&

&أوصت الاهوازية الايرانية الشابة ريحانة جباري في رسالة الى والدتها شعلة باكرفان بالتبرع بأعضائها لمن يحتاجها، وعدم اقامة قبر لها، وقالت إنها ستقاضي امام الله القضاة والمفتشين الذين ضربوها وتحرشوا بها وكل من ظلمها أو انتهك حقوقها.

&
قالت مهندسة الديكور الإيرانية الاهوازية السنية ريحانة جباري (26 عاماً)، والتي اعدمتها السلطات الايرانية السبت الماضي بتهمة قتل ضابط الاستخبارات الإيرانية مرتضى عبد العلي سربندي اثر اغتصابه لها في وصيتها التي حصلت "ايلاف" على نصها، إنها لا تريد أن تتعفَّن تحت الثرى أو لعينها أو قلبها الشاب أن يتحوَّل إلى تراب، ولذلك فهي تتبرع بقلبها وكليتها وعينيها وعظمها وكل ما يمكن زرعه في جسدٍ آخر هديةً إلى شخصٍ يحتاج إليها بمجرد إعدامها. وأكدت أنها لا تريد لهذا الشخص أن يعرف اسمها أو يشتري لها باقة من الزهور ولا حتى أن يدعو لها.
&
وطالبت ريحانة السنية من والدتها عدم بناء قبر لها تزوره وتبكى عنده وتعاني أو أن تلبس ثوب الحداد الأسود حزناً وأن تبذل ما في وسعها لنسيان ايامها الصعبة وأن تتركها لتبعثرها الريح.
واكدت أنها تستسلم الآن وتقابل الموت بصدر رحب .. وامام محكمة الله ستوجه الاتهام إلى المفتشين،&وإلى القاضي، وإلى قضاة المحكمة العليا الذين ضربوها وهي مستيقظة ولم يتورَّعوا عن التحرش بها.
واضافت قائلة "أمام الخالق سأوجه الاتهام إلى كُل من ظلمني أو انتهك حقوقي سواءً عن جهلٍ أو كذب". وخاطبت ريحانة والدتها قائلة "في الآخرة سنوجِّه نحن الاتهام وسيكونون هم مُتهمين .. دعينا ننتظر إرادة الله .. أردتُ أن أضمكِ حتى أموت ..أحبك".
&
وفي ما يلي نص وصية ريحانة لوالدتها:
&
عزيزتي شعلة،
علمت اليوم أنه قد جاء دوري لمواجهة القصاص. أشعر بالأسى لأنكِ لم تخبريني بنفسكِ أني قد وصلت إلى نهاية رحلتي في الحياة. ألا تعتقدين أنه من حقي أن أعرف؟ أتعلمين؟ أشعر بالخزي لأنكِ حزينة. لماذا لم تعطيني الفرصة لأُقبِّل يدكِ ويد أبي؟
&
لقد عشتُ 19 سنةً في هذا العالم. في تلك الليلة المشؤومة كان يجب أن أكون أنا القتيلة. كان جسدي ليُلقى في إحدى زوايا المدينة؛ وبعد أيام كانت الشرطة ستأخذكِ إلى مكتب الطبيب الشرعي لتتعرَّفي على الجثة؛ وكنتِ ستعرفين حينها أني قد اغتُصبت. لم يكُن أحدٌ ليتوصَّل إلى هوية القاتل؛ لأننا لا نملك أموالهم ولا نفوذهم. عندئذٍ كنتِ ستُكملين بقية حياتكِ في معاناة وعار؛ وكنت ستموتين كمدًا بعد بضع سنين؛ وكانت القصة ستنتهي.
&
لكن قصتي تغيَّرت بضربة ملعونة. لم يُلقَ جسدي جانبًا، بل أُودع في قبر سجن «أوين» بعنابره الانفرادية، والآن في سجن «شهر ري» الذي يشبه القبر. استسلمي للقدر ولا تشتكي. أنتِ تعلمين أكثر مني أن الموت ليس نهاية الحياة.
&
تعلَّمت منكِ أن المرء يولد في هذا العالم ليكتسب خبرات، ويتعلَّم دروسًا؛ وأن كل امرئ بما كسب رهينة منذ لحظة مولده. تعلَّمت أنه يجب على المرء أحيانًا أن يقاتل. أذكرُ حين أخبرتِني أن سائق العربة قد احتج على الرجل الذي كان يجلدني، لكن الجلَّاد ضرب رأسه ووجهه بالسوط؛ ليموت في النهاية بأثر ضرباته. لقد أخبرتِني أن المرء يجب أن يثابر حتى يُعلي قيمة، حتى لو كان جزاؤه الموت.
