاجواء جيدة، حيث كان ناخبون يتبادلون التهاني بعد التصويت وتلوين سبابتهم اليسرى بالحبر الانتخابي.

وقالت صفاء الهلالي (مدرسة 27 عامًا) "لأكون صريحة لقد جئت للقيام بالواجب اكثر مما هو اقتناع باللوائح المتنافسة"، مضيفة "يتعلق الامر بمستقبل الشباب والاجيال القادمة".

ورغم المخاوف من حدوث اضطرابات خصوصًا هجمات ارهابية، فقد جرى الاقتراع دون حوادث تذكر.

ونشرت السلطات 80 الف جندي وشرطي لتأمين هذه الانتخابات التي سينبثق عنها اول مجلس شعب للجمهورية الثانية لولاية من خمس سنوات.

وقالت انيمي نويتس يوتوبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي بعد ظهر الاحد، "حتى الان الامور تسير بشكل اكثر من مريح".

واشاد رئيس الوزراء مهدي جمعة بـ "اليوم التاريخي" وقال أثناء قيامه بالتصويت في مكتب اقتراع شمال العاصمة تونس إن "في نجاح هذه العملية (الانتخابية) ضمان للمستقبل، وكذلك ضمان لانفتاحنا على الخارج، وبصيص أمل نعطيه للشباب في المنطقة، والذي أوضاعه في كثير من البلدان صعبة".&

وبحسب استطلاعات للرأي أجريت في وقت سابق ومحللين، فإن حزبي "نداء تونس" (وسط) و"حركة النهضة" الاسلامية هما الأوفر حظاً للفوز في هذه الانتخابات.

واستبعدت القوى السياسية الكبرى حصول حزب بمفرده على الاغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة، لأن النظام الانتخابي النسبي المعتمد يسهل وصول الاحزاب الصغيرة.

ومطلع 2014 اضطرت حركة النهضة التي حكمت تونس عامي 2012 و2013& إلى التخلي عن السلطة لحكومة غير حزبية بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لاخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية في 2013.

وتقود الحكومة غير الحزبية التي يرأسها مهدي جمعة، البلاد حتى الانتهاء من الانتخابات العامة.

وتنظم الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية في 23 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة لفرانس برس خلال وقوفه في طابور للناخبين أمام مركز اقتراع جنوب العاصمة تونس: "التونسيون يصنعون اليوم لأنفسهم تاريخًا جديدًا ويصنعون للعرب تاريخًا جديداً مع الديموقراطية، ويبرهنون (...) أن الذين فجروا ثورة الربيع العربي متمسكون بالوصول بها الى غايتها في انتاج نظام ديمقراطي حديث".

من ناحيته، قال الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس للصحافيين بعد قيامه بالتصويت في مركز اقتراع شمال العاصمة: "في انتخابات 2011، ادليت بصوتي لتونس، واليوم اصوت لتونس. تحيا تونس".