تعلَّمت منكِ وأنا أخطو إلى المدرسة أن أتحلَّى بالأخلاق الرفيعة في مواجهة الشجار والشكوى. هل تذكرين إلى أي حدٍ كنتِ تشددين على الطريقة التي يجب أن نتصرف بها؟ لقد كانت تجربتكِ خاطئة. حين وقعت الواقعة، لم تساعدني مبادئي. حين قُدمت إلى المحاكمة بدوت امرأةً تقتل بدمٍ باردٍ، مجرمةً لا تملك ذرة من رحمة. لم تسقط مني ولو دمعة واحدة. لم أتوسل إلى أحد. لم يغمرني البكاء لأني وثقت في القانون.
&
لكني اتُهمت باللامبالاة أمام الجريمة. أترين؟ لم أكُن أقتل حتى الحشرات؛ وكنت أرمي الصراصير بعيدًا ممسكةً بقرون استشعارها. أصبحت بين ليلة وضحاها قاتلة مع سبق الإصرار. لقد فسَّروا معاملتي للحيوانات على أنه نزوعٌ لأن أصبح ذكرًا؛ ولم يتكبَّد القاضي عناء النظر إلى حقيقة أني كنت أملك حينها أظافر طويلة مصقولة.
&
كم كان متفائلاً من انتظر العدالة من القضاة! لم يلتفت القاضي إلى نعومة يدي بشكلٍ لا يليق بامرأة رياضية، أو مُلاكِمة بالتحديد. البلاد التي زرعتِ فيَّ حبها لم تكن تبادلني الحب؛ ولم يساعدني أحدٌ وأنا تحت ضربات المُحقق وأسمع أحط ألفاظ السباب. وحين تخلَّصت من آخر علامات الجمال الباقية في جسدي بحلاقة شعري أعطوني مكافأة: أحد عشر يومًا في الحبس الانفرادي.
&
عزيزتي شعلة،
لا تبكي مما تسمعين. في أول يوم لي في مركز الشرطة آذاني ضابط كبير السن وغير متزوجٍ بسبب أظافري. عرفت حينها أن الجمال ليس من سمات هذا العصر: جمال المظهر، وجمال الأفكار والأمنيات، وجمال الخط، وجمال العيون والنظر، وحتى جمال الصوت العذب.
&
أمي العزيزة،
تغيَّرت فلسفتي وأنتِ لستِ مسؤولة عن هذا. لن تنتهي كلماتي فقد أعطيتها إلى شخصٍ تعهَّد بتسليمها إليكِ بعد أن أُعدم دون حضوركِ، ودون علمكِ. لقد تركت لكِ الكثير من الكتابات ميراثًا.
لكن، وقبل أن أموت، أريد أن أطلب منكِ أمرًا يجب عليكِ تلبيته بكل ما تستطيعين من قوة، وبأي طريقة في مقدورك. هذا، في الحقيقة، الأمر الوحيد الذي أريده من هذا العالم، ومن هذا البلد، ومنكِ. أعلم أنكِ تريدين وقتًا لإعداده؛ لذا أخبركِ جزءًا من وصيتي قبل الموت.
&
&لا تبكي واسمعيني جيدًا. أريدك أن تذهبي إلى قاعة المحكمة وتعلني رغبتي. لا يمكنني كتابة هذه الرغبة من داخل السجن لأن مدير السجن لن يسمح بمروره؛ لذا سيتوجَّب عليكِ أن تعاني من أجلي مرة أخرى. إنه الأمر الوحيد الذي لن أغضب إذا اضطررتِ إلى أن تتوسلي من أجله، رغم أني طلبت منكِ عدة مراتٍ ألَّا تتوسلي إلى أحد لينقذني من الإعدام.
&
أمي الطيبة،&
العزيزة شعلة،&
الأعز عليَّ من حياتي،
لا أريد أن أتعفَّن تحت الثرى. لا أريد لعينيَّ أو لقلبي الشاب أن يتحوَّل إلى تراب. توسَّلي لهم ليعطوا قلبي، وكليتي، وعيني، وعظمي، وكل ما يمكن زرعه في جسدٍ آخر، هديةً إلى شخصٍ يحتاج إليهم بمجرد إعدامي.&
لا أريدُ لهذا الشخص أن يعرف اسمي، أو يشتري لي باقة من الزهور، ولا حتى أن يدعو لي.
&أقول لكِ من أعماق قلبي أني لا أريد أن أوضع في قبر تزورينه، وتبكين عنده، وتعانين.
&لا أريدكِ أن تلبسي ثوب الحداد الأسود.&
ابذلي ما في وسعكِ لتنسي أيامي الصعبة. اتركيني لتبعثرني الريح.
لم يحبنا العالم؛ ولم يتركني لقدري.
&أنا أستسلم الآن وأقابل الموت بصدرٍ رحب؛ أمام محكمة الله سأوجه الاتهام إلى المفتشين؛ سأوجه الاتهام إلى المفتش «شاملو»؛ سأوجه الاتهام إلى القاضي، وإلى قضاة المحكمة العليا الذين ضربوني وأنا مستيقظة، ولم يتورَّعوا عن التحرش بي.
&أمام الخالق سأوجه الاتهام إلى الطبيب «فروندي»؛ سأوجه الاتهام إلى «قاسم شعباني» وكُل من ظلمني أو انتهك حقوقي، سواءً عن جهلٍ أو كذب، ولم يفطنوا إلى أن الحقيقة ليست دائمًا كما تبدو.
عزيزتي شعلة ذات القلب الطيب،
في الآخرة سنوجِّه نحن الاتهام؛ وسيكونون هم مُتهمين.&
دعينا ننتظر إرادة الله. أردتُ أن أضمكِ حتى أموت. أحبكِ.
ريحانة،
1 &نيسان (أبريل)، 2014
&
وكانت المعارضة الايرانية دعت أمس الاثنين &الى تحقيق دولي مستقل في اعدام السلطات الايرانية لريحانة، وحذرت الغرب من أن المفاوضات والصفقات مع نظام دموي لم يلتزم بأي تعهد هي خنجر في قلب حقوق الانسان وخيانة للقيم والاهداف التي بنيت الأمم المتحدة على اساسها . وطالبت زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية مريم رجوي باجراء تحقيقات دولية مستقلة حول اعدام ريحانة جباري معتبرة اعدامها بمثابة نموذج من احكام الاعدام التعسفية والعشوائية والاجرامية التي أخذت ابعاداً أكثر توسعًا في عهد الرئيس الايراني الحالي حسن روحاني.
&
ومن جانبه، اشار المجلس الوطني للمقاومة الايرانية الى أنه بناء على جميع الشواهد والأدلة، "فإن الاعدام الاجرامي الذي طال ريحانة جباري بعد تحملها 7 سنوات ونصف السنة في السجن وتحت التعذيب وذلك رغم الاحتجاجات الواسعة والمناشدات الدولية قد نفذ بدوافع واسباب سياسية بحيث كان عملاً غير قانوني حتى في اطار قوانين الملالي العائدة الى عصور الظلام".
واضاف المجلس أن ريحانة "قد أعتقلت بسبب الدفاع عن نفسها أمام تحرش عنصر لمخابرات الملالي عليها، فلم يلتزم جلادو النظام بالحد الأدنى من ترتيباتهم القانونية خلال عملية التحقيقات ومحاكمتها لأنهم كانوا يخافون من كشف أسرار مافيا الارهاب والقتل والفساد لنظام الملالي أي وزارة المخابرات".&
&
وكانت السلطات الايرانية قد اعدمت جباري شنقا في احد سجون العاصمة الإيرانية طهران السبت الماضي . وكانت جباري قد اعتقلت في عام 2007 لقتلها مرتضى عبدالعالي سربندي وهو موظف سابق في وزارة الاستخبارات الإيرانية وحكمت محكمة جنائية عليها بالاعدام في عام 2009.&
&
وكانت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وجهت في وقت سابق نداءات تحث فيها الحكومة الإيرانية على وقف تنفيذ حكم الإعدام بحق جباري. وقال مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان إن القتل كان دفاعاً عن النفس في مواجهة محاولة اغتصاب، وإن جباري لم تلقَ محاكمة عادلة. وكانت منظمة العفو الدولية قالت في بيان نقلاً عن "مصدر موثوق" إن سرباندي، استأجر جباري "ذات الـ 19 عاماً حينها"، والتي تعمل مصممة داخلية، للعمل في مكتبه، وقامت جباري بطعنه بعد أن اعتدى عليها جنسياً.
&ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، أعدمت إيران 170 شخصاً على الأقل خلال العام الحالي وفي عام 2013، نفذت إيران أكبر عدد من أحكام الإعدام في العالم باستثناء الصين أكبر دولة من حيث عدد السكان، وتصنف إيران وعدد سكانها 81 مليون نسمة في المرتبة 19 عالمياً في أحكام الإعدام. &
&
